مقالات

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن فتح بيت المقدس

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن فتح بيت المقدس
بقلم \   المفكر العربى الدكتور خالد محمود  عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
إن النتائج الحاسمة في معركة حطين وظهور المسلمين بمظهر القوة شجعت القادة والجند والعلماء وعامة الشعب على المطالبة بفتح القدس فعقد صلاح الدين العزم على فتح بيت المقدس وتقدم بجيوشه لحصار المدينة بعد أن أمر أسطوله في مصر بالتوجه لقطع المدد البحري عن الصليبيين ، وعلم الصليبيون فحشدوا كل طاقتهم بقيادة بطريقهم الأكبر ومعه “باليان” حاكم الرملة ، وقد عزموا على الموت وهو أهون عندهم من تسليم القدس ، حصلت مناوشات بين مقدمة جيش المسلمين وطلائع الإفرنج فكانت الحرب سجالاً ، وتقدم المسلمون وأحاطوا بالقدس فرأوا على أسوار المدينة من الجند ما هالهم لكثرة حشدهم وجندهم الذي اجتمع لهم
وطاف صلاح الدين حول أسواره الشاهقة الممتنع ثم وجد أن القتال الأيسر من جهة الشمال ، من قرب باب عمودًا وكنيسة صهيون ، فنصب المجانيق في العشرين من رجب فأصبح من الغد فرمى بها ، ونصب الفرنج على السور أيضًا مجانيقهم ورموا المسلمين ، والمسلمون مقدمون لا يهابون إنهم يبذلون أرواحهم لاستنقاذ بيت المقدس من الصليبيين ، والصليبيون يدافعون عنه بدافع العقيدة أيضًا فلذلك اشتد القتال
وكان للإفرنج كل يوم خيالة يخرجون ويغيرون على المسلمين ويحدث قتلى من الطرفين وزاد حماس المسلمين مقتل عز الدين عيسى وهو من شجعان الأمراء ، وكان يباشر القتال بنفسه ، فحمل فرسان المسلمين حملة رجل واحد فأزالوا الفرنج عن مواقفهم فأدخلوهم بلدهم ووصل المسلمون إلى الخندق فتجاوزوه والتصقوا بالسور فنقبوه وزحف الرماة يحملونهم والمجانيق توالي الرمي لتكشف الفرنج عن الأسوار ثم نقبوا السور وحشوه بالمتفجرات
وهنا أسقط في أيد الفرنج واجتمعوا واتفقوا على تسليم البلدة بالأمان وأرسلوا إلى صلاح الدين فرفض وقال سأعاملكم مثلما عاملتم أهله يوم فتحتموه ، فطلب باليان الأمان ليصل إلى صلاح الدين فأمنوه وكلم صلاح الدين بالتسليم مع الأمان
فاستشار صلاح الدين أصحابه ثم قبل منهم التسليم مع الأمان وفرض عليهم مالاً على الرجل الكبير مقدارًا ، وعلى المرأة مقدارًا ، وعلى الصبي مقدارًا ، وأعطاهم مهلة أربعين يومًا ليجمعوا ذلك ثم ليخرجوا آمنين ، ولقد وفي قسم منهم وعفا صلاح الدين بما عرف عنه من رحمة عن كثير من فقرائهم وعجزتهم .وتسلم المدينة في 27 رجب 583 هـ وأحضر المنبر الذي صنعه نور الدين ، وخطبت أول جمعة في الرابع من شعبان 583 هـ.
أول جمعة تقام ببيت المقدس بعد استعادته من الصليبيين 4 شعبان 583 هـ :
في اليوم الرابع من شعبان سنة 583 هـ كانت أول جمعة أقيمت بالمسجد الأقصى المبارك بعد تحريره واستعادته من الصليبيين يصف ابن كثير هذا المشهد بقوله : ” لما تطهر بيت المقدس مما كان فيه من الصلبان والنواقيس والرهبان والقساوس ودخله أهل الإيمان ونودي بالآذان وقرئ القرآن ووحد الرحمن … فنصب المنبر إلى جانب المحراب وبسطت البسط وعلقت القناديل وتلي التنزيل وبطلت الأباطيل … وارتفعت الدعوات ونزلت البركات وانجلت الكربات وأذن المؤذنون وخرس القسيسون … وعُبِدَ الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، وكبره الراكع والساجد والقائم والقاعد وامتلأ الجامع وسالت لرقة القلوب المدامع ولما أذن المؤذنون للصلاة قبل الزوال كادت القلوب تطير من الفرح في ذلك الحال “.
وعين القاضي محيي الدين بن الزكي خطيباً فخطب للناس خطبة فصيحة بليغة ذكر فيها شرف البيت المقدس وما ورد فيه من الفضائل والترغيبات وما فيه من الدلائل والأمارات وكان أول ما قال : ” فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ثم أورد تحميدات القرآن كلها ثم قال الحمد لله معز الإسلام بنصره ومذل الشرك بقهره ومصرف الأمور بأمره ومزيد النعم بشكره ومستدرج الكافرين بمكره الذي قدر الأيام دولاً بعدله وجعل العاقبة للمتقين بفضله وأفاض على العباد من طله وهطله الذي أظهر دينه على الدين كله القاهر فوق عباده فلا يمانع والظاهر على خليقته فلا ينازع والآمر بما يشاء فلا يراجع والحاكم بما يريد فلا يدافع أحمده على إظفاره وإظهاره وإعزازه لأوليائه ونصرة أنصاره ومطهر بيت المقدس من أدناس الشرك وأوضاه حمد من استشعر الحمد باطن سره وظاهر إجهاره .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد شهادة من طهر بالتوحيد قلبه وأرضى به ربه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله رافع الشكر وداحض الشرك ورافض الإفك
الذي أسري به من المسجد الحرام إلى هذا المسجد الأقصى وعرج به منه إلى السماوات العلا إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ما زاغ البصر وما طغى صلى الله عليه وسلم وعلى خليفته الصديق السابق إلى الإيمان وعلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أول من رفع عن هذا البيت شعار الصلبان وعلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان ذي النورين جامع القرآن وعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مزلزل الشرك ومكسر الأصنام وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان
ثم ذكر الموعظة وهي مشتملة على تغبيط الحاضرين بما يسره الله على أيديهم من فتح بيت المقدس الذي من شأنه كذا وكذا فذكر فضائله ومآثره وأنه أول القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه ولا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه
واليه أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام وصلى فيه بالأنبياء والرسل الكرام ومنه كان المعراج إلى السماوات ثم عاد إليه ثم سار منه إلى المسجد الحرام على البراق وهو أرض المحشر والمنشر يوم التلاق وهو مقر الأنبياء ومقصد الأولياء وقد أسس على التقوى من أول يوم .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى