كتب منصور جبر
قال الله جل في علاه: {أَمَّا ٱلسَّفِینَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَـٰكِینَ یَعۡمَلُونَ فِی ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِیبَهَا وَكَانَ وَرَاۤءَهُم مَّلِكٌ یَأۡخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصۡبا}. [الكهف: 97]
لما عجب موسى عليه السلام من خَرق الخضر عليه السلام، وقيل الرجل الصالح العالِم للسفينة، خوفا على غرق أهلها، أخبره الرجل الصالح في نهاية رحلتهما عن سبب ذلك، وأنه إنما خرقها لأنها كانت لمساكين يعملون في البحر، وكان وراءهم ملك ظالم يأخذ كل سفينة ليس فيها عيب غصبا.
روي أن اسم ذلك الملك الْجَلَنْدِيُّ وَكَانَ كَافِرًا، وقيل اسْمُهُ مُتَوَلِّهُ بْنُ جَلَنْدِيِّ الْأَزْدِيُّ، وقيل هُدَدُ بْنُ بُدَدَ، والله أعلم.
وقال الماوردي: وفي تَسْمِيَتِهِمْ مَساكِينَ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: لِفَقْرِهِمْ وحاجَتِهِمْ.
الثّانِي: لِشِدَّةِ ما يُعانُونَهُ في البَحْرِ، كَما يُقالُ لِمَن عانى شِدَّةً قَدْ لَقِيَ هَذا المِسْكِينُ جَهْدًا.
الثّالِثُ: لِزَمانَةٍ كانَتْ بِهِمْ وعِلَلٍ.
الرّابِعُ: لِقِلَّةِ حِيلَتِهِمْ وعَجْزِهِمْ عَنِ الدَّفْعِ عَنْ أنْفُسِهِمْ.
وروى القرطبي في تفسيره: وَقَالَ كَعْبٌ وَغَيْرُهُ: كَانَتْ لِعَشَرَةِ إِخْوَةٍ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَرِثُوهَا مِنْ أَبِيهِمْ خَمْسَةٌ زَمْنَى-أي مرضى-، وَخَمْسَةٌ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ.
وَقِيلَ: كَانُوا سَبْعَةً لِكُلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَمَانَةٌ لَيْسَتْ بِالْآخَرِ.
وَقَدْ ذَكَرَ النَّقَّاشُ أَسْمَاءَهُمْ، فَأَمَّا الْعُمَّالُ مِنْهُمْ فَأَحَدُهُمْ كَانَ مَجْذُومًا، وَالثَّانِي أَعْوَرَ، وَالثَّالِثُ أَعْرَجَ، وَالرَّابِعُ آدَرَ، وَالْخَامِسُ مَحْمُومًا لَا تَنْقَطِعُ عَنْهُ الْحُمَّى الدَّهْرَ كُلَّهُ وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ، وَالْخَمْسَةُ الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَ الْعَمَلَ: أَعْمَى وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ وَمُقْعَدٌ وَمَجْنُونٌ، وَكَانَ الْبَحْرُ الَّذِي يَعْمَلُونَ فِيهِ مَا بَيْنَ فَارِسَ وَالرُّومِ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ.
والله أعلم
————