تاريخ بكة 11] *دار الندوة*
إعداد: منصور جبر
تعتبر دار الندوة هي أول دار بُنيت في مكة المكرمة عند الكعبة بهدف التشاور، فكانت من أشهر دورها وأهمها.
أسسها قصي بن كلاب الجد الرابع للرسول صلى الله عليه وسلم بعدما أصبح زعيما لقريش وانتقال سدانة الكعبة إليه سنة 460 ميلادية.
اتخذ قصي بن كلاب دار الندوة مقراً لسكناه وإقامته، فجعلها داراً للشورى، وقد جعل بابها إلى جانب الكعبة.
كان يجتمع بدار الندوة حكماء وشيوخ مكة من قبائل قريش وخزاعة وغنى، وُينتقى لدخولها كل من تجاوز سن الأربعين أو الخمسين للتشاور والتحاور وإبداء الرأي فيما بينهم.
كان عمرو بن هشام حكيما وذا رأي سديد، فاختاروه ليكون معهم بدار الندوة وهو لا يزال في الخامسة والعشرين من عمره، لذلك سمي أبا الحكم، ثم سماه الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي جهل.
كانت دار الندوة مقرا لتنظيم وإدارة شؤون مكة، فتُعقد بها الأمور العامة والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، ففيها كان يتم عقد النكاح، وتعقد ألوية الحرب، وفيها يتم ختان الغلمان، كما كانت الجواري من بنات قريش يلبسن الدروع (أي القمصان) إذا بلغن المحيض في هذه الدار، ثمّ يُذهَبُ بهن إلى أهلهن فيحجبونهن، ومن دار الندوة كانت تنطلق القوافل التجارية من مكة.
بعد وفاة قصي وصلت زعامة دار الندوة إلى ابنه عبد الدار، ثم إلى أبنائه، ثم اشتراها حكيم بن حزام، واشتراها بعده عكرمة ابن هشام، ثم اشتراها منه معاوية بمائة ألف درهم وجعلها دارا للإمارة في مكة.
وأصبحت هذه الدار في زمن الأمويين وأوائل الحكم العباسي مقرا للخلفاء في موسم الحج.
ثم قام هارون الرشيد ببناء دار أخرى ليقيم فيها الخلفاء وهدم دار الندوة.
وفي أواخر القرن الثالث الهجري قام المعتضد بالله بإلحاقها بالمسجد الحرام.
ومن أهم الأحداث التاريخية والقرارات التي حدثت في دار الندوة، هي المعاهدة التي حدثت بين قبيلة خزاعة وبني هاشم، وكذلك الاجتماع الذي عقد من أجل تمهيد الأرضية لحلف الفضول وقد حضره النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي دار الندوة قررت قريش قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم نجاه الله سبحانه بهجرته إلى المدينة النبوية المباركة