مقالات

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن مجلس الأمن الدولي وميثاق الأمم المتحدة

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن مجلس الأمن الدولي وميثاق الأمم المتحدة
بقلم \  المفكرالعربى الدكتور خالد محمود  عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
لكي نكون منصفين في تقييم ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان فسوف نورد نبذة تاريخية عن نشأة الأمم المتحدة أولاً، ثم نورد المواد كما هي بدون تبديل أو تحوير، والتي يمكن الرجوع إلى مصدرها.
الاختلالات أو المعضلات في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
إن أخطر خلل ؛ الذي تعاني منه حركة حقوق الإنسان وثقافة (حقوق الإنسان) هو أنها ركزت على حقوق الإنسان وأهملت الإنسان ذاته.
الوضع الطبيعي والسوي هو أن تكون العناية بالإنسان – من حيث هو إنسان، وإنسانية الإنسان، وسبب التفضيل لهذا الإنسان. ثم المطالبة باحتياجاته وحقوقه الدينية والروحية والخلقية. وهي القضية المهملة أو المغيبة لدى حركة حقوق الإنسان، وفي ثقافة حقوق الإنسان.
وللأسف فإن حركة حقوق الإنسان تركز على الحقوق المادية الجسدية وإشباع هذه الرغبات الجسدية، فهي لا تكاد تلتفت إلى الأبعاد الروحية والربانية والدينية للإنسان، ولا ترى في الإنسان وحقوق الإنسان سوى مجموعة من الطلبات والرغبات والتطلعات التي تحقق للإنسان احتياجاته المادية والجسدية ومحسناته السياسية والقانونية.
وما دام هذا الإنسان – عندهم – قد تم تجريده من أي أصل روحي ومن أي بعد ديني، ولم تعد فيه دلالة لثوابت ولا مقدسات، فإن حقوقه نفسها تصبح خاضعة للتطوير والتكيف المستمر بلا حدود ولا محددات.
ومن أجل أن تكون الصورة واضحة للقارئ فلابد من توضيح لأهم الاختلالات في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حتى نعرف لماذا يتم العبث والتلاعب بحقوق الإنسان (وخاصة الإنسان المسلم والعربي) دون أن يجد من يلتفت إليه أو ينصفه:
أولا: الميثاق.. قانوني دولي:
وقع ميثاق الأمم المتحدة في 26 حزيران/يونيه 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية وأصبح نافذاً في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945. ويعتبر النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية جزءاً متمماً للميثاق.
ويعد ميثاق الأمم المتحدة من الاتفاقيات العامة (الشارعة) فهو قانون دولي، ذلك أن قواعد القانون الدولي تفتقر إلى السلطة التشريعية الموجودة في القانون الداخلي حيث لا توجد سلطة أعلى من الدولة تشرع قانونا دوليا ومن هنا اعتبرت الاتفاقيات الدولية هي القانون الدولي نفسه، لغياب المشرع، وهذا هو شأن ميثاق الأمم المتحدة، الذي هو عبارة عن اتفاقية موقع عليها من قبل دول العالم. (وهو ميثاق غير ملزم في قراراته ما لم توافق على تلك القرارات جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن دائمة العضوية، وهي خمس دول هي: الولايات المتحدة الأمريكية – بريطانيا – فرنسا – روسيا – الصين + (1) وهي ألمانيا.
فماذا قدم هذا الميثاق لحقوق الإنسان؟ وهل يمتلك منهجية لحماية حقوق الإنسان؟ أم هو يتبنى حقوق الإنسان من غير منهجية حقة لتفعيلها على صعيد الواقع؟ وهل يتضمن ثغرات أو تشريعات تفضي إلى انتهاك حقوق الإنسان، فيكون التشريع نفسه هو الذي يساعد على انتهاك حقوق الإنسان؟!
ثانيا: قصور الميثاق عن الوفاء بحقوق الإنسان:
وصف أرنولد توينبي صاحب كتاب (مختصر تاريخ الحضارة) ميثاق الأمم المتحدة ب- (الميثاق السخيف)، نظراً لأنه تضمن حق الفيتو (أي حق النقض) للدول الكبرى، الذي يمكن بموجبه إجهاض أي قرار لنصرة المظلوم، وبذلك تكون جميع الدول المنضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة – وعددها 192 دولة – راضية بحق النقض من دولة واحدة فقط دون اعتبار لأهمية الموضوع وخطورته – كما هو الحال بالنسبة لموضوع المأساة لسورية.
غير أن عجز الميثاق عن حماية حقوق الإنسان بعد الإقرار بها، له أسباب عدة نذكرها بعد أن نذكر أولاً ما وعد به الميثاق البشرية يوم أن صدر عام 1945م.
الوعد غير الصادق:
نجد في ديباجة الميثاق نصا يقول: (نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامةِ الفردِ، وقَدْرهِ وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار).
ونظرة واحدة إلى عالم اليوم ترينا أن هذا الذي سطره الميثاق من إشادة بحقوق الإنسان وإظهار الرغبة في تحقيقها وصونها لم يقدر أن ينفذه على صعيد الواقع ولن يقدر على الإطلاق والسر في ذلك: غياب الأنظمة المصلحة للنفس الإنسانية.. المصلحة للفرد، والجماعات والدولة وأشخاص السلطات الحاكمة على المستوى الدولي والمنطلقات والأسس الفلسفية والنظرية التي بنيت عليها قوانين الدول التي وضعت الميثاق والإعلان العالمين (ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان) مراعية مصالحها، وحقوقها وحقوق شعوبها، لذلك فإن العالم اليوم وبرغم ما سطره الميثاق من نصوص في حقوق الإنسان يعيش حالة غالب ومغلوب، وظالم ومظلوم وباغ ومبغي عليه، وتفرد قوة عظمى بالهيمنة على العالم بل واختطاف الأمم المتحدة نفسها.
وهذا الوضع المنتهك لحقوق الشعوب والأمم جعل ممثل الصين في مجلس الأمن وهي عضو دائم ينفد صبره ويصرح: (بأن أمريكا تتعامل مع مجلس الأمن بالحذاء).. وهذا هو نص عبارته التي نشرتها الصحف في حينه.
معضلات كبرى في ميثاق الأمم المتحدة تقوض حقوق الإنسان:
إذا كان (الميثاق) قد نص على حقوق الإنسان الأساسية، ونص أيضا على حقوق متساوية للأمم كبيرها وصغيرها، فإنه قد أعطى هذه الحقوق باليمين، وسحبها بالشمال وقوضها من أساسها بأربع وسائل خطيرة في الميثاق نفسه، تشكل أربع معضلات:
المعضلة الأولى: تقويض حقوق الإنسان بواسطة حق الفيتو (التقض):
ففي نظام التصويت تقول المادة (27) من الميثاق: يكون لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد.
تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه[1].
تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة
وبيان ذلك: أن تشريع الميثاق لحق الفيتو (النقض) للدول الخمس الدائمة العضوية يمثل قمة الدكتاتورية والاستبداد والطغيان في عصر الديمقراطية، لأنه يجعل من إرادة دولة واحدة متحكمة في إرادة جميع دول العالم وعددها اليوم 192 دولة، فلو أن هذه الدول جميعاً توجهت إرادتها مباشرة أو بواسطة ممثليها في مجلس الأمن باتجاه قرار منصف وشريف لنصرة شعب مظلوم وإنصافه، فإن إرادة واحدة هي إرادة الدولة صاحبة الفيتو (النقض) كافية لإجهاض جميع تلك الإرادات.. والأمثلة على ذلك كثيرة كان آخرها استخدام أمريكا حق الفيتو (النقض) لإفشال رغبة جميع الدول في إرسال مراقبين دوليين إلى فلسطين لحماية الشعب الفلسطيني من اليهود (في مجزرة جنين سابقاً،و في محرقة غزة عام 2008و2009م)، الذين أهلكوا الحرث والنسل، وأهلكوا البلاد والعباد، قتلاً، وتدميراً وتشريداً، على مدار الساعة أمام أنظار العالم والأمم المتحدة. واستخدمت روسيا والصين الفيتو (النقض) ضد قرارات ضد الحكومة السورية القاتلة لشعبها وقتلت من الشعب السوري خلال ثلاث سنوات أكثر من مائة وخمسين ألف وشردت أكثر من أثنا عشر مليون من بيوتهم في الداخل السوري، ومليونين خارج سوريا غير الجرحى!!
وإذا كان حق الفيتو (النقض) هنا يقوض حقوق الإنسان ويصادرها بإفشال قرار منصف لحقوق الإنسان فإن له تأثيراً أشد ظلماً من ذلك، فلو أن الدولة صاحبة حق الفيتو أرادت إفناء شعب أو أمة عن بكرة أبيها، وتدمير أي من البلاد التي ترغب في تدميرها، وباشرت ذلك بالفعل على صعيد الواقع بعمل عدواني تباشره بنفسها خارج إطار ما يسمى بالشرعية الدولية (كما حصل في أفغانستان والعراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، أو الشيشان كم حصل من قبل روسيا)، فإنها حسب بنية الميثاق ونصوصه تستطيع فعل ذلك، من غير أن تقدر الأمم المتحدة على إيقافها ابتداء، أو استمراراً، أو انتهاءً، لأن المختص بذلك الإيقاف هو مجلس الأمن بقرار من عنده، وسيكون مجلس الأمن عاجزاً عن اتخاذ مثل هذا القرار، لأن الدولة المعتدية ستستعمل ضده حق الفيتو (النقض)، وبذلك يستمر العدوان ويستمر تقويض حقوق الإنسان (وما يحدث في فلسطين المحتلة من قبل الصهاينة الغاصبين خير شاهد)!!
وماذا ينفع المظلوم أن يشتكي في مجلس الأمن إذا كان ظالمه يملك حق الفيتو؟!
وفوق ذلك تستطيع الدولة صاحبة حق ا الفيتو (النقض) استخدامه ليس من أجل نفسها، وإنما من أجل دولة حليفة لها تعتدي على شعوب من حولها فتحظى بتغطية لاستمرار عدوانها وتقويض حقوق الإنسان بطريقة جماعية، مع أنها لا تملك حق الفيتو، كما يفعل (الاحتلال الصهيوني حالياً بالتحالف مع الولايات المتحدة).
المعضلة الثانية: تمكين الميثاق للدولة المعتدية من الإفلات من القضاء الدولي:
وبيان ذلك: أن الميثاق شرع إقامة محكمة العدل الدولية بطريقة تقضي إلى إفلات الدولة الظالمة من القضاء الدولي، وإبقاء الظلم على حاله.. إبقاء الظالم ظالماً، والمظلوم مظلوماً، من غير قدرة للقضاء الدولي على التدخل، لأن النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية – وهو جزء لا يتجزأ من الميثاق – ينص على أن لا يتدخل هذا القضاء الدولي إلا إذا رضي الطرفان الظالم والمظلوم بالاحتكام إليه، والظالم لا يرتضي الاحتكام إلى العدالة، لأنه ظالم، ما دام مخيراً أن يقبل أولا يقبل هذا الاحتكام؟! وهذا ما نص عليه النظام الأساسي للمحكمة الدولية في المادة (36) منه.
ففي الفصل الرابع عشر الخاص بمحكمة العدل الدولية تقول المادة (92):
محكمة العدل الدولية هي: الأداة القضائية الرئيسية (للأمم المتحدة)، وتقوم بعملها وفق نظامها الأساسي الملحق بهذا الميثاق وهو مبني على النظام الأساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي وجزء لا يتجزأ من الميثاق.
وتقول المادة (94): يتعهد كل عضو من أعضاء (الأمم المتحدة) أن ينزل على حكم محكمة العدل الدولية في أية قضية يكون طرفاً فيها.
إذا امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن، ولهذا المجلس، إذا رأى ضرورة لذلك أن يقدم توصياته أو يصدر قراراً بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم.
فبهذا التنظيم الفاسد للقضاء الدولي يسهم الميثاق في تقويض حقوق الإنسان بصورة جماعية، فماذا ينفع بعد ذلك أن الميثاق نص على حقوق الإنسان الأساسية وكفلها؟! ونص على حقوق متساوية للأمم كبيرها وصغيرها؟ ونص على منع العدوان!؟؟ والدول الكبرى الدائمة العضوية تمارسه؟ يصدق فيهم قول القائل: حاميها حراميها.
المعضلة الثالثة: إغفال الميثاق لمبدأ (العدالة) في أهداف الأمم المتحدة، ومبادئها:
من المؤسف والمدهش في نفس الوقت أن الميثاق أغفل مبدأ العدالة، فلم ينص عليه ضمن أهداف الأمم المتحدة التي تريد تحقيقها في العالم، كما لم ينص عليه أيضاً ضمن المبادئ التي تسير عليها الأمم المتحدة. وعلى ذلك فتحقيق العدالة ليس هدفاً منصوصاً عليه في أهداف الأمم المتحدة، ولا مبدأ من مبادئها!!
النصوص الدالة على إغفال مبدأ العدالة ونتائج ذلك في الواقع:
حددت المادة الأولى من الميثاق أهدافاً أربعة سمتها (مقاصد الأمم المتحدة)، ليس من بينها تحقيق العدالة بين الدول أو الأمم والشعوب، بينما أعطت في الفقرة الأولى من هذه المادة الأولوية لحفظ السلام والأمن الدولي، فنصت عليه، وعلى ذلك إذا تقاطع السلم مع العدالة، فلا عبرة بالعدالة وإنما العبرة بالسلم والأمن الدولي، وذلك بإعادة السلم إلى نصابه.
تقول المادة (1) من: مقاصد الأمم المتحدة هي:
• حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.
• إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام.
• تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.
• جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة.
ويظهر هذا التقاطع في النزاعات المسلحة، فإذا اعتدت دولة كبرى تملك حق الفيتو (النقض) أو حليفتها على دولة صغيرة أو متوسطة، وأفقدت شعبها كل حقوق الإنسان، وأدخلته في نفس الوقت في الحصار أو مصادرة وطنه مع الجوع والفقر والتشريد والقتل التي تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان بصورة جماعية، فإنه مع نص الميثاق على السلم وإغفال العدالة لا يكون أمامه إلا ثلاثة خيارات:
الخيار الأول:
أن يستسلم مكرهاً أمام القوة المادية المعتدية ويسكت على فقدان حقوق الإنسان، وبذلك يتحقق السلم بين ظالم قوي ومظلوم ضعيف، فبموجب ميثاق الأمم المتحدة يكون قد تحقق السلم أو عاد السلم والأمن الدولي إلى نصابه، ولا عبرة بإنصاف هذا الشعب وتحقيق العدالة له ما دام قد تحقق السلم وهو الهدف وليس العدالة. ولا شك أن في ذلك هضماً كاملاً لحقوق الإنسان بصورة جماعية، يسهم فيه الميثاق بتبنيه هدف السلم وإغفاله هدف العدالة.
الخيار الثاني:
أن يرفع شكواه إلى الهيئة العامة للأمم المتحدة، لتجيبه أنها غير مختصة وإنما المختص بذلك (مجلس الأمن) حسب أحكام الفصل السابع من الميثاق الخاص بالنزاعات المسلحة، فيتحول الأمر إلى مجلس الأمن الذي رتب الميثاق مسبقاً عجزه عن اتخاذ قرار لإيقاف عدوان الدولة الكبرى المعتدية، بسبب حق الفيتو فيستمر العدوان إلى أن يتم الاستسلام، فيتحقق السلم والأمن الدولي ولا عبرة بضياع العدالة وحقوق الإنسان.
والمواد في الفصل السابع: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، هي:
المادة (39): يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاًً من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.
ونص المادتين المذكورتين أعلاه هي:
المادة (41): لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء (الأمم المتحدة) تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.
المادة (42): إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصار والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء (الأمم المتحدة).
فهل يتم شيء من ذلك في الواقع؟
الحقيقة أنه قد انتهكت حقوق الإنسان قبل أن يجف حبر من كتبوه وما تزال الانتهاكات حتى يومنا هذا. وكان أكبر كارثة إنسانية وأبشعها لانتهاك حقوق الإنسان هي سلب الشعب العربي الفلسطيني لأرضه، وانتهاك حقوقه، وطرده من أرضه، بتواطؤ ودعم لا محدود من بريطانيا وأمريكا، وبتواطؤ وسكوت الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن. وأكثر الدول انتهاكاً واعتداء لحقوق الإنسان في العالم هي الولايات المتحدة الأمريكية، ليس على الدول والشعوب فحسب ولكن أيضاً على الأفراد (وما سجن جوانتنامو في كوبا وسجن أبو غريب في العراق عنا ببعيد). وما العراق وأفغانستان عنا ببعيد.
الخيار الثالث:
أن يلتجئ إلى محكمة العدل الدولية لتحقيق العدالة فتجيب أنها غير مختصة في نظر شكواه حسب نصوص الميثاق إلا إذا قبل الطرف المعتدي، أي الجاني، الترافع أمام المحكمة، وما دام الجاني لا يقبل الترافع أمام المحكمة فلا سبيل إلى اختصاص المحكمة أو تحقيق العدالة!! حسب المادة (36) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
وكل ما تقدم يدل على أن الميثاق بني على تبني مبدأ السلم وتقديمه على مبدأ العدالة، بل إغفال مبدأ العدالة في النزاعات المسلحة أصلاً، وهو بذلك يسهم في هدم حقوق الإنسان التي نص عليها، فيكون قد نص عليها من جهة وعرضها لأبشع درجات الإهانة والإذلال والمصادرة من جهة أخرى.
هذا كله فيما يتعلق بأهداف (مقاصد) الأمم المتحدة الأربعة، التي ليس من بينها هدف تحقيق العدالة.
وتأكيداً لما تقدم من إغفال ميثاق الأمم المتحدة لمبدأ العدالة في بيان أهداف الأمم المتحدة، فإنه أيضاً أكد ذلك الإغفال في المادة الثانية من الميثاق حين ذكر (المبادئ) التي تعتمدها الأمم المتحدة على وجه التحديد، فذكر سبعة مبادئ تعمل بموجبها الأمم المتحدة ليس من بينها مبدأ العدالة أيضاً. ونص المادة الآتي:
المادة (2): تعمل الهيئة وأعضاؤها في سعيها وراء المقاصد المذكورة في المادة الأولى وفقاً للمبادئ الآتية:
• تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها.
• لكي يكفل أعضاء الهيئة لأنفسهم جميعاً الحقوق والمزايا المترتبة على صفة العضوية يقومون في حسن نية بالالتزامات التي أخذوها على أنفسهم بهذا الميثاق.
• يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر.
• يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد (الأمم المتحدة)..
• يقدّم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى (الأمم المتحدة) في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع.
• تعمل الهيئة على أن تسير الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم والأمن الدولي.
• ليس في هذا الميثاق ما يسوغ (للأمم المتحدة) أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع.
المعضلة الرابعة: ضمان الميثاق لبقاء المعضلات السابقة واستمرارها دون تغيير:
ومن حق قائل أن يقول: فما بال الدول الضعيفة والمتوسطة في الأمم المتحدة لا تسعى إلى تعديل هذا القانون الدولي المسمى بالميثاق، مادام يحتوي على كل هذا الطامات الكبرى التي تعرض حقوق الأمم والشعوب إلى انتهاك حقوق الإنسان بصورة جماعية، وما دام التصويت في الهيئة العامة للأمم المتحدة يتم بالأكثرية، المطلقة منها والموصوفة بالديمقراطية؟!
والجواب: أن واضعي الميثاق، الذين ضمنوا فيه تكريس هيمنة الدول الكبرى هيمنة كاملة على العالم، قد احتاطوا لذلك من أجل إبقاء هذا الوضع المؤسف واستمراره دون تعديل، فجعلوا التعديل نفسه خاضعاً لاستخدام حق الفيتو (النقض)) ضده، فلا يتم التعديل حتى لو أرادته دول العالم كلها مجتمعة ورفضته دولة الفيتو وحدها، وهذا ما نصت عليه المادة (108) من الميثاق!!
المادة (108): التعديلات التي تدخل على هذا الميثاق تسري على جميع أعضاء (الأمم المتحدة) إذا صدرت بموافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة وصدق عليها ثلثا أعضاء (الأمم المتحدة) ومن بينهم جميع أعضاء مجلس الأمن الدائمين، وفقا للأوضاع الدستورية في كل دولة.
وهكذا ستبقى الدول الضعيفة والمتوسطة أسيرة بموجب الميثاق للدول الكبرى صاحبة حق الفيتو، وتبقى حقوق الإنسان لشعوبها وأممها عرضة للعدوان والانتهاك في كل حين، ما دامت الأمم المتحدة وميثاقها باقيين، وهو وضع مؤسف ومأساوي بالنسبة لحقوق الإنسان.
كل ما تقدم يتعلق بالميثاق بوصفه قانوناً دولياً له أساسه الفكري وخصائصه ونتائجه.
أما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون الأول/ ديسمبر 1948م، فإنه ليس قانوناً دولياً له صفة الإلزام، لأنه لم يكن معاهدة دولية وإنما صدر في صورة مناشدة ومناداة لها قيمة التوصية غير الملزمة، كما يدل عليه ما جاء في ديباجة الإعلان. ونظراً لعدم الإلزام به من جهة، وإغراقه في الفردية من غير نظر إلى الجماعات والشعوب من حيث حقوقها فقد عضد بالعهدين الصادرين عام 1966م في صورة معاهدتين دوليتين مفتوحتين للدول للتوقيع عليها، وهما (الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) و(الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية)، واللتين تطابقت المادة الأولى فيهما ونصت على ما يلي:
المادة الأولى:
• لكافة الشعوب الحق في تقرير المصير، ولها استناداً إلى هذا الحق أن تقرر بحرية كيانها السياسي، وأن تواصل بحرية نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
• ولجميع الشعوب تحقيقاً لغاياتها الخاصة أن تتصرف بحرية في ثرواتها ومواردها، ولا يجوز بحال من الأحوال حرمان شعب ما من وسائله المعيشية الخاصة.
ومثلما كان الإعلان العالمي حبراً على ورق في التطبيق الدولي، فإن النصوص المتقدمة في العهدين المذكورين صارا حبرا على ورق أيضاً، ولكن هذه المرة على يد (الشرعية الدولية) ممثلة بالأمم المتحدة راعية القانون الدولي، في صورة حصار للشعوب، يفقدهم كل مقومات حقوق الإنسان الفردية والجماعية.
والعجيب أن يصير هذا المجلس هو المرجعية لجميع حكومات الأرض، على الرغم مما فيه من غبن وظلم مستمرين على المسلمين بخاصة في كل بقاع الأرض، وأكثر الشعوب الإسلامية معاناة من هذا المجلس هو الشعب الفلسطيني!! ألم تنشأ دولة الاحتلال الصهيوني بعد إنشاء مجلس الأمن وميثاقه الظالم؟؟ ألم يصدر إعلان ما سمي ب- (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) بعد أشهر من إعلان الصهاينة لاحتلال فلسطين؟؟ ألم يقتل الفرنسيون أكثر من مليون من الجزائريين بعد هذا الإعلان؟؟ والشواهد لا تحصى.. وأغلبها ضد المسلمين!! فلماذا؟؟
الجزء الثاني
سيطرة اليهود على الأمم المتحدة وأمريكا
سوف نورد في هذا الجزء كيف أن اليهود قد خططوا للسيطرة على العالم بدولتهم الخفية من خلال سيطرتهم على الدول الكبرى.. وهنا نبذة من أقوال اليهود من برتوكولات حكماء صهيون، الذي صدر في بداية القرن العشرين، ثم نبذة عن سيطرتهم على الأمم المتحدة وأمريكا، وكيف أنه
لا يمكن لأي رئيس أو مسؤول أمريكي إلا أن يطيع اليهود، وإلا فقد مركزة، أو قتلوه.
يقول المنظرون في البروتوكول التاسع من (بروتوكولات حكماء صهيون): (إن لنا يدا في حق الحكم، وحق الانتخاب، وسياسة الصحافة، وتعزيز حرية الأفراد لا يزال أعظم خطرا وهو التعليم الذي يكون الدعامة الكبرى للحياة الحرة.
ولقد خدعنا الجيل الناشئ من الأمميين (غير اليهود)، وجعلناه فاسداً متعفناً بما علمناه من مبادئ ونظريات معروف لدينا زيفها التام، ولكننا نحن أنفسنا الملقنون لها وقد حصلنا على نتائج مفيدة وخارقة من غير تعديل فعلى للقوانين السارية من قبل، بل بتحريفها في بساطة وبوضع تفسيرات لها لم يقصد إليها مشرعوها).
ومن أجل الوصول إلى تحقيق اليهود لأهدافهم عملت الحركة الصهيونية على تطوير الحركة الماسونية المعاصرة من أجل تمييع علاقة الإنسان بكل ما يؤمن به، وأن يجد التأويلات الذاتية لتصرفاته المتناقضة مع عقائده وأساسها ليصير عدميا (أي هوية له).
والماسونية اليهودية تسيطر على السياسة والإعلام بشكل تام في دول الغرب ويرى الدكتور توفيق فهد أنه لا يمكن الوصول إلى المراكز العليا والمناصب الكبيرة إلا بدعم الماسونية التي لها دور كبير في الحياة الفرنسية المعاصرة. (انظر: الماسونية والماسونيون في الوطن العربي، لحسين عمر حمادة).
ويكشف بول نوردون بأن المحافل الماسونية في انجلترا (تضم 750 ألف عضو ماسوني) موزعين على 7945 محفلا، منها 1687 محفلا في لندن فحسب عام 1977م يتمتعون بمراكز ووظائف حساسة جدا في أجهزة الدولة، وأن من بين الاثنين والخمسين قائدا لإدارة الشرطة البريطانية يوجد ثمانية وثلاثون ماسونيا… وأن الترقيات تتم بحسب انتماء الشخص للماسونية ويوجد محفل ماسوني في كل مجلس بلدي من ألاف المجالس البلدية في بريطانيا.
يقول حكماؤهم: (إن حقنا يكمن في القوة. وكلمة الحق، فكرة مجردة قائمة على غير أساس، فهي كلمة لا تدل على أكثر من (أعطى ما أريد لتمكنني من أن أبرهن لك بهذا أني أقوى منك).
(إن الغاية تبرر الوسيلة، وعلينا – ونحن نضع خططنا – ألا نلتفت إلى ما هو خير وأخلاقي بقدر ما نلتفت إلى ما هو ضروري ومفيد. يجب أن يكون شعارنا كل وسائل العنف والخديعة).
(إن القوة المحضة هي المنتصرة في السياسة وبخاصة إذا كانت مقنعة بالألمعية اللازمة لرجال الدولة. يجب أن يكون العنف هو الأساس ويتحتم أن يكون ماكراً خادعا حكم تلك الحكومات التي تأبى أن تداس تيجانها تحت أقدام وكلاء قوة جديدة).
إن هذا الشر هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى هدف الخير ولذلك يتحتم أن لا نتردد لحظة واحدة في أعمال الرشوة والخديعة والخيانة إذا كانت تخدمنا في تحقيق غاياتنا.
(وفي السياسة يجب أن نعلم كيف نصادر الأملاك بلا أدنى تردد إذا كان هذا العمل يمكننا من السيادة والقوة. أن العنف الحقود وحده هو العامل الرئيس في قوة الدولة. فيجب أن نتمسك بخطة العنف والخديعة لا من أجل المصلحة فحسب، بل من أجل الواجب والنصر. إن مبادئنا في مثل قوة وسائلنا التي نعدها لتنفيذها وسوف ننتصر ونستعبد الحكومات جمعيا تحت حكومتنا العليا، لا بهذه الوسائل فحسب، بل بصرامة عقائدنا أيضا، وحسبنا أن يُعرف عنا أننا صارمون في كبح كل تمرد).
(إن الكلمات التحررية لشعارنا الماسوني هي (الحرية والمساواة والإخاء) وسوف لا نبدل كلمات شعارنا بل نصوغها معبرة ببساطة عن فكرة، وسوف نقول: (حق الحرية وواجب المساواة وفكرة الإخاء)، وبها سنمسك الثور من قرنيه، وحينئذ نكون قد دمرنا في حقيقة الأمر كل القوى الحاكمة إلا قوتنا وإن تكون هذه القوى الحاكمة نظريا ما تزال قائمة. وحين تقف حكومة من الحكومات نفسها موقف المعارضة لنا في الوقت الحاضر فإنما ذلك أمر صوري، متخذ بكامل معرفتنا ورضانا كما أننا محتاجون إلى انفجاراتهم المعادية للسامية، كي ما نتمكن من حفظ إخواننا الصغار في نظام).
(إن لنا طموحا لا يحد، وشرها لا يشبع، ونقمة لا ترحم، وبغضا لا يحس. إننا مصدر إرهاب بعيد المدى وإننا نسخر في خدمتنا أناسا من جميع المذاهب والأحزاب من رجال يرغبون في إعادة إنشاء الملكيات واشتراكيين وشيوعيين وحالمين بكل أنواع الطوبيات ولقد وضعناهم جميعا تحت السرج، وكل واحد منهم على طريقته الخاصة ينسف ما بقي من السلطة ويحاول أن يحطم كل القوانين القائمة وبهذا التدبير تتعذب الحكومات وتصرخ طلبا للراحة وتستعد – من أجل السلام – لتقديم أي تضحية ولكننا لن نمنحهم أي سلام حتى يعترفوا في ضراعة بحكومتنا الدولية العليا.
واليهود يعملون على أن تحل المشاكل دوليا، فهم دعاة السلام بعد كل حرب لم تقم إلا بسبب مكايدهم، وهم يستفيدون وحدهم في السلم والحرب أكثر من المسالمين والمحاربين وهم الذين دعوا إلى إنشاء عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى وكان أكثر السكرتيرين فيها يهود. وكذلك دعوا إلى إنشاء مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية وكانت دعوتهم إلى نشأتها في مصلحة العالم إجمالا فنجحت بعض النجاح ولم يزل أعضاء مختلف وفود البلاد إلى هذه المؤسسات جمعيهم أو أكثريتهم من اليهود أو صنائعهم أو من يعطفون عليهم واليونسكو منظمة تكاد تكون يهودية خالصة موضوعا وشبة يهودية شكلا.
ومما يدل على ذلك أنهم – اليهود – يسيطرون على الأمم الأخرى عن طريق المنظمات المأسونية: ففي سنة 1923م أقيمت حفلة عشاء كبرى في قصر فرساي، حضرها عدد كبير من رجال السياسة الدوليين، ومن بينهم شخصيات كبيرة لها علاقة وثيقة بمنظمة عصبة الأمم.
وما خلت وزارة أو مجلس نواب أو شيوخ أو مجلس بنك أو شركة في مختلف الأقطار زيادة على من لهم فيها صنائع، فكان على رأس الوزارة البريطانية بعد الحرب العالمية الأولى لويد جورج، وكان عطفه عليهم مشهورا وكان عضوان يهوديان في وزارته كما كان ستة يهود مستشارين للملك هناك ومن وزرائهم في بريطانيا (هوربليشا وسنويل، وصمويل هور،) وكان وفد بريطانيا إلى أمريكا لتصفية مشاكل تلك الحرب برئاسة اللورد (ريدنج) اليهودي الذي صار بعد ذلك رئيس قضاة بريطانيا ثم نائب الملك في الهند.
إن الفهم الواضح لظاهرة الصهيونية غير اليهودية بمنظورها التاريخي الكامل تمكننا من (خلع قناع أسطورة الصهيونية ورؤيتها على حقيقتها الأساسية، وهي أنها نتاج الفلسفات الأوربية العنصرية والاستعمارية ولم تكن الصهيونية في أساسها حركة يهودية متميزة).
وللنظر كيف أن اتفاقية (سايكس بيكو)لم تكن إلا من تأثير اليهود وتخطيطهم الخفي.
تقول رجينا الشريف: كانت اتفاقية (سايكس بيكو) في أحد جوانبها هي ما يريده الصهيونيون لقد أعطت المعاهدة فلسطين هوية جغرافية لأول مرة في التاريخ الحديث ثم تنقل من أحد مراجعها قائلة:
كانت اتفاقية (سايكس بيكو) صهيونية في أصلها من بعض النواحي إذ أن الشرط الخاص بفلسطين كان إلى حد كبير ثمرة مذكرة (صموئيل)، وتحويل الدكتور (غاستر لسايكس)، وتأثير (سايكس) على (بيكو)، كما أنها حمت مستقبل فلسطين (بطريقة لا أخلاقية) من نتائج الوعود البريطانية لشريف مكة بمنح العالم العربي الاستقلال.
والدكتور غاستر المشار إليه سابقا، هو الدكتور (موسى غاستر) معلم سايكس بيكو الصهيونية، وهو يهودي روماني، كما أنه الحاخام الأكبر للسفارديين في لندن وقد التقى مع سايكس في إحدى الجمعيات الشرقية خلال عام 1915م وفتح عينيه كما يقول (سايكس) على معنى الصهيونية في نهاية ذلك العام عقب تعيين (سايكس) واحداً من وكلاء الوزارة في مجلس الحرب).
أولا: سيطرة اليهود على الأمم المتحدة:
يقول نورد ديفيز: (إن بعض الأمريكيين يدركون أن أعظم هدية قدمت للصهاينة بعد الحرب العالمية الثانية، هي الأمم المتحدة. وقد كان على الأمم المتحدة أن تعبد الطريق لتحقيق ما هدفت إليه اتفاقية فرساي من وراء وضع فلسطين تحت الانتداب. وكانت إقامة دولة إسرائيل هي أول الأهداف الرسمية لها. وهكذا تقدم الصهاينة خطوة أخرى نحو النظام العالمي الجديد، هذا النظام الذي أخذ الرئيس (بوش) يتحدث عنه خلال الأشهر القليلة الماضية (1990م).
وكان القاضي أرمسترونج من تكساس من المناهضين للصهينة، الذي ألف كتاباً في 1948م بعنوان (الخونة) أشار فيه إلى المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد برئاسة هيرتزل في مدينة بازل السويسرية في عام 1897م، وقال في كتابه: (إن فكرة قيام عصبة الأمم وهيئة الأمم المتحدة، ويتبعها إمبراطورية صهيونية عالمية قد طرحت بهذا الترتيب الزمني على بساط البحث في المؤتمر الصهيوني الذي انعقد في مدينة بازل عام 1897م، ولقد أعلن الصهيونيون المجتمعون في ذلك المؤتمر أن هدفهم يرمي إلى إخضاع الشعوب المسيحية في العالم، وتأسيس إمبراطورية صهيونية يرأسها ملك يهودي يكون إمبراطوراً على العالم كله).
وما دمنا نتحدث عن هيئة الأمم المتحدة ينبغي أن نشير إلى أن واضع مشروع ميثاق حقوق الإنسان الذي أخرجته الأمم المتحدة في أواخر عام 1948م وهو البروفيسور اليهودي (كاسين) الذي سارعت دولة الاغتصاب الصهيوني (إسرائيل) بمنحه شهادة دكتوراه فخرية تقديراً لاعتزازه بعقيدته اليهودية، كما وينبغي أن نشير إلى أن مشروع (عصبة الأمم) كان من وضع اليهودي ليو نافلوفيسكي، وقد تغلغل اليهود في هيئة الأمم المتحدة بحيث أصبحوا يشغلون أهم المراكز فيها.
وهناك جماعة ضغط دينية الطابع هي (اتحاد الجمعيات الدينية العبرية الأمريكية) ومركزها الرئيسي واشنطن، وكان يترأسها اتحادها الحاخام الكساندر شندلر خلفاً لرئيسه السابق الحاخام ديفيد سابرستين (أما الآن فلا نعلم من يترأسها).
ثانياً: سيطرة اليهود على أمريكا:
مع انتقال مركز القوة العالمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية تبلور فيها تيار أصولي بروتستانتي يطلق على نفسه (التحالف المسيحي الصهيوني)، وهو يضطلع بدور أساسي في توجيه السياسة الأمريكية نتيجة لتناميه المطرد في الإدارة الأمريكية المتعاقبة وصولا للإدارة الحالية (1990م) التي لم يشهد التواجد الصهيوني مثيلا لها في أي إدارة مضت، وقد لخص حاخام الكنيس الأعظم لواشنطن هذه الحالة بقوله: (لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، لا نشعر البتة أننا نعيش هنا في الشتات. ليس للولايات المتحدة أبدا حكومة من الجويم – غير اليهود – إنما إدارة يجدر القيام بمراجعة الشريعة اليهودية بخصوص استخدام لفظة (حكومة جويم)، والتي لا يمكن المراهنة عليها. وهذا النفوذ الصهيوني الكبير في الإدارة الأمريكية يؤثر سلبا على التصورات الأمريكية تجاه الحركة الإسلامية، وقد عبر عن ذلك أحد كبار موظفي الخارجية الأمريكية بقوله: (نحن متأثرون كثيرا بالتعريف الإسرائيلي للإسلاميين).
فالرجل الأول الذي يشرف على موظفي الرئيس (بوش الأب عام 1990) هو (هنري كيسنجر) و(هنري كيسنجر) هذا يتلقى التمويل من الصهاينة في نيويورك وتل أبيب. وقد وظف طاقما من خمسين شخصا، إضافة إلى مجموعة كبيرة من المستشارين (الجيوبوليتيكيين) من الإدارات الأمريكية السابقة الذين يعرفهم ويثق بهم. كذلك فإن الذي يتولى دور القيادة في النظام العالمي الجديد، والذي يوجه الرئيس (بوش) هو (برنت سكروكروفت)، أما الرجل الثاني الذي يعتمد عليه (بوش الأب) فهو (لورنس إيفلبرغر)، وهذان الشخصان قد انتقلا من مكاتب (كيسنجر) في نيويورك ستي إلى واشنطن مباشرة، وهما هناك من أجل التأكد بأن بنية النظام العالمي الجديد تنفذ بحذافيرها بشكل كامل، وفي وقتها المحدد، و(سكروكروفت) هو مستشار (بوش) للأمن القومي، أما (إيفلبرغر) فإنه يعمل تحت مظلة وزارة الخارجية الأمريكية، ومن هنا فإن الرئيس (بوش الأب) موضع رقابة صارمة جدا).
وبعد كل ذلك لا نسنغرب أن تقوض أمريكا كل قرارات الأمم المتحدة بالفيتو (التقض) في (مجلس الأمن الدولي)، القرارات التي تدين إسرائيل (أكثر من ستين فيتو منذ إنشاء دولة الاحتلال الصهيوني عام 1948م). ولا غرابة أن ترسل ثلاثين ألف طن من الأسلحة والذخائر بعد مرور خمسة عشرة يوما من الحرب على غزة نهاية عام2008 وبدية 2009م. ويوم 17 من الحرب على غزة. وتأكيداً لخضوع الدول الأوروبية للمأسونية والصهيونية العالمية فإن دول الاتحاد الأوروبي في جلسة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، ترفض إرسال لجنة للتحقيق إلى غزة. وترفض إسرائيل قرار مجلس الأمن بكل صفاقة. لماذا؟؟
المراجع:
1- حقوق الإنسان بين الشريعة والقانون، منير حميد البياتي، كتاب الأمة، العدد(88).
2- حقوق الإنسان محور مقاصد الشريعة، كتاب الأمة، العدد (87)، أحمد الريسوني، محمد الزحيلي، ومحمد عثمان شبير.
3- درع الصحراء والنظام العالمي الجديد، تقرير نورث بوينت (Noth Point)، نورد ديفيز (1991م)، ترجمة: محمد الظاهر ومنية سمارة، دار الكرمل، ط1.
4- الصهيونية غير اليهودية، جذورها في التاريخ الغربي، راجينا الشريف، ترجمة: أحمد عبد الله عبد العزيز، عالم المعرفة، رقم (96).
5- السيطرة الصهيونية على وسائل الإعلام العالمية زياد أبو غنيمة، (1404هـ-1984م)، ط1، دار عمار، الأردن.
6- بروتوكولات حكماء صهيون، الخطر اليهودي، ترجمة محمد خليفة التونسي (1961)، ط2، مطبعة الاستقلال الكبرى، القاهرة.
7- الأبعاد الإقليمية للعلاقات اليمنية الأمريكية، محمد يحيى الصبري، مجلة شئون العصر، السنة 6، رجب – رمضان 1423هـ/ أكتوبر- ديسمبر 2002م.
8- حسين عمر حمادة، الماسونية والماسونيون في الوطن العربي، دار ابن قتيبة، دمشق.
.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى