عندما تحدث الرئيس.

بقلم: الإعلامية أمل مسعود
في لحظات فارقة من حياة الأمم، تأتي كلمات القيادة لتضع النقاط على الحروف، وتوجه البوصلة نحو الطريق الصحيح. وعندما تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن قضية حماية الطفولة وما شهدناه مؤخرًا من جرائم مؤلمة هزت الضمير المجتمعي، لم يكن حديثه مجرد تعليق عابر، بل كان رؤية شاملة تضع الإصبع على جوهر المشكلة.
القانون موجود… فأين التنفيذ؟
الرئيس علّق على اقتراح بتعديل قانون الطفل في أعقاب جرائم مؤسفة وقعت مؤخرًا، مؤكدًا أن الموضوع له بعد مجتمعي عميق. وهنا تكمن الحكمة: فمصر لا تفتقر إلى القوانين، فلدينا منظومة تشريعية تغطي مختلف المجالات، لكن العبرة الحقيقية تكمن في التنفيذ الصارم لهذه القوانين دون استثناء أو تهاون.
إن كثرة القوانين دون تفعيلها تشبه وجود خريطة طريق لا يسير عليها أحد. المشكلة ليست دائمًا في غياب النص القانوني، بل في ضعف تطبيقه وعدم حزم المؤسسات في ردع المخالفين. من هنا جاء تأكيد الرئيس على ضرورة التطبيق الحازم، لأن القانون الذي لا يُنفذ يفقد هيبته وقيمته الرادعة.
الوعي المجتمعي… الدرع الحقيقي
لكن الرئيس لم يتوقف عند حدود التنفيذ القانوني، بل أشار إلى عنصر أكثر عمقًا وأهمية: تطور الفكر والوعي لدى المواطنين. فالقانون وحده لا يصنع مجتمعًا آمنًا، بل لا بد من وعي جمعي يرفض السلوكيات الخاطئة ويحمي الضعفاء، خاصة الأطفال الذين يمثلون مستقبل الوطن.
الوعي هو الدرع الحقيقي الذي يحمي المجتمع، فعندما يدرك كل فرد مسؤوليته تجاه الآخرين، وعندما نغرس في أنفسنا قيم الرحمة والعدالة واحترام الطفولة، حينها فقط يمكن أن نبني مجتمعًا سليمًا متماسكًا.
مسؤولية مشتركة
وفي تشديده على الدور المجتمعي، أوضح الرئيس أن المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية المجتمع بأكمله. الأسرة هي النواة الأولى التي تزرع القيم، والمدرسة هي المساحة التي تصقل الشخصية وتبني الوعي، والجامعات تخرّج عقولًا مستنيرة قادرة على التفكير النقدي والمسؤول.
كذلك، فإن دور المساجد والكنائس لا يُستهان به، فهي منابر روحية تغذي الضمير وتعزز القيم الأخلاقية. أما الإعلام، فهو المرآة التي تعكس المجتمع والصوت الذي يشكل الرأي العام، وعليه مسؤولية كبرى في نشر الوعي والتصدي للسلوكيات الهدامة.
رسالة واضحة
عندما تحدث الرئيس، كان يوجه رسالة واضحة: حماية أطفالنا ليست قضية قانونية فحسب، بل هي قضية وطنية وإنسانية تتطلب تكاتف الجميع. إنها دعوة لمراجعة أنفسنا، لتطوير وعينا، ولتحمل مسؤولياتنا كاملة تجاه الأجيال القادمة.
إن الكلمات التي قالها الرئيس ليست شعارات ترفع ثم تُنسى، بل هي خارطة طريق عملية تحتاج منا جميعًا إلى التزام وعمل دؤوب. فلنجعل من كل بيت مدرسة للقيم، ومن كل مؤسسة حارسًا على القانون، ومن كل فرد منا راعيًا لحقوق الطفولة.
وعندما نفعل ذلك، سنكون قد استجبنا حقًا لرسالة الرئيس، وسنكون قد أديّنا واجبنا نحو وطن يستحق منا الأفضل دائمًا.
أمل مسعود
إعلامية



