اللواء محمد إبراهيم الدويرى: مصر تتحرك بفاعلية لإحداث تغيير إيجابى للوضع الراهن فى غزة
كيف ستنتهي الحرب على غزة؟ سؤال طرحه اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، في مقاله المنشور اليوم بجريدة الأهرام، والذي أشار فيه إلى أن الواقع الحالي يؤكد أن كافة الجهود ولم تتمكن القوى الإقليمية والداخلية حتى الآن من… إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة ستنتهي، على الرغم من أن عمليات القتل التي يتعرض لها السكان المدنيون الفلسطينيون العزل، والتي نشهدها جميعاً، كافية لكي يتخذ المجتمع الدولي قراراً التحرك بفعالية لوقف هذه الحرب وعدم الاكتفاء بالمشاهدة فقط. ورغم أننا لاحظنا مؤخراً أن هناك محاولات للتوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة، ورغم أهميتها إلا أنها لا توقف النزيف بشكل كامل.
وأضاف الدويري أن إسرائيل تتحرك وفق الأهداف التي حددتها منذ اليوم الأول للعمليات وهي القضاء على سيطرة حماس على غزة وتدمير بنيتها العسكرية. ثم أضافت مؤخراً هدفاً جديداً وهو استمرار جيشها في قطاع غزة لفترة من الوقت لضمان عدم تكرار أحداث 7 أكتوبر الماضي. ولا شك أن هذه الأهداف مجتمعة تشير إلى أن إسرائيل متمسكة بمسار الحرب، بغض النظر عن الخسائر سواء في صفوفها أو في صفوف المدنيين الفلسطينيين، والتي ترتفع كل يوم بأعداد مخيفة، حيث تجاوزت الخمسين ألف فلسطيني. قتلى وجرحى ومفقودين، وبعد مرور نحو شهر ونصف على هذه الحرب الشرسة، يمكن القول إن نتنياهو خضع، للمرة الأولى -وربما الأخيرة- لمطالب داخلية وضغوط أميركية للوصول إلى هدنة مؤقتة ومشروطة لتنفيذ صفقة تبادل أسرى يتم بموجبها إطلاق سراح أعداد محددة من المدنيين الإسرائيليين والأمريكيين، مقابل إطلاق سراح أعداد أكبر من الأسرى الفلسطينيين. في السجون الإسرائيلية. وفي هذا الصدد لا بد من طرح السؤال التالي: هل ستؤدي الهدنة الإنسانية إلى وقف كامل لإطلاق النار؟ فهل يمكننا البناء عليه مستقبلاً لإنهاء الحرب؟ في رأيي أن إسرائيل، التي تملك وحدها الإجابة على هذا السؤال، تعتزم مواصلة عملياتها بعد إتمام الصفقة ولن تتجه نحو إنهاء الحرب، كما تحقق الأهداف التي حددتها لنفسها منذ البداية ومحاولة استعادتها. هيبة إسرائيل وقوة الردع التي تدهورت نتيجة عملية حماس ستجبرها على الاستمرار. الحرب مهما كانت نتائجها.
وأشار اللواء محمد إبراهيم الدويري إلى بروز موقف الولايات المتحدة كأحد الأطراف الرئيسية التي تعاملت مع هذه الحرب بشكل فاق كل التوقعات في سلبيتها. ومع الاعتراف بأن واشنطن تتبنى الموقف الإسرائيلي بشكل عام، فقد أثبتت هذه الحرب أن الدعم الأمريكي لتل أبيب سياسيا وعسكريا واقتصاديا يكاد يكون يتجاوز الحدود. أي مصالح أميركية في المنطقة، إذ يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الولايات المتحدة تتبنى مبدأ المعايير المزدوجة الذي يصب في صالح إسرائيل، وقد ركزت الإدارة الأميركية بشكل واضح على مسألة تبادل الأسرى بهدف إطلاق سراح مواطنيها. الذين في حوزة حماس، التي ستدعم موقف «بايدن» في الانتخابات الرئاسية، لكن دون ذلك، حرص التحرك الأميركي على مطالبة إسرائيل بثلاثة مطالب رئيسية: الأول، تجنب قتل المدنيين الفلسطينيين، و والثاني، رفض احتلال قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، حتى لو شدد على ضرورة عدم عودة حماس إلى السيطرة على غزة. أما المطلب الثالث فهو عدم توسيع دائرة الصراع.
وفيما يتعلق بالموقف الفلسطيني، قال نائب مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية: “ليس من العدل أن نثقل على السلطة الفلسطينية بما يتجاوز قدراتها، فالمشاكل التي تعاني منها هي بسبب السياسة الإسرائيلية التي تعمدت إضعافها”. السلطة ومؤسساتها الأمنية والسياسية بحيث لا تتمكن من الوفاء بالتزاماتها، وبالتالي لا يوجد شريك فلسطيني في عملية السلام، وهو ما يؤكد أن الانقسام الفلسطيني مصلحة استراتيجية لإسرائيل حرصت على استمرارها. . أما موقف المقاومة الفلسطينية، فمن الواضح أنها تحاول مواجهة العمليات الإسرائيلية بما تمتلكه من إمكانيات، وتحرص على مناورة خاطفيها لتحقيق مكاسب على الأرض. خاصة التوصل إلى هدنة إنسانية أو أكثر، على أمل أن توفر متنفساً وقد تؤدي إلى تغيير ولو نسبياً في مسار الحرب الحالية”.
وتحدث اللواء محمد إبراهيم عن الموقف المصري الذي قال إنه يتحرك بفعالية أكبر من أي طرف آخر ويستخدم كافة أدواته لإحداث أي تغيير إيجابي في الوضع الحالي في غزة سواء من خلال إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية من معبر رفح. أو استمرار الضغوط للتوصل إلى هدنة إنسانية. أو استكمال صفقة تبادل الأسرى، إضافة إلى المطالبة ببلورة تسوية سياسية مستقبلاً لتنفيذ مبدأ حل الدولتين.
وأضاف الدويري: “السؤال المشروع والمنطقي الذي يطرحه الجميع هو متى وكيف ستنتهي الحرب؟”. وما هو الوضع المتوقع بعد الانتهاء منه؟ وهنا نوضح أن الواقع يشير إلى ما يلي: إسرائيل ملتزمة بمواصلة عملياتها في غزة حتى تحقق أهدافها، مما يعني أن الحرب ستستغرق وقتاً طويلاً. إن أكثر من يعاني من هذه الحرب هو الشعب الفلسطيني، الذي يعاني من كافة أنواع العقاب الجماعي. مصر لن تسمح بتهجير سكان غزة إلى سيناء، وهذا خط أحمر لأمننا القومي. ولن تنجح الضغوط الأميركية والأوروبية والعربية وحدها في إنهاء الحرب، وهو ما يتطلب ضغطاً إسرائيلياً داخلياً قوياً. ولا خيار أمام المقاومة الفلسطينية سوى الاستمرار في مواجهة الجيش الإسرائيلي حتى تتضح الصورة النهائية للحرب. خلاصة القول هي أن الحرب على غزة ستستمر لفترة غير متوقعة، وستكون نتائجها سلبية على الجميع بدرجات متفاوتة. وهنا لا يجوز للسلطة الفلسطينية أن تترك العالم يقرر مستقبل غزة بمفردها من دونها. ويجب على المجتمع الدولي أيضاً أن يستفيد من هذه الأحداث، وأن يعلم أنه بدون حل عادل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لا أمل في أن نشهد استقراراً في المنطقة، وانفجار الوضع الفلسطيني من جديد، خاصة في الضفة الغربية، هي مسألة وقت فقط.