مقالات
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الجهاد من منظور الإسلام

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الجهاد من منظور الإسلام
بقلم \ المفكر لعربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
ورد ذكر الجهاد كثيراً في الكتاب والسنة، فمن ذلك قول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [1] وقوله سبحانه: ﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [2].
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد) [3]، وقوله: (تكفل الله لمن جاهد في سبيله، لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة) [4].
فما هو الجهاد وما حقيقته وما أهدافه وما أحكامه وما دورنا في واقعنا المعاصر؟
لبيان ذلك أقول:
معنى الجهاد لغة واصطلاحاً:
قال العلامة ابن حجر العسقلاني: “الجهاد أصله لغةً: المشقة، وشرعاً: بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفساق” [5]. ثم أخذ يذكر أنواعه ومراتبه.
أنواع الجهاد ومراتبه:
وقد سبق الإمام ابن القيم إلى بيان هذه الأنواع والمراتب، فجعلها أربعة أنواع، أولها: جهاد النفس، وثانيها: جهاد الشيطان، وثالثها: جهاد الكفار ورابعها: جهاد المنافقين.
وقد قسم جهاد النفس إلى أربع مراتب:
أولاها: تعلم الدين الحق.
وثانيتها: العمل به، وثالثتها: الدعوة إليه، ورابعتها: الصبر على كل ذلك.
وقسم جهاد الشيطان إلى مرتبتين:
أولاهما: دفع الشبهات، ويكون بالعلم واليقين. وثانيتها: دفع الشهوات، ويكون بالصبر والاحتمال.
ثم قسم جهاد الكفار والمنافقين إلى أربع مراتب، أولاها: بالقلب، وثانيتها: باللسان، وثالثتها: بالمال، ورابعتها: بالنفس.
وأضاف إلى أنواع الجهاد جهاد أصحاب الظلم والبدع والمعاصي والمنكرات، وجعل مراتبه ثلاثاً، باليد إذا قدر.
فإن عجز فباللسان، فإن عجز فبالقلب[6].
فأما قتال الدفع فالهدف منه واضح جلي، وليس بحاجة إلى تبرير، فكل الشرائع تقره، وجميع العقول تسيغه، ذلك “أن قوى الشر والضلال تعمل في هذه الأرض، والمعركة مستمرة بين الخير والشر والهدى والضلال، والصراع قائم بين قوى الإيمان وقوى الطغيان منذ أن خلق الله الإنسان.
والشر جامح والباطل مسلح، وهو يبطش غير متحرج، ويملك أن يفتن الناس عن الخير إن اهتدوا إليه، فلابد للإيمان والخير والحق من قوة تحميها من البطش، وتقيها الفتنة، وتحرسها من الأشواك والسموم.
ولم يشأ الله أن يترك الإيمان والخير والحق عُزَّلاً، تكافح قوى الطغيان والشر والباطل، اعتماداً على قوة الإيمان في النفوس، فالقوة المادية التي يملكها الباطل قد تزلزل القلوب وتفتن النفوس وتزيغ الفطر، وللعبد حد وللاحتمال أمد وللطاقة البشرية مدى تنتهي إليه، ومن ثم لم يشأ أن يترك المؤمنين للفتنة، إلا ريثما يستعدون للمقاومة، ويتهيؤون للدفاع، ويتمكنون من وسائل الجهاد، وعندئذ أذن لهم في القتال”[7].
وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [8]، ويقول: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [9].
إذن فالغرض من جهاد الدفاع ضمان حرية العقيدة والعبادة، وحماية الشعائر وأماكن العبادة بما فيها معابد اليهود والنصارى والرهبان، ليس لتحقيق مطامع دنيوية وأغراض زائلة وغايات شخصية، وإنما هو لإصلاح الحياة ومنع الإفساد، وإيقاف الظلم والطغيان وقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)[10].
وأما جهاد الفتح والطلب فهدفه إزالة العقبات التي تحول بين الناس وبين دعوة الإسلام، وتقف مانعا لهم من الاهتداء بهدي الله، وتصدهم عن سبيله، وتفتنهم عنه، وتحرمهم من أعظم نعمة وأكبر خير أنعم الله تعالى بهما بواسطة أنبيائه ورسله على عباده.
________________________________________
[1] سورة الصف: الآيتان 10، 11.
[2] الفرقان: 52.
[3] رواه أحمد (5/ 231، 246) والترمذي رقم 2616 وابن ماجه 3973 عن معاذ بن جبل وسنده جيد.
[4] رواه البخاري (8/ 188) ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة.
[5] فتح الباري (6/ 3)
[6] من زاد المعاد (3/ 9 – 11).
[7] عن كتاب “في ظلال القرآن – 4/ 2424 للكاتب الإسلامي الكبير سيد قطب – رحمه الله تعالى
[8] سورة الحج: 39 – 41
[9] البقرة: 251
[10] رواه أحمد (4/ 303و 397) والبخاري (3/ 206) ومسلم (1513) وابن ماجه (2783).



