مقالات

هل فلسطين أرضٌ عربية أم وطن قومي لليهود؟

بقلم مايكل عزت غالي 

يرجع تسمية فلسطين إلى الفلستيون، الذين كانوا يسكنوها في القرن الثاني عشر قبل الميلادي، واستقروا في بلاد غزة، وعسقلان، ومن بعدها اعتنقوا الديانة الكنعانية ومن بعدها أطلق على الأرض أرض كنعان.

ويعود الفضل في بداية الزراعة للحضارة الكنعانية؛ فأول مجتمع زراعي ظهر على وجه الأرض، كان في فلسطين على يد هؤلاء القوم، وهم أيضاً من اخترعوا الحروف الهجائية، فأهدوا للبشرية وعاء ثقافتها، ومعين تاريخها وحضارتها، وهم أول من صنع الزجاج فارتقوا بمستوى ذوق الإنسان؛ فبعد أن كان يستعمل أواني الفخار والحديد والنحاس، أصبح بفضلهم يستخدم الزجاج، وشتَّان بين الوعاء الزجاجي وآخر صنع من تلك المواد بالنظافة والشكل.

لكلِّ هذه الأسباب، كانت أرض فلسطين هي مهدُ الحضارات، وأرض الرسالات السماوية، ومن بعدها جاءت الديانة اليهودية، وبدأ الصراع بينهم واعتُبرَ اليهود الكنعانيون، ساميين في بعض الأحيان، وحاميين في أحيان أخرى، يتفاخرون بقتل الكنعانيين وحرق مدنهم وقراهم، وإبادة حرثهم ونسلهم في كل موقع كنعاني مرُّوا به، فالكنعانيون في نظرهم شعبٌ يجب أن يُمحى عن وجه البسيطة.

استمرت الحروب إلى أن جاء السيد المسيح
واعتنق عددٌ كبيرٌ من أرض أورشليم، الديانة المسيحية، وبدأت العداوة الشديدة بعد صلب المسيح بين اليهود والمسيحيين وباشروا في القبض على المسيحيين وقتلهم، خوفاً على مناصبهم وخوفاً من أن يُصبحوا أقليات في أورشليم (فلسطين) بالإضافة إلى تشتُّت اليهود في كل دول العالم.

حينما جاء الدين الإسلامي وبدأت الصراعات بينهم، مع مرور الوقت، أصبحت فلسطين ذات أغلبية مسلمة والمسيحيين واليهود أقلّية
وكان الجو السائد هو التعايش.

عندما طرحَ هرتزل في أواخر القرن التاسع عشر رؤيته حول إقامة دولة يهودية ووطن للشعب اليهودي في كتابه «الدولة اليهودية»، رحّبت الأحزاب السياسية الصهيونية بهذه الرؤية، واعتبرت هرتزل الأب المؤسس لدولة إسرائيل.

أيّدت الولايات المتحدة الأمريكية وعد بلفور عام ١٩١٧ وهي أوّل قوّة عالميّة تُبارك إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين
وأكّدت الحكومة البريطانية هذا الالتزام من خلال قبول الانتداب وكان عدد كبير من الجنود اليهود تدرّبوا على القوّة العسكرية خلال مشاركتهم في الحربين العالميتين.

و في سنة ١٩٤٨، أُجبر ثلاثة أرباع مليون فلسطيني على الرحيل عن وطنهم، بعد طردهم من المدن والقرى، التي احتلَّها المستوطنون اليهود، إمَّا بالترهيب وإما بقوة السلاح، وتُفيد بعض التقديرات بأن نحو 280 ألفاً من هؤلاء الفلسطينيين نزحوا إلى الضفة الغربية لـنهر الأردن، و٧٠ ألفاً إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن، و١٩٠ ألفاً لقطاع غزة، و١٠٠ ألف إلى لبنان ، و٧٥ ألفاً إلى سوريا، و٧ آلاف إلى مصر، و٤ آلاف إلى العراق، وتَوزّع الباقون على بلدان عربية أخرى، وكانت وجهة نزوح الفلسطينيين هي الأقرب إلى موقعهم، فعلى سبيل المثال كان معظم الذين نزحوا إلى لبنان من قضاء عكا وحيفا، ومعظم الذين نزحوا إلى سوريا من أقضية صفد وطبريا وبيسان ، بينما نزح معظم سكان مدينتَي اللد والرملة إلى الضفة الغربية لنهر الأردن، ونزح معظم سكان مدن الجنوب، مثل أشدود والمجدل وبئر السبع ، إلى قطاع غزة ومدينة الخليل.

تمت عملية ترحيل هذا العدد الكبير من الفلسطينيين تحت أنظار العالم بمباركة غربيّة، ولليوم يتعرّض الشعب الفلسطيني لأبشع طرق الإبادة من تدمير منازل والتهجير و تدمير المستشفيات و المدارس وقتل الأطفال ومنع أبسط حقوق الإنسان الطبيعية من أكل ومياه.

مقالات ذات صلة

‫42 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى