أمير منطقة المدينة المنورة يرعى ندوة “الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما” بنسختها الثانية
زهير بن جمعه الغزال
رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، ندوة “الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما” بنسختها الثانية، التي تنظمها رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وذلك في رحاب المسجد النبوي الشريف.
واستهلت فقرات الحفل، بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم استمع الحضور إلى كلمة سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، ألقاها نيابة عن سماحته، معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد الماجد، وأوضحت الكلمة ملامح من قصة هجرة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة وقدومه المدينة المنورة وبنائه مسجده الشريف وما تتابع عليه من التوسعات، كان أعظمها وأكبرها ما تَمَّ في العهد السعودي المبارك.
وقال سماحته: لقد مَنَّ الله -تعالى- على هذه الدولة المباركة منذ قيامها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-؛ بأن شرفها ومكَّنها من خدمة بيته الحرام، ومسجد نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وكان ذلك من التوفيق للمسلمين الذين يفدون إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة بكل طمأنينة ويسر، الأمن يضرب أطنابه، والخدمات والتسهيلات تزداد يوماً بعد يوم تنظيماً ورُقيّاً وكفاءة.
وتابع: الإعمار والبنيان والتوسعات هنا في المدينة في مسجد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وما يتصل به، وهناك في مكة في المسجد الحرام والمشاعر المقدسة، كلُّ ذلك يشهد أن المملكة العربية السعودية قد جعلت الحرمين الشريفين في أعلى اهتماماتها، تخطيطاً وإعداداً، وميزانيةً وإرصاداً، ومتابعة وتنفيذاً، وأشار سماحته إلى أن في صدارة رؤية المملكة 2030 تمكين أكبر عدد من المسلمين من زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء نسكهم وشعائرهم.
وأضاف سماحته: إن قيادة المملكة الرشيدة وشعبها الكريم يبذلون الغالي والنفيس في خدمة الحرمين الشريفين، وقاصديهما؛ ولأنَّ من أهم ما يُقدّمُ لقاصدي الحرمين الشريفين من خدمات، هو التوجيه والإرشاد إلى أداء العبادة والنسك والشعيرة كما شرع الله تعالى في كتابه وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
وسأل سماحته الله تعالى في ختام كلمته أن يجزي ولاة أمرنا خير الجزاء على ما يقومون به من جهود عظيمة لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وأن يبارك في هذه الدولة ويزيدها عزاً وتمكيناً ورفعة، وأن يجزي سمو أمير منطقة المدينة المنورة خير الجزاء، وأن يتولاه في كل مهماته.
إثر ذلك، شاهد الحضور عرضاً مرئياً عن ندوة الفتوى في الحرمين الشريفين وأثر ذلك في التيسير على قاصديهما، ثم ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، كلمة الجهات المشاركة في أعمال الندوة، جاء فيها: نسعد اليوم بلقاء علمي، يتابع تأصيله الشرعيّ، في موضوع له حِوَارٌ، وعليه مدار، وهو الفتوى في الحرمين الشريفين، وأثرُها في التيسير على قاصديهما، ولا يخفى على الحضور الكريم أن الفتوى في هذا الشأن لها مساران، الأول فتوى عامة، فيما يَحتاج إليه قاصدو الحرمين الشريفين من البيان الشرعي، والآخر فتوى خاصة تتعلق بظرفية القاصد فيما يخصه وأمثالَهُ مِنْ حُكم شرعي دُون سواهم، وذلك فيما تختلف به الفتاوى والأحكام باختلاف الأحوال.
وأوضح معاليه: لإن مَثَّلْنا بأُنموذَج قريب للتيسير على قاصدي الحرمين الشريفين من خلال الفتوى المؤسسية الرسمية لأهل العلم والإيمان فهو قرار هيئة كبار العلماء بشأن وجوب الالتزام باستخراج تصريح الحج، وما فيه من التدليل والتعليل، وكم طال الحُجَّاجَ من عنت ومشقة جراء عدم التزام بعضهم شرط التصريح الذي يُحسب في زاد التقوى، وذلك لكونه محمولاً على واجب السمع والطاعة لصاحب الولاية، ولا شك أنه مِنْ تَقْوَى الله تعالَى، ولا ينتظم عِقْدُ الحجيج على التمام إلاَّ به.
وتابع: لهذا ما أحسن أن تُجمع تلك الفتاوى على صعيدٍ واحد، تحت عنوان واحد، صادرة عن مرجعيتها الرسمية تُهدى للحُجَّاج والعُمَّار، وما أسعدنا في هذا البلاد بالعقد الميمون لهيئة كبار العلماء وقد استوعبت الجميعَ بعلم وبصيرة ألَّفت بها القلوب، فأوْرَثَها المحبة والحفاوة والثقة، وقد جعلت الدليلَ والحكمة مرآتها فأبصرت، فبلغت برصيدها المستحق في الداخل والخارج مَقَاماً عالياً هي له أهل، والحمد الله على فضله.
ودعا المولى عزوجل أن يجزل الله مثوبة خادم الحرمين الشريفين، وسموّ وليّ عهده الأمين -حفظهما الله- على ما يقدمان لخدمة الحرمين الشريفين بخاصة، وخدمة الإسلام والمسلمين بعامة.
من جهته، قال معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، في كلمته، أن صدور الموافقة الكريمة على إقامة الندوة؛ تأتي امتداداً لجهود قادة هذه البلاد المباركة في خدمة الحرمين الشريفين، وإيصال رسالتهما السامية إلى العالم أجمع، وفق منهجها الوسطي القويم، المستمد من كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وأوضح معاليه أن انعقاد الندوة بنسختها الثانية في رحاب المسجد النبوي؛ تُعد تجسيداً لمنزلة المكان الذي شهد التشريعات والوقائع والأحكام، ولإثراء موضوع الفتوى من أهل الاختصاص، مبيناً أهمية الفتوى، وضرورة تأهيل المفتين، وإحاطتهم بأدلة الأحكام الشرعية، واضطلاعهم بالاستنباط، والقدرة على ربط الفروع بالأصول، وابتناء النوازل على القواعد والكليات، مع احتساب الأجر في إبلاغ هذا الدين، والنصيحة للمسلمين.
وعلى صعيد متصل، رعى سمو أمير منطقة المدينة المنورة، مراسم توقيع 3 اتفاقيات ثنائية بين رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي مع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وجامعة المعرفة، بهدف إنشاء كرسي الإفتاء في المسجد النبوي الشريف وإنشاء كرسي للبحوث ودراسات الإفتاء في المسجد النبوي، بالإضافة إلى تطوير وسائل التقنية في الفتوى وتفعيل الذكاء الاصطناعي في هذا الجانب.
وكان سمو أمير منطقة المدينة المنورة، قد اطّلع على مكونات المعرض الإثرائي المصاحب لأعمال الندوة، والذي يستعرض عبر المخطوطات، مراحل تطور الفتوى بين الماضي والحاضر، كما شاهد سموه خدمات الشرح والتوجيه والفتوى المقدمة للزوار من خلال تقنية الاتصال المرئي (عن بُعد) عبر الروبوت الكهربائي.
وفي نهاية الحفل، كرّم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، رؤساء الجلسات العلمية لندوة الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما، كما كرّم سموه الرعاة والمشاركين في أعمال الندوة التي تستضيفها المدينة المنورة.