في الذكري الخامسة والخمسين لرحيله ” جمال عبد الناصر الحي في قلوب الملايين”

بقلم / محمد عمر
تمرّ الأعوام وتتوالى الأيام، ويبقى اسم جمال عبد الناصر مشعلاً لا يخبو نوره، ورمزًا لا يمحوه غياب. رحل الجسد في مثل هذه الأيام، لكن الروح التي حملت هموم الأمة ما زالت ترفرف فوق سماء العرب، تحرك فيهم أشواق الكرامة، وتوق الحرية، وعنفوان العزة.
كان عبد الناصر صوتًا خرج من بين أزقة مصر الفقيرة، ليصبح لسان حال الملايين من البسطاء والحالمين. تحدّث بلغتهم، وآمن بأحلامهم، ورفع رأسهم عاليًا حين كان الانكسار قدرًا مفروضًا. كان الحلم العربي في هيبته، والقوة في صدقه، والإنسان في قربه من الناس.
في حضوره، شعر الفلاح أنّ له أرضًا يحميها، والعامل أنّ له كرامة تصان، والمثقف أنّ للأمة رسالة تضيء دروبها. لم يكن رئيسًا في قصر، بل أبًا في قلب كل بيت، يحيا بينهم، ويتألم بآلامهم، ويقاتل من أجل مستقبلهم.
وحين جاءت النكسة، لم يتوارَ خلف المكاتب ولا خلف الجدران، بل خرج إلى الجماهير كالشجرة التي لا تنحني للعاصفة، يعلن مسؤوليته بصدق نادر، فيزداد حب الناس له، ويصرّون على بقائه زعيمًا وقائدًا.
رحل عبد الناصر، لكن صورته بقيت، وصوته لم يفارق الأذن العربية: “ارفع رأسك يا أخي”. ومنذ ذلك اليوم، صار رمزًا لكل من يرفض الذلّ، ويؤمن أن الكرامة حقّ لا يُساوم عليه.
في ذكرى رحيله، نقف أمام سيرته لا لنرثي الغياب، بل لنجدّد العهد بأن تظل كلماته نبراسًا، وأن يبقى حلمه بالحرية والعدالة والوحدة حيًا في وجدان الأجيال. فالأجساد تفنى، لكن الرموز العظيمة تبقى خالدة كالأوطان.
رحم الله الزعيم جمال عبد الناصر… فقد كان رجلًا أكبر من زمانه، وما زال فينا حيًا، ما بقي فينا شوقٌ إلى الحرية وحنينٌ إلى الكرامة.
—