حرب الاستنزاف .. حرب الألف يوم وارقام وحقائق . الحلقة الاخيرة
كتب ؛ناصر الجزار
هنا نستعرض الجزء الاخير من سلسلة حروب الاستنزاف أو حروب الألف يوم.ونستكمل الحديث ب
كمين السبت الحزين (30 مايو 1970): في 30 مايو 1970 نفذ هذا الكمين في منطقة رقبة الوزة شمال القنطرة حتى جنوب بورسعيد وقد خطط للثأر لأطفال بحر البقر، واشتركت فيه مجموعة قتال من اللواء 135 مشاة ومجموعة قتال من الكتيبة 83 صاعقة. وحددت قيادة موحدة للقوتين وقد عبرت هذه القوات ليلا، واحتلت مواقعها لاصطياد مجموعات الإجازات للجنود الإسرائيليين، التي تحرسـها قوات مقاتلة مكونة من الدبابات والعربات المدرعة. وعند الظهر، خرجت على طريق القنطرة متجهة إلى جنوب بور فؤاد مجموعة القتال الإسرائيلية، المكونة من 4 دبابة، 4 عربات مدرعة، وحافلتا ركاب إجازات. وكان على الكمين الرقم 1 المكون من عناصر الصاعقة عدم التعرض لها، ويتركها تمر إلى أن تصل إلى الكمين الرقم 2 في منطقة جنوب التينة، حيث يفتح عليها أقصى معدلات النيران. وقد جرى تنفيذ ذلك تماما، وأصيبت دبابتان وعربة مدرعة وحافلة. وحاول الجزء المتبقي الهروب والعودة إلى القنطرة ليقع في شراك الكمين الرقم 1، حيث انقضت عناصر الصاعقة لتجهز على ما تبقى من القوة. وقد أسر فردان، وتدمرت الدبابات والعربات، وقتل وجرح حوالي 35 إسرائيليا، حيث أطلق على هذا اليوم السبت الحزين في إسرائيل. وكان الرد الإسرائيلي عنيفا، استمر حوالي 48 ساعة قصف شبه متواصل على مواقع القنطرة ورقبة الوزة، ولكنه لم يحدث أي خسائر ذات أثر على القوات المصرية.
وقد استمرت الأعمال القتالية المتبادلة حتى حدث تغير هائل بعد ظهر الثلاثين من يونيو 1970، ليحسم الصراع الدائر بين بناة مواقع الصواريخ المصرية وبين ذراع إسرائيل الطويلة، حيث احتلت بعض كتائب الصواريخ مواقعها من خلال تنظيم صندوقي لعناصر الدفاع الجوي، ابتكرته العقول المصرية في قيادة الدفاع الجوي المصري. وبدأ عقب ذلك تساقط الطائرات الإسرائيلية فيما عرف بأسبوع تساقط الفانتوم، ليصاب الطيران الإسرائيلي بأول نكسة في تاريخه أثرت على أسس نظرية الأمن الإسرائيلي بالكامل. وكان هذا اليوم بمثابة إعلان لخسارة إسرائيل لجهودها في معارك حرب الاستنزاف، التي ركزت خلالها على عدم إنشاء أي مواقع صواريخ في مسرح العمليات.
و ها قد وقع عمود الخيمة…مات الزعيم و القائد و المجسد لضمير و ارادة الشعب المصري و العربي كله , ضحى الرجل بصحته و قد أرهق نفسه في الثلاث السنوات الأخيرة بمشاكل الحرب مع اسرائيل و حتى جائت أزمة الأردن لتكون أخر محطات هذا الأسطورة الخالدة , قد توفى في 28 سبتمبر 70 بعد توديع الشيخ صباح من مطار القاهرة , و كان قبلها بحوالي شهر قد زار الجبهة و أرتسمت على وجهه علامات الرضا عن ما شاهده , ان التقييم الأساسي و التاريخي للرعيم جمال عبد الناصر هو أنه كان وطنيا لا تشوب وطنيته شائبة , و ليس لديه معيار سوى خدمة الوطن , و كان رجلا شريفا و نظيفا , لا يهمه المال أو الحياة و لا يثنيه التهديد أو الوعيد , كما اتسم عهده بنجاح استراتيجية المواجهة مع اسرائيل.
كانت علامات السعادة و الاشراق ظاهرة في الولايات المتحدة و اسرائيل و كل القوى الاستعمارية لوفاة الزعيم عبد الناصر , بينما كان غيابه عن فمة الزعامة في مصر خسارة استراتيجية على القوات المسلحة و على الشعب المصري , كما تأثرت معركة تحرير الأرض في مضمونها و هدفها و توقيتها أيضا
كان هناك اتفاق أنه بمجرد أن تجهز الدولة لدخول المعركة فيجب أن تقوم الحرب لايوم قبل ولا يوم بعد، وقد تحدد هذا الموعد بربيع ٧١ وبالمناسبة كانت ظروف الدولة أفضل بكثير جدا مما كانت عليه في أكتوبر ٧٣ وبمجرد أن استعدت مؤسسات الدولة ذهب الفريق محمد فوزي بقرار الحرب إلي الرئيس السادات ليوقعه لكن الرئيس السادات رفض التوقيع حيث كانت لديه فكرة أن أوراق اللعبة بنسبة ٩٩% في يد أمريكا وكنت من أكثر المعارضين لهذا الرأي لأنه يجب أن يكون هناك اعتبار كبير للإرادات المحلية، كما كان يري أن الخلاف الأساسي كان بين عبدالناصر وأمريكا ومادام عبدالناصر قد رحل يمكن وقتها أن نسوي الأمر مع أمريكا، وهو أيضا اعتقاد غير صحيح لأن الخلاف لم يكن مع عبدالناصر بل كان بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية في تحيزها الكامل لإسرائيل.
رأيي لو تمت الحرب في عام ٧١ كانت أمور كثيرة تغيرت.. وربما تغير وجه التاريخ.
هكذا كانت حرب الاستنزاف ليست مجرد مجموعات عمليات عسكرية قام بها الجيش المصري كما صوره لنا الاعلام المخادع من أربع عقود و حتى الأن , انما هي الاعداد الحقيقي لمعركة التحرير , ان لم تكن هي حرب الحقيقية , كان يقول الخونة و المغرضون أن عبد الناصر ترك مصر محتلة , أقول لهم لا و الله لقد أعد للمعركة و خطط لها كاملة هو و يسانده الشعب المصري الجبار بجيشه الذي قال عنه رسول الله أنهم خير أجناد الأرض .
تحية الى روح شهداء الاستنزاف , تحية الى عبد المنعم رياض و أشباله , تحية الى محمد فوزي ورجاله , و تحية خاصة الى روح الزعيم عبد الناصر.
وبذلك قد تم ثرد هذه الحقائق كما يقولها التاريخ ولكى يعلمها الأجيال القادمة لكى لاتطمس الحقائق.
والصور المرفقة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر وهو على الجبهه وليست من غرفة العمليات