مقالات

ربيع جمال الجوهري يكتب عن (شهر رمضان زمااااااان)

لو سألتني ما الحاجة التي كانت موجودة فى رمضان ونفسك ترجع تانى؟
أقول لك :- ما افتقده انا شخصيا هو كل الطقوس القديمة التي عشتها بكل بساطة وبراءة وكانت بعيدة عن التكلف
لنبدأ برؤية هلال رمضان حيث لم تكن بالصورة التي هي عليها الآن بل كان يتم إذاعتها في الراديو الذي كان منتشرا بصورة متوسطة بين المتعلمين أوالتلفاز الذي لم يكن يمتلكه إلا طبقة الاغنياء في بلدنا
وبمجرد إعلان أن الغد هو أول شهر رمضان كنت تجد الفرحة والسرور بين الناس في كل الشوارع
وتبدا الاذاعة والتليفزيون في بث أغاني تراثيه مازالت متوارثة عبر الأجيال مثل :-
«رمضان جانا..
وفرحنا به..
بعد غيابه وبقاله زمان..
غنوا معانا شهر بطوله..
غنوا وقولوا
أهلا رمضان»..
فهي أغنية تراثية غناها الفنان الراحل محمد عبدالمطلب، كما كانت تطرب مسامعنا أغنية الراحل عبدالعزيز محمود : –
«مرحب شهر الصوم مرحب..
لياليك عادت بأمان..
بعد انتظارنا وشوقنا إليك جيت يا رمضان..
مرحب بقدومك يا رمضان
..إن شا لله نصومك يا رمضان»،
وكذلك أغاني الثلاثي المرح وفاء وصفاء وثناء:-
( أهو جه يا ولاد ، اهو جه يا أولاد )
و (وحوي يا وحوي)
ثم في أواخر الشهر تأتي أغنية المطربة شريفة فاضل «تم البدر بدري والايام بتجري
والله لسه بدري بدري يا شهر الصيام »
التى تدمع بسمعها العيون في وداع شهر رمضان

وفي اول ليلة لهذا الشهر الكريم يتم تجهيز السحور من داخل الدار حيث الفول المدمس الذي كان يتم تجهيزه داخل البيت مع البتاو والجبن والسمن البلدي

وآه لو أحد الجيران كان مقتدرا ماديا كنا نجده يجهز صينيه كنافه لتوزيعها علينا نحن الاطفال فكنا نشعر بالمتعه والسعادة
ثم نذهب بعد ذلك إلي صلاة العشاء لنؤديها ومن بعدها صلاة التراويح وكنا لا نكل ولا نمل حتي ولو إمام المسجد أطال في صلاته
ثم نخرج من المسجد الي أي مقهي صاحبها طيب لكي نشاهد فوازير رمضان التي كان يقدمها سمير غانم (فوازير فطوطة)التي استمرت فوق الثلاث سنوات ثم جاءت بعدها فوازير ( حول العالم )ثم فوازير (الف ليله وليله)التي قدمتهما الفنانة شريهان
ثم نخرج من المقهي لممارسه حياتنا الطبيعيه في اللعب حتي يأتي المسحراتي بطبلته الكبيرة المصنوعة من الجلد الطبيعي وهو يضرب عليها لكي يستيقظ الناس لتناول السحور وهو يقول :-
اصحي يا نايم
وحد الدايم
رمضان كريم
وكنا نلف معه إلي قرب بدء قرآن الفجر فنعود إلي بيوتنا لتناول وجبة السحور مع أهالينا ونذهب إلي المسجد لأداء صلاة الفجر ثم نعود لنخلد الي نوم عميق ثم نستيقظ لنصلي الظهر في المسجد ونستمر فيه لان المسجد قديما كان مفتوحا طوال النهار والليل وذلك لنقرأ ما نستطيع من أجزاء من القرآن الكريم وعندما نشعر بالتعب ننام في اماكننا تحت المراوح لكي نستطيع أن نقاوم حرارة الجو ونصوم اليوم كاملا

وعلي ما اتذكر فان اول صيام لي لهذا الشهر الكريم كان في منتصف يونيو من عام ١٩٨٥ حيث درجة الحرارة المرتفعه ولم يكن في داخل بيوتنا اي مراوح فنضطر إلي المكوث في المسجد المجاور لبيوتنا لفترات طويله حتي يوقظنا عامل المسجد لصلاة العصر ونخرج بعدها لنتجمع انا واصحابي ونلف علي بيوت الجيران التي تمتلك ثلاجات لكي نأتي ببعض قطع الثلج المكسر – اه والله العظيم – ومع كل واحد فينا كوبايه الومنيوم وكان عدد البيوت التي تمتلك ثلاجات من خمسه إلي سته بيوت في بلدنا ومن طيبة وعفوية أهل هذه البيوت إنهم كانوا يجهزون الثلج منذ الصباح الباكر وذلك بوضع علبة مكعبات أو شفشق ماء في الفريزر وينتظروننا عندما نذهب اليهم في قبيل المغرب فيقومون بتكسير الثلج بيد( الهون )وكل واحد ياخد نصيبه من الثلج في الكوباية ويعود إلي بيته وهو في قمة السعادة ثم يشتري كيس كركاديه ويصنع منه عصيرا مثلجا يستمتع بشربه مع أذان المغرب
وكان أهل الدار يجهزون وجبة الإفطار المكونة في معظمها من بتاو وجبنه وبطاطس أو فول مدمس وكنا نفطر ونقول الحمد لله
وآه لو تيسّر الحال ووجدنا (أرغفة من المخبز ) – فما ادراك ما رغيف المخبز والله زمان كان حاجه عظمة ، طعم إيه ومذاق إيه!! – ولو أمك داعية لك يكون معاه حته لحمه أو فراخ كنت نحس إنك امتلكت الدنيا ، خاصة وإن الطبخ لم يكن بالصورة المعتادة كما هو الآن نظرا للظروف الاقتصادية الصعبه ، فقد يطبخ أهل المنزل مرة في الشهر أو مرتين
وهكذا نخرج إلي صلاة العشاء والتراويح ثم سماع الفوازير ثم اللعب ثم انتظار المسحراتي ثم تناول السحور ثم الذهاب الي المسجد وهكذا
بيني وبينكم منها لله وسائل التكنولوجيا الحديثه فقد افقدتنا المسحراتي والفانوس النحاس ابو شمعه الذي تم استبداله بفانوس بيغني !!
، كانت أيام جميله والله

مقالات ذات صلة

‫39 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى