مدير تعليم المنوفية يتفقد ورشة خياطة لـ”فتيات المستقبل” في كفر السنابسة

المنوفية ..ريم ماهر
في قلب المنوفية، حيث تتراقص سنابل القمح على إيقاع الريح، تتشابك خيوط المستقبل مع نسيج الماضي. لم تعد ورش التعليم مجرد فصول دراسية جامدة، بل أصبحت مساحات للتأمل، يتجسد فيها الوجود الإنساني في أبهى صوره. هكذا كانت ورشة الخياطة في كفر السنابسة، التي لم تكن مجرد مشروع لتعليم فنون التطريز، بل كانت رحلة عميقة في أعماق الهوية والانتماء.
يُقال إن كل خيط هو قصة، وكل غرزة هي حكمة. وفي هذه الورشة، لم تكن الأقمشة مجرد قطع صماء، بل كانت لوحات بيضاء تنتظر أن تُروى عليها حكايات الفتيات. بدأت الأنامل الصغيرة ترسم أولى غرزها، لا على قماش عادي، بل على علم الوطن. كان العلم هنا أكثر من مجرد رمز، كان قَسَمًا صامتًا، عهدًا يُخاط بيدي الجيل الجديد، ليعكس روحًا متجددة من الولاء والانتماء. لقد تحولت عملية الخياطة إلى فعل فلسفي، حيث تتشابك الألوان الحمراء والبيضاء والسوداء مع خيوط الأمل الأخضر، لتنسج معًا رؤية لمصر المستقبل.
في خضم هذا المشهد الفني، كان حضور وكيل الوزارة، الدكتور محمد صلاح، والوفد المرافق له، ليس مجرد زيارة رسمية، بل كان تجسيدًا لدعم لا يقتصر على الكلمات. لقد استمع “صلاح” إلى همس الطموحات التي كانت تتسلل من بين أصابع الفتيات، وإلى احتياجاتهن التي كانت تتردد كصدى في الفضاء: ماكينات خياطة حديثة وماكينة “سرفلة”. لم تكن هذه الأدوات مجرد آلات، بل كانت أدوات تمكين، تفتح الأبواب على عوالم جديدة من الإبداع والإنتاج. ووعده بتلبية هذه الاحتياجات كان بمثابة إدراك عميق بأن المعرفة لا تكتمل إلا بالأدوات التي تحولها إلى واقع ملموس.
المشروع لم يكن ليقف عند حدود الخياطة فقط، بل كان يهدف إلى ربط هذه الحرفة بسوق العمل. بيع الأعلام للمدارس كان بمثابة الخطوة الأولى نحو تحويل الحرف اليدوية إلى مشاريع اقتصادية مستدامة. هذه الرؤية تُبرز فلسفة جديدة في التعليم، تتجاوز الجانب الأكاديمي الصرف، لتصل إلى التمكين المهني، وتأهيل الفتيات ليصبحن قادرات على تحقيق استقلالهن المادي، والمساهمة في بناء مجتمعهن. لقد تحولت ورشة الخياطة إلى معمل للفكر الاقتصادي، حيث تُزرع بذور الأمل لتحصد ثمار النجاح.
وهكذا، في كفر السنابسة، تتشابك خيوط الفلسفة مع الإبرة، لترسم لوحة فنية بديعة عنوانها الأمل، ورسالتها التمكين، ومضمونها أن التعليم ليس مجرد معرفة، بل هو حياة.