فن وثقافة

إبنة الإمارة الباسمة .. صالحة غابش المرأة الإماراتية تعيش عصرها الذهبي والأديبات تحظين باهتمام خاص

اجرت الحوار .. سماح علام

في حوار جمع بين العمق والأصالة لصاحبة الأنامل المبدعة التي استطاعت بإسلوبها العفوي وبطريقة فريدة مستلهمة من قلب البيئة الإماراتية العريقة التي تربط بين الحضارة والتحضر ، أمتعت الكاتبة الإماراتية صالحة غابش ،رئيس المكتب الثقافي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة قراءها في الوطن العربي بسرد تجربتها الثرية في عالم الكتابة ورحلة تنقلها بين كل ألوانها وأقسامها تاركة للقراء ومضات من الذاكرة تُعد بمثابة مصباح يُهتدى به لكل عاشق للكلمة ولمن يسعى لأن يكون أحد روادها .

حدثتنا الكاتبة عن بدايتها المهنية كمعلمة للغة العربية التي عشقتها منذ الصغر وكيف كانت تطمح بأن تعمل في مجال التدريس موضحة بأن ذلك أصبح مغايراً تماماً لطموحات فتيات الجيل الحالي التي تتماشى مع تطورات العصر ، فأصبح طموح الفتاة بأن تكون رائدة فضاء او التخصص في الذكاء الاصطناعي، واوضحت انها تدرجت في سلك التدريس من المرحلة الإبتدائية إلى الإعدادية ثم الثانوية وأكملت شغفها لحب اللغة العربية بدراسة تمهيدي ماجستير بنفس التخصص ولكنها لم تستطيع استكمال طريقها الأكاديمي والحصول على الماجستير والدكتوراة بسبب شعورها بالمسؤولية تجاه العمل ومتطلباته.

وفي خطوة تحولية وبثقة تعتز بها من قبل صاحبة السمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة حيث أوكلت لها العمل بنادي سيدات الشارقة بعد أن كانت قد بدأت بالفعل في الكتابة ودخول المجتمع الثقافي والأدبي من خلال قصة قصيرة وقصائد شعرية وأصبحت عضو إتحاد كتاب وادباء الإمارات ، مما جعلها في بيئة تنافسية شريفة زادت من حبها للكتابة

قالت غابش إن هذا التحول التي حظيت به شكل منعطف هام في حياتها العملية بشكل عام ومسيرتها الثقافية بشكل خاص ، فقد شغلت منصب مديرة رابطة أديبات الامارات وقد ساهم ذلك في إنطلاقها بقوة ككاتبة وتحفيزها على الإنتاج الأدبي ، ثم تم تعينها كمديرة لإدارة الشؤون الثقافية بنادي سيدات الشارقة الذي كان يسود عليه الطابع الثقافي في ذلك الوقت وكان نواة لإنطلاق العديد من المؤسسات المتنوعة التي تخدم المجتمع وخاصة المرأة والطفل ، وقد عملت من خلال منصبها على تطوير العديد من البرامج التي استقرت على جائزة المرأة الخليجية حالياً .

خلال هذه الفترة اصدرت عدة كتب وروايات حتى تم إنشاء المجلس الأعلى لشؤون الأسرة وقد شغلت فيه منصب أمين عام المجلس فأصبحت طبيعة عملها إجتماعية اكثر منها ثقافية فتوقفت عن الكتابة لما يقارب السبع سنوات وكانت كتابتها تتمثل في اطار العمل ومتطلباته فقط ، إلا أن ذلك ساهم في نمو مهاراتها في الكتابة المسرحية فكانت تتواصل مع المختصين في هذا النوع من الكتابة في الوطن العربي وخاصة مصر للإستفادة من خبراتهم وكانت تسعد لآرائهم النقدية التي تعملت منها الكثير.

وتحدثت الكاتبة ل( مصر الحضارة ) عن تجربتها في العمل التليفزيوني من خلال مسلسل( بنات شما )الذي ربط بين حبها للكتابة وتقديم نموذج عن المرأة الإماراتية، وأضافت انه وبالرغم من أن الشعر هو ما اعطاها قفزة نوعية في المجال الثقافي، إلا أنها دائماً ما تحن إلى الإسلوب السردي في الكتابة لذلك اصدرت رواية بعنوان (رائحة الزنجبيل )التي صدرت عن دار الثقافة والإعلام ، لتكون المحصلة الكتابية حالياً هي .. 6 دواوين شعرية وروايتين و كتاب مجمع للأعمال المسرحية بالإضافة إلى كتابين توثيقيين الأول عن سمو الشيخة جواهر القاسمي والثاني عن شيخة النادي رائدة كاتبات القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة سلطان العويس الثقافية.

اكملت الكاتبة المبدعة حديثها بأنها دائماً ما تُسئل عن سبب توجهها لمختلف أشكال الكتابة وأنها لا تتخص في نوع واحد منها ، وقد ارجعت ذلك لعلاقتها بالكلمة والكتابة وحبها لهما فهي تجد متعتها في التعامل مع الحروف وهذا مايجعلها تتجه لشتى انواع الكتابة بما فيهم أدب الطفل الذي اصدرت فيه ما يقارب 25 كتاب للأطفال واليافعين ، وكان هذا حافزاً لها لإفتتاح دار نشر للفتيات اسمه صديقات للنشر والتوزيع.

انتقلت بنا غابش لعملها في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ، حيث رجعت بالزمن للوراء تحديداً في بداية عملها به وإنشاء مجلة ( مرامي )وهي مجلة إجتماعية تحولت من ورقية إلى الكترونية اثناء فترة فيروس كورونا ثم استمرت على ذلك ، ثم انشات الكاتبة مجلة (صديقاتي العزيزات) وهي مجلة متخصصة في شؤون الفتيات ، مشيرة إلى أن هذا الإتجاه غير منتشر في العالم العربي بإستثناء بعض المجلات المترجمة من لغات اجنبية ، لذلك هي حريصة على تطوير هذه المجلة والترويج لها حيث ينتسب إليها العديد من الأقلام العربية وليس الإماراتية فقط.

اكدت الكاتبة انها تطمح للتفرغ للكتابة والعمل الثقافي ، وأنها سعيدة بكونها تنتمي لمؤسسة كبيرة كالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة معتبرة نفسها من المحظوظات بذلك لما تتمتع به من إهتمام وتقدير من قبل القيادة كبقية رفيقات العمل لأن ذلك سبب مهم في خلق بيئة إبداعية مميزة وفريدة تنمي حب العطاء وخدمة المجتمع داخل الفرد.

وبسؤالها عن اقرب كتاباتها لها .. اجابت غابش بأن رواية (رائحة الزنجبيل) هي الأقرب والأحب لقلبها وهي أولى رواياتها وقد جمعت العديد من الشخصيات النسائية في شخصية واحدة جسدتها ( عليا ) بطلة الرواية ، فهي الإبنة والأخت والصديقة تعمل كأستاذة جامعية وسيدة أعمال تطمح أن تعيد قصة عاشتها وكادت أن تتحقق لولا انها توقفت بسبب الظروف الإجتماعية بالرغم من إمتلاكها الكثير من المقومات .

وعن كتابة الشعر وما اذا كان يمثل لها حالة خاصة .. قالت أنه قطعاً له علاقة بالحالة الخاصة التي تشعر بها ولكن ليس من الضروري ان تكون هذه الحالة تمثلها بشكل شخصي    فربما هي نوع من التأثر بتجربة أحد المقربين منها او المتواجدين في محيطها .

وعن تقييمها لدور المرأة العربية فى المجال الأدبي ، قالت إن المرأة العربية استطاعت أن تثبت نفسها في العديد من المجالات وكذلك في الساحات الثقافية العربية ، فالكثير من الكاتبات أوجدن لأنفسهن مكانة في وقتنا الحالي بعد أن كانت بعضهن تضطر في السابق إلى الكتابة تحت إسم مستعار هرباً من القيود التي تفرضها اسرتها عليها وبالتالي المجتمع ، فدائماً ما يتم الربط بين ما تكتب المرأة وبين ما تعيش من واقع فيعتبرون ان كتاباتها هي تجاربها الشخصية مما يمثل عليها عبء نفسي كبير ، لكن هذا الأمر قد تلاشى بمرور الوقت وأصبحت هناك حرية كافية للكاتبات ساهمت في تحقيق اهدافهن ، فأصبحت المرأة الأديبة في وطننا محل فخر واعتزاز من قبل الأسرة والمجتمع ، واكدت أن المرأة الإماراتية تعيش عصرها الذهبي وأن الكرة اصبحت في ملعبها ، فالقيادة اعطتها الثقة الكاملة في جميع المجالات حيث اصبح ما يقرب من 60% من القوى العاملة من النساء ، لذلك عليها أن تنطلق لأعلى نقطة تستطيع الوصول إليها في ظل توافر جميع الفرص والإمكانيات.

ووجهت صالحة غابش كلمة للكاتبات المبتدئات بأن يحسنوا استثمار المميزات المتاحة التي توفرها الدولة وأن يستخدموا التكنولوجيا بشكل إيجابي كعرض كتاباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي واستغلالها في تطوير مهارتهن الكتابية ، واكدت على أهمية القراءة التي تسهم في تشكيل هوية الكاتب وتدفعه للإبداع والتنوع ، بالإضافة إلى حضور المنتديات والمحاضرات .

اختتمت الكاتبة صالحة غابش حديثها بمنشادة المدراء في مؤسسات العمل وأولياء الأمور بتشجيع المواهب وتحفيزها وتوفير بيئة ملائمة لهم حتى يزدهر المجتمع ويثمر بالعديد من المتميزين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى