كيف يتم اختيار الحكومة؟
بقلم : نجوى حجازي
حالة من اليأس تنتاب المصريين حالياً ممزوجة بالأسى والحزن ، هذا بخلاف الإنقسام الفكري مابين مؤيد للحال الذي آلت اليه ظروف المصريين وبأنها مرحلة صعبة وستمر ، وبين المعارض لكل تلك الظروف والأحوال .
وهنا كان يجب أن أعبر عن تلك الآراء سواء المؤيدة أو المعارضة برؤية خاصة .
فلو كنت من المعارضين فهناك الكثير من الضبابية في كل شئ ، والتعتيم الغير مفهوم ، لأن الحالة التي يعيشها المصريون الآن هي حالة لامبالاة لكثير من الضوابط التي يمرن المواطن عليها نفسه دائماً من ضبط لانفعالاته البسيطة ، والدليل تعليقات الناس على كل ما يحدث ، فمن عادة المصريين تحويل كل أمر صعب إلى فكاهة ، فإذا تحولت تعليقاتهم إلى سباب وشتائم دون النظر إلى المقصود من وراء ذلك فهذا أمر جلل ويستحق التأمل والعلاج .
ورد الفعل هذا يبدو طبيعيا جداً ، فقد ابتلى الله شعب مصر على مر العقود بحكومات على اختلاف اشكالها إلا أنها تتشابه في آلية الفكر ،فلم نسمع يوماً أو نرى وزيراً أتى إلى منصبه لأنه صاحب فكر مستنير وأفكار ناجحة ، ويستطيع أن يصنع من الفسيخ شربات مثلاً، لم نسمع أنه قد تم اختيار وزير لأنه قدم فكرة مشروع لينهض بمجال من المجالات ، أو تم اختيار شاب نابغة في مجال الطاقة التي بلغت مشكلتها حد التفاقم فما أشبه وزير التعليم اليوم بكل الوزراء السابقين فيبدو أن تحقيق النجاح الوزاري مرهون ببكاء طلبة الثانوية العامة وبيع أهلهم أغلى ما يملكون من أجل الدروس الخصوصية ، وكأن أكبر انجاز لوزرائنا هو إخراج أحزان الشعب المصري ، وتطور الحال وتطورت آليات إبهار الشعب الصبور ، فقضوا على جميع أحلامه المستقبلية ،لأنه وطبقاً لما يحدث على أرض الواقع يعود إلى الوراء ، إلى عصر الشموع لانه لا يملك حق (الجاز ) إذا كان لديه مصباح ، ماتت اماله في أن يعلو عن طبقته الإجتماعيه فهو الآن يحاول عدم الهبوط لأكثر من خمس درجات عن مستواه الحالي ، وباتت أحلام اليقظه في الحياة الكريمة كابوس مخيف من عدم اللحاق بركب الأحياء بعد أن قست الحياة فأصبح يخشى على الوجبة الوحيدة التي يتناولها ان يستيقظ يوماً فلا يجد ثمنها .
ولم تكتف الحكومة الحالية بكل تلك المصائب والتدهور ففعلت فعل الزوج الغادر الذي كافأ زوجته على صبرها معه بأن تزوج عليها العديد من النساء ، ففتحت الباب على مصرعيه لكل متردية ونطيحة من بلاد موبوءة بالجهل والعنصرية والحزبية والتعددية والطائفية ، وطلبت من الشعب ان يتقبلهم ويتعايش معهم دون وضع آلية وقانون يحكم وجود هؤلاء ، فاختلطت الأوراق واختلط الحابل بالنابل فمن أتى لاجئاً أصبح صاحب أملاك ومحال وعقارات وتحكم فيمن يعمل لديه فرفض المصري ، وقال ابن بلدي هو الأولى والحكومة نائمة ، ولا تعلم الذي جاء هارباً لايملك حقيبة ملابس من الذي موله من داخل مصر وجعله سيداً في موقعه ،فقضوا على الأخضر واليابس ، ولم يكتفوا بذلك بل وجدوا مصر أرضاً خصبة للزواج والإنجاب كما تم التخطيط لهم واعتقد معروف من يملك فكر كثرة الانجاب في مصر والعالم العربي ، فتجد الفرد أصبح أربعة ، وتأتي حكومتنا وتطلب من الشعب تحديد النسل ، وهنا نقف عاجزين عن الفهم ، هل يحدد الشعب المصري نسله من أجل أن يحمل أبناء الآخرين على الأكتاف ؟؟؟
هل جزاء المرأة المصرية التي حملت هموم بلدها وفقدان أبنائها في الحروب منذ فجر التاريخ، وأخرجت فخر الرجال أن تُهان ممن كانوا عبيداً وجواري يباعون في أسواق النخاسة قديماً ،في الوقت الذي كانت المرأة المصرية ملكة متوجة على عرشها ، أن يقول عنها هؤلاء أننا نستخدمها خادمة لدينا في بلدكم ، وتقف الحكومة لا أذن تسمع ولا عين ترى .
هل وجدت الحكومة حلاً أفضل من إيقاف المصانع بسبب انقطاع الكهرباء فأعفت أصحاب هذه المصانع من الضرائب لمدة خمس سنوات مع تسهيلات أخرى بشرط إيجاد حلول وبدائل للتشغيل بدلاً من استسهال قطع الأرزاق بحجة الكهرباء والدولار .
هل أوجدت الحكومة فرصاً لعمل الشباب مثلاً من خلال أفكار جديدة ، كتبني فكرة مشروعات النظافة وزراعة أشجار الفواكه والثمار في الشوارع ، وتستطيع تحصيل رواتب هؤلاء من الشعب كل شهر بدفع ضريبة قيمتها خمسة جنيهات مثلاً،فتصبح البلد نظيفة ومزروعة بثمار تطرح للشعب طعاماً .
هل اتخذت الحكومة الفكر الغربي في إرضاء المواطن مادياً من خلال راتب يكفيه وسحبه منه بطريقة أخرى تحت شعار حق الدولة ، بدلاً من محاسبة المواطن على مكالمات هاتفية وهو في الأصل لا يملك هاتفاً .
لماذا تترك الدولة أصحاب المال الناجحين فيها والذين استطاعوا تحويل الأفكار إلى واقع كرجال الأعمال البارزين والمزارعين الناجحين وتذهب لمن يملك الأقدمية دون الابداع!!!فنجد من يرصف الطريق أولاً ثم يحفره مرة أخرى من أجل تنفيذ المشروع ، فتدفع ثمن الفساد الإداري والفكري الذي يدور بنا في نفس الدائرة المغلقة .
وإذا كنت من المؤيدين فأنا أؤيد كل ماتم على أرض الواقع وأتى ثماره المرجوة منه ،والذي نلمسه واقعاً في مجال السياحة واتجاه الأنظار إلى مصر مؤخراً رغم توترات المنطقة والنزاعات الغربية ، فمصر استطاعت تحقيق المعادلة الصعبة في وقت وجيز وبامكانيات متواضعة بالقياس لحجم الضغوطات الكثيرة .
ولكن يبقى السؤال عالقاً محيراً كيف يتم اختيار الحكومة في مصر ؟