سنن يوم الجمعة.. الاغتسال والتطيب وقراءة سورة الكهف ولبس أحسن الثياب
أقيمت صلاة الجمعة في أول الهجرة عندما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة المنورة، وثبت وجوبها بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا!» إذا نودي للصلاة يوم الجمعة فابتغوا إلى ذكر الله وذروا البيع. ذلكم خير لكم لو كنتم تعلمون. [الجمعة: 9]هناك عدد من السنن لصلاة الجمعة التي يستحب للمسلم أن يؤديها.
“السنن التي يستحب القيام بها في يوم الجمعة هي: “”الاغتسال، والتطيب، وقراءة سورة الكهف، والبحث عن ساعة الاستجابة، ولبس أحسن الثياب، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم”” والتبكير إلى المسجد واستخدام السواك».
اتفق علماء الأمة قديما وحديثا على أن سنة صلاة الجمعة حلال مستحب، وقد روي عملها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجماعة من الكرام. والصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم. ولا أصل للقول بكراهته، فضلا عن كونه بدعة أو حراما. بل القول بكفرها بدعة مذمومة.
اتفق العلماء على جواز صلاة التطوع بعد صلاة الجمعة. وفيه فرق بينهما في الأفضل؛ هل هي ركعتان أم أربع؟ وأما صلاة التطوع قبل الجمعة؛ فهي إما صلاة تطوع مطلقة، أو صلاة سنة راتبة.
وأما النفل المطلق: فلا خلاف في جوازه بين الفقهاء. فهو جائز بل ومستحب، ومن الأدلة عليه:
حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة فقد طهر مثل ما طهر» قادر، ثم دهن أو مس طيبا، ثم انصرف ولم يفرق بيني وبين اثنين، فصلى ما كتب له، فإذا بالإمام قد خرج واستمع. فغفر له ما كان بينه وبين صلاة الجمعة الأخرى». رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من اغتسل، ثم أتى الجمعة، يصلي ما قدر له، ثم يستمع حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وأجر ثلاثة أيام». رواه مسلم.
أما راتبة صلاة الجمعة فقد اختلفوا فيها على قولين:
الرأي الأول: أن لصلاة الجمعة سنة راتبة سابقة. وهذا هو رأي الحنفية، والرأي الشافعي في أظهر القولين، ورأي الحنابلة في إحدى الروايتين. بل هو رأي أكثر العلماء كما يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي.
وعند الحنفية: سنة الجمعة أربع قبلها، وبعدها أربع. قال العلامة ابن عابدين الحنفي في “”رد المحتار على الدر المختار”” (1/452 ط. إحياء التراث) : [وسُنَّ مُؤَكَّدًا أربعٌ قبلَ الظُّهر، وأربعٌ قبلَ الجمعة، وأربعٌ بعدَها بتسليمة] أوه.
وقال الشافعية: أقل السنة ركعتان قبلها، وركعتان بعدها. قال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في “مغني المحتاج على شرح منهاج الطالبين” (1/220 طبعة دار الفكر): [وبعد الجمعة أربع، وقبلها ما قبل الظهر؛ أى: ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتين] أوه.
الرأي الثاني: لا يشترط لصلاة الجمعة صلاة مطلقة، مع مشروعية التطوع المطلق قبل صلاة الجمعة. وهذا رأي المالكية، وأحد قولي الحنابلة.
أما المالكية: فليس لديهم شروط معينة في الفريضة، مع جواز النفل مطلقا. قال العلامة ابن شاس المالكي في “عقد الجواهر الثمينة في عقيدة عالم المدينة المنورة”: [الفصل الأول: في الرواتب، وهي المفعولة تبعًا للفرائض، كركعتي الفجر، وركعة الوتر. وعد القاضي أبو محمد، من ذلك الركوع قبل العصر، وبعد المغرب. وقال في الكتاب: قلت: هل كان مالك يؤقت قبل الظهر من النافلة ركعات معلومات أو بعد الظهر، أو قبل العصر، أو بعد المغرب، فيما بين المغرب والعشاء، أو بعد العشاء؟ قال: لا، وإنما يؤقت في هذا أهل العراق] أوه.
وأما الحنابلة: فقد اتفقوا على استحباب الصلاة قبل الجمعة. فمنهم من جعل ذلك سنة منتظمة، ومنهم من جعله تطوعاً مطلقاً؛ قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في فتح الباري : [وقد اختلف في الصلاة قبل الجمعة: هل هي من السنن الرواتب كسنة الظهر قبلَها، أم هي مستحبة مرغَّبٌ فيها كالصلاة قبل العصر؟ وأكثر العلماء على أنها سُنَّةٌ راتبةٌ، منهم: الأوزاعي، والثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه، وهو ظاهر كلام أحمد، وقد ذكره القاضي أبو يعلى في “شرح المذهب” وابن عقيل، وهو الصحيح عند أصحاب الشافعي. وقال كثير من متأخري أصحابنا: ليست سنةً راتبة، بل مستحبة] أوه.
قال العلامة المرداوي الحنبلي في “الإنصاف” : [وعنه (أي: من الروايات عن الإمام أحمد): لها (أي للجمعة) ركعتان، اخْتارَه ابن عَقيلٍ. قال الشيخُ تقي الدين: هو قولُ طائفةٍ من أصحاب الإِمام أحمدَ، قلتُ: اخْتارَه القاضي مُصَرَّحًا به في “شرح المذهَبِ”، قاله ابنُ رَجَبٍ في كتابِ “نفي البِدْعَةِ عن الصَّلاةِ قبلَ الجُمُعَةِ”.
وعنه: أرْبَعٌ بسَلامٍ أو سلامين، قالَه في “الرعاية” أيضًا، قال الشَّيخُ تقيُّ الدين: هو قولُ طائفةٍ مِن أصحابِنا أيضًا، قال عَبْدُ اللَّهِ: رأيْتُ أبِي يصلِّي في المَسجِد إذا أذَّن المُؤَذِّنُ يومَ الجمعة ركعاتٍ، وقال: رأَيتُه يصلِّي ركعاتٍ قبلَ الخُطْبَةِ، فإذا قَرُبَ الأذانُ أو الخُطْبةُ تربَّع ونكَّس رأْسَه. وقال ابن هانئٍ: رأيتُه إذا أخَذ في الأَذانِ قامَ فصلَّى ركْعَتَين أو أرْبعًا، قال: وقال: أخْتارُ قبلَها رَكْعَتَين وبعدَها سِتًّا، وصلاةُ أحمدَ تدُلُّ على الاسْتِحْبابِ] أوه.
ومن قال إنها سنة عادية فقد روى أحاديث كثيرة. منها:
حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء سليك الغطفاني رضي الله عنه يوم الجمعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الأسرة، كانت تجلس على المنبر. فجلس سليك رضي الله عنه قبل أن يصلي، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ركعت». ركعتين؟ هو قال لا. قال: «قم فاسجد عليهما». متفق عليه، واللفظ لمسلم.