قمة شرم الشيخ للسلام.. حين تتحدث مصر يسمع العالم

بقلم: سارة هليل
في مدينة السلام شرم الشيخ، التي اعتادت أن تجمع الشرق بالغرب، ارتفعت مجددًا أصوات العالم، لكن هذه المرة لتُصغي إلى صوت مصر وهي تتحدث عن السلام.
اليوم، الثالث عشر من أكتوبر 2025، انطلقت قمة شرم الشيخ الدولية للسلام برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة أكثر من عشرين دولة من القادة ورؤساء الحكومات والمنظمات الدولية.
جاءت القمة في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، لتؤكد مجددًا أن مصر كانت وما زالت قلب العروبة النابض وصوت الحكمة في الشرق الأوسط.
منذ اللحظة الأولى، لم تظهر مصر كمجرد مضيف كريم، بل كقائد واعٍ يُدير دفة الحوار نحو برّ الأمان.
ففي كل لقاء وكلمة، شدّد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن السلام العادل والشامل هو الخيار الوحيد القادر على ضمان أمن المنطقة واستقرارها، وأن القضية الفلسطينية ستظل محور اهتمام مصر وركيزة مواقفها العربية والإنسانية.
وأكد الرئيس أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليست مجرد بند تفاوضي، بل حق إنساني أصيل لا يقبل المساومة.
“مصر تتحدث باسم الضمير الإنساني”… كمصرية تتابع هذه اللحظات بشعور عميق بالفخر والأمل، أري مصر تتحدث لا باسمها فقط، بل باسم كل أم فلسطينية تنتظر الأمان لأطفالها، وباسم كل إنسان يتمنى أن يرى الشرق الأوسط يتنفس سلامًا بعد سنوات من الدم والدمار الشامل.
لقد كان مشهد الرئيس السيسي وهو يقود القمة صورة رمزية لمعنى القيادة الحقيقية، قيادة تجمع المختلفين حول مائدة واحدة، لا بالسلاح، بل بالكلمة والعقل.
القمة لم تكن حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل رسالة سياسية عالمية تجسد ثقة المجتمع الدولي في مصر ودورها التاريخي في حفظ الاستقرار.
فمن قمة مكافحة الإرهاب عام 1996 إلى مؤتمر المناخ “COP27” عام 2022، وها هي اليوم قمة السلام 2025، تؤكد شرم الشيخ أن مصر لا تزال منصة للحوار العالمي وموئلًا للحلول لا للأزمات.
هذا الدور ليس وليد اللحظة، بل امتداد لمسيرة قادة حملوا راية السلام جيلاً بعد جيل.
من جمال عبد الناصر الذي رفع راية التحرر العربي، إلى أنور السادات الذي صنع التاريخ في حرب أكتوبر ومدّ يده للسلام من موقع القوة، ثم حسني مبارك الذي حافظ على توازن المنطقة، كانت مصر دائمًا صانعة التوازن ومهندسة الاستقرار.
واليوم، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، استعادت مصر مكانتها العالمية بفضل دبلوماسية تقوم على الحزم والحكمة معًا، ورؤية تعتبر أن السلام ليس ضعفًا بل قوة أخلاقية وإنسانية.
لقد أصبحت القاهرة من جديد بوصلـة المنطقة، تتحدث بصوت العدل والكرامة، وتدافع عن حق الشعوب في أن تعيش بأمن على أرضها، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.
قمة شرم الشيخ للسلام أثبتت أن مصر لا ترفع شعار السلام كشكلٍ دبلوماسي، بل تمارسه كعقيدة وطنية وإنسانية.
فهي الدولة التي تؤمن بأن التنمية لا تزدهر إلا في ظل الأمن، وأن الأمن لا يتحقق إلا في ظل سلامٍ يقوم على العدالة والإنصاف.
ومنذ فجر التاريخ، كانت أرض الكنانة مهدًا للحضارة والتسامح، ولا تزال إلى اليوم تجسد هذا الإرث العظيم في سلوكها السياسي والدبلوماسي.
لقد تحدثت مصر في القمة لا إلى القادة فحسب، بل إلى الضمير الإنساني للعالم كله.
وكانت رسالتها واضحة:
السلام ليس حلمًا بعيدًا، بل قرار شجاع يجب أن يُتخذ.
وما دامت مصر تنطق بهذه الرسالة، فإن العالم سيصغي؛ لأنه حين تتحدث مصر، يسمعها الجميع.