مقالات
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فلسفة رسول الإسلام في خطبة حجة الوداع

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فلسفة رسول الإسلام في خطبة حجة الوداع
بقلم المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ,
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
ونائب رئيس جامعة بيرشام الدولية بأسبانيا والرئيس التنفيذي
والرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك بالولايات المتحدة الأمريكية
, والمدير التنفيذي للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة
والرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بمملكة كمبوديا
والرئيس التنفيذي لجامعة iic للتكنولوجيا بمملكة كمبوديا
والرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بالولايات المتحدة الأمريكية
ونائب رئيس المجلس العربي الأفريقي الأسيوي
ومستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس)
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الفخري للمركز الدولي الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
مما لاشك فيه أن من أعظم ما أكَّد عليه النبي عليه الصلاة والسلام في خطبه المباركات في حجة الوداع بعد تأكيده على توحيد الله وإخلاص الدين له جلَّ في علاه
مراعاة حقوق العباد والحذر من انتهاك حرماتهم ، سواءً في دمائهم ، أو أموالهم ، أو أعراضهم .
ومن يتأمل خطب النبي صلى الله عليه وسلم ومواعظه العظيمة في حجة الوداع
يجد تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم البالغ على هذه القضية العظيمة وشدة اهتمامه صلى الله عليه وسلم بها ،
ولنتأمل شيئًا من تلك الخطَب عن نبينا صلى الله عليه وسلم مما قاله في يوم عرفة وفي يوم النحر وفي أوسط أيام التشريق الثلاثة :
فعن جابر رضي الله عنه في سياق حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ:
( إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا… » الحديث . رواه مسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ:
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ ، قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ ، قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ ، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فَأَعَادَهَا مِرَارًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ – قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ – فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) رواه البخاري .
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُ : مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُجَاهِدُ: مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَالْمُهَاجِرُ: مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ )) رواه أحمد .
وعن سلمة ابن قيس الأشجعي رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: (( أَلَا إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ : أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَلَا تَزْنُوا ، وَلَا تَسْرِقُوا )) رواه أحمد .
أولًا : حرمة الدِّمَاء .:
إنه من يتأمل هذه الأحاديث العظيمة والتأكيدات المتكررة من نبينا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يفهم منها :
أن حفظ الدين والأنفس وحماية الأعراض والحفاظ على العقل والنسل من مقاصد هذا الدين القويم،
، وأن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمةٌ محترمة ، لا يجوز انتهاكها ولا التعدي عليها بأي نوعٍ من التعدي .
• فحفظ الأنفس وحمايتها ضرورة دينية ومصلحة شرعية وفطرة سوية
ودماء الناس عند الله مكرمة محترمة مصونة محرمة، لا يحل سفكها، ولا يجوز انتهاكها.
• قال الله عز وجل:
{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93].
فذكر الله عز وجل في هذه الآية أربع عقوبات عظيمة يستحقها من الله صاحب الجريمة: جهنم خالدًا فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذابًا عظيمًا..
• جريمة القتل جريمة شنعاء وفعلة نكراء، عدها الرسول صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات فقال:
( اجتنبوا السبع الموبقات)، وذكر منها: (قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق).
وروى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا)، وقال عليه الصلاة والسلام:
(ألا لا ترجعوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض)،
وقال صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء).
• ولصيانة النفوس حرّم الإسلام الإعانة على القتل،
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» أخرجه ابن ماجه في “سننه”.
بل إن الأمر يتعدى ذلك حتى ولو بالإشارة بسلاح، فقد حرم الإسلام ذلك،
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(لا يُشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزعُ في يده فيقع في حفرة من النار).
• إن جريمة القتل هي أول جريمة ارتكبت في الأرض ظلمًا وعدوانًا في عهد آدم عليه السلام، قتل الإنسان لأخيه الإنسان ظلمًا وعدوانًا.
والقتل مذموم عند جميع الناس وفي كل الشرائع والأديان والقوانين.
ومن هنا فقد جاء الإسلام وجعل للقتل بغير الحق أكبر العقوبات ردعًا وحزمًا ألا وهي عقوبة القصاص، كما قال سبحانه:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179].
• إن الاعتداء على دماء وأعراض الناس ليس من خلق المؤمن الصالح؛ لأن الإيمان حاجزٌ قويٌ دون الشر والفساد، يأمر بالعدل وينهى عن الظلم في الدماء والأموال والأعراض والحقوق كلها، فالمؤمن حقًا لا يغدر ولا يفجرُ ولا يغش ولا يخدع ولا يطغى ولا يتجبر. والله يحب من الناس أن يكونوا إخوة متحابين، وأن يتعاملوا بالتسامح والعدل والإحسان، لا بالظلم والتناحر والعدوان، وأن لا يسفك بعضهم دماء بعض، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} [البقرة:84].
• القتل بغير حقٍّ جريمةٌ كبرى، وخطيئةٌ مُروِّعة، في حق الإنسانية أياً كان المقتول، فكيف ان كان ضيفا على بلادنا مستأمنا على نفسه واهله،
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من قتل مُعاهَدًا لم يرَحْ رائحةَ الجنة، وإن رِيحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا)؛ أخرجه البخاري.
وفي رواية:
(من قتل قتيلاً من أهل الذِّمَّة لم يجِد ريح الجنة).
• اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم منبها ومحذرا ومنفرا عن خطورة القتل وانتشاره في آخر الزمان، عندما قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج، قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل القتل)، وهذا ما نراه واقعاً في حياة كثير من المسلمين، فلقد سمعنا وقرأنا في بعض وسائل الإعلام عن انتشار مثل هذه الظاهرة الخطيرة ألا وهي القتل والاقتتال وسفك الدماء بدون حق، فلربما قتل الانسان اخاه الانسان لأتفه الأسباب
ثانياً : حُرْمَةِ الْأَمْوَال .
وكما دعا النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع إلى حفظ الدماء وبين رعاية الإسلام لهذا الحق، دعا إلى حفظ الأموال وجرم الاعتداء عليها؛ قال تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء 29)
إن الدين الإسلامي بتشريعاته الحكيمة قام بحماية أموال الناس من تعدي الظالمين سواء كان ذلك بالاختلاس، أو الحرابة، أو السرقة، أو السطو، أو غير ذلك …
فشرع للملكية الخاصة حماية وحرمة وحدوداً لا يجوز لأي شخص أن يتعداها أو يحوم حولها وإلا استحق الزجر والردع على ذلك.
فعظَّم جريمة السرقة، وجعل عقوبتَها القطع؛
قال تعالى :
{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ } [المائدة: 38].
ونهى عن الغَصْب والنهب والخيانة، ووبَّخ مَن فَعَل ذلك، وجعل له عقوبة رادعة؛
وعن أبي هريرة، أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: “كلُّ المسلِم على المسلم حرامٌ: دمُه، وماله، وعِرْضه” (مسلم)،
وعن أنس: أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: “لا يَحِلُّ مال امرئ مسلِم إلاَّ بطِيب نفسه” (الدارقطني وأبو يعلى والبيهقي بسند جيد ).
والنصوص مِن القرآن والسُّنَّة في هذا المعنى كثيرة جدًّا، تبين حُرْمة التعدِّي على مال المسلم .
فشرع للإنسان الدفاع عن ماله من الاعتداء عليه بأية صورة من الصور السابقة، واعتبر شهيداً إن مات دفاعاً عن ماله، فعن أبي هريرة قال:
جاء رجلٌ فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن جاء رجلٌ يريد أخْذ مالي؟ قال: “فلا تُعطِه مالك”، قال: أرأيتَ إن قاتلني؟ قال: “قاتِلْه”، قال: أرأيتَ إن قتلني؟ قال: “فأنت شهيد”، قال: أرأيت إن قتلتُه؟ قال: “هو في النَّار”. (مسلم)،
وعن عبدالله بن عمرو – رضي الله عنهما -: أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: “مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ” (متفق عليه )
ثالثاً : حُرْمَةِ الْأَعْرَاض .
وكما دعا النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع إلى حفظ الدماء والأموال دعا إلى حفظ الأعراض
وإن منَ المصائب الكبرى التي نجدها انتشرت بين الناس هي القيل والقال و التلاعب بشرف العفيفات من النساء وبشرف النبلاء من الرجال وأصبح الكلام عن الفتيات فاكهة بعض الناس في مجالسهم
فخربت البيوت , وهدمت الأًسر , وتشردت الأطفال , وكثر الطلاق
بسب كلمة قالها فاسق أو رسالة أرسلها فاسد فكانت نارأ تحرق الجميع بنارها فلم ينجو منها أحد
لذلك جاء النهي الصريح من النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح أنه قال:
(إِنَّ اللَّهَ كَرٍهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ).
فلقد ابتُليَ الكثير منا إلا ما رحم ربى بمرض الثرثرة والقيل والقال، فانطلقت ألسنة الناس في نقل كلِّ ما يُسمع من الإشاعات فينشرونها دون التثبت من مصدرها، والتحقق من صحتها، ولاسيما في هذا العصر الذي انتشرت فيه وسائل الاتصال السريعة والحديثة.
اين هؤلاء من قول الله تعالي :
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}
اين هؤلاء من قول قال عليه الصلاة والسلام: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)
ألم يسمع هؤلاء، ألم يقرع سمعهم قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبح ويحذر من هذا الخلق الذميم، فقال صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)، فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الفاعل بالكاذب، والكذب علامة من علامات النفاق والعياذ بالله.
ويقول الإمام أحمد:
“ما رأيتُ أحدًا تكلَّم في الناس وعابَهم إلا سقط .
ومن أجل الحفاظ على الأعراض: حرم الله الزنا، وحكم عليه بأنه فاحشة، وأوجب الله جلد الزاني البكر، ورجم المحصن، قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}(32) سورة الإسراء.
وحرم الله -عز وجل- القذف بالفاحشة
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
و حرم الله -عز وجل- السخرية بالمسلم، ونهى عن اللمز والهمز، وأن يعيب المسلم أخاه ويتنقصه، سواء كان ذلك بالهمز أو اللمز؛ أن يعيبه بلسانه أو بعينه، أو يشير إليه، قال تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}(1) سورة.
وحرم الإسلام الغيبة والنميمة بل جعلها الإسلام من الكبائر، قال تعالى:
{وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}(12) سورة الحجرات,
وفي الحديث: (( لا يدخل الجنة قتات)). أي نمام.
هكذا أيها المسلمون نرى كيف حمى الإسلام الأعراض وصانها، وشدد على حمايتها. حتى يكون المجتمع نظيفاً يسوده الطهر والوئام والمحبة والأخوة. نسأل الله -عز وجل- أن يحمي أعراضنا، وأموالنا، ودماءنا، إنه على كل شيء قدير.
الإسلام يا أمة الإسلام يدعو للستر وصيانة الأعراض وعدم تتبع عورات الناس والتشهير بهم..
فعن أبي هريرة مرفوعاً: ( لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) صحيح مسلم
فالله عز وجل ستير يحب الستر ويأمر عباده به.. لذلك جعل سبحانه الجزاء من جنس العمل.. فمن حفظ عرض أخيه المسلم وستر عورته، حفظ الله عرضه وستر عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم وفضح عرضه كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته..
وفي الحديث أن النبى ﷺ قال:
(يا مَعْشَرَ مَن أسلم بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه لا تُؤْذُوا المسلمينَ، ولا تُعَيِّرُوهم، ولا تَتَّبِعُوا عَوْراتِهِم، فإنه مَن تَتَبعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ، يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَه ومَن يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَه يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه).
ويقول عليه الصلاة والسلام: (من قال في مؤمنٍ ما ليس فيه أسكنَه الله رَدْغَة الخَبال حتى يخرج مما قال). ورَدْغَة الخَبال: عصارة أهل النار.
ولما عُرج به صلى الله عليه وسلم مر على قوم لهم أظافر من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال: (يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم )
فحُرمة الأعراض عظيمةٌ في الإسلام كحرمة الدماء والأموال،
اعلموا أن الجزاء من جنس العمل؟ وأنه كما تدين تدان؟!
أيها اللاعبون بأعراض المسلمين، أحذروا من انتهاك الحرمات، ومن أَذِيَّة المؤمنين والمؤمنات، فإن عاقبته وخيمة ونهايته أليمة وعقوبته عند الله عظيمة،
قال ربنا: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾.
ومن ينظر إلى واقع المسلمين ولاسيما في هذا الزمان يجد في كثير من الناس استخفافًا عظيما واستهانة بالغة بأمر الدماء والأموال والأعراض ، من غير مخافة من الله ولا مراقبةٍ له جل في علاه ، ومن غير استشعار للمنقلب والوقوف بين يدي الله { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ }[الشعراء:227] .
ولنتأمل في ذلك هذه القصة المفيدة ؛ كتب رجلٌ إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن اكتب لي بالعلم كله» ، فكتب إليه رضي الله عنه :
«إن العلم كثير ، ولكن إن استطعت أن تلقى الله يوم القيامة خفيف الظهر من دماء المسلمين ، خميص البطن من أموالهم، كافَّ اللسان عن أعراضهم ، لازمًا لجماعتهم فافعل» ؛
فبيَّن رضوان الله عليه أن هذه الأمور الثلاثة :
رعاية حرمة الدماء ، وحرمة الأعراض ، وحرمة الأموال تُعَدُّ فقهًا عظيما
فعلينا أن نُعنى بهذا الأمر العظيم ، وأن نحذر أن نلقى الله جل وعلا يوم القيامة وقد تلوثنا بشيء مما يتعلق بحرمة الدماء أو حرمة الأعراض أو حرمة الأموال ؛ فإن الأمر ليس بالهيِّن . نسأل الله جل وعلا أن يسلِّمنا وأن يسلِّم منَّا ، وأن يصلح لنا شأننا كله , إنه سميع مجيب .
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.:
نحن في أيام وليالي مباركات افضل ايام الدنيا وفيها يوم عرفه وما ادراك ما يوم عرفه
إنّه اليومُ الذي أكملَ اللهُ فيه الدين، وأتمَّ به علينا النعمةَ،قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة:3.
فقد جاءَ رجلٌ مِن اليهودِ إلى عمرَ بنِ الخطابِ – رضي الله عنه – فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، إنَّكُم تقرءونَ آيةً في كتابِكُم، لو علينَا معشرَ اليهودِ نزلتْ لاتخذنَا ذلك اليومَ عيدًا. قال: وأيُّ آيةٍ؟ قال قولُهُ:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }
فقالَ عمرُ: واللهِ إنِّي لأعلمُ اليومَ الذي نزلتْ على رسولِ اللهِ ﷺ ، والساعةَ التي نزلتْ فيها على رسولِ اللهِ ﷺ ، نزلتْ عَشيةَ عَرَفَة في يومِ جمعةٍ.
ويومُ عرفةَ يومُ مغفرةِ الذنوبِ، ويومُ العتقِ مِن النيرانِ وهو مِن جملةِ الأيامِ الأربعين التي واعدَ اللهُ موسى أنْ يكلمَهُ فيها،
وهو اليوم المشهود الذي أقسم الله به في سورة البروج ولا يقسم الله إلا بعظيم فقال تعالى”والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود “
وعن أبي هريرةَ رضي اللهُ تعالى عنه أنّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: «اليومُ الموعودُ يومُ القيامةِ، واليومُ المشهودُ يومُ عرفةَ، والشاهدُ يومُ الجمعةِ». (صحيح الترمذي).
، ولو لم يكنْ في عشرِ ذي الحجةِ إلّا يومُ عرفةَ لكفاهَا ذلك فضلًا وشرفًا
وهو أكثرُ يومٍ يعتقُ اللهُ في الرقابَ مِن النارِ، ويقبلُ اللهُ فيه الدعوات، ويُباهي بأهلِ عرفةَ ملائكتَهُ، ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : { ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ وإنَّه لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ فيَقولُ : ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ } { صحيح مسلم }
قال الحافظ ابن عبدالبر :
وهو يدل على أنهم مغفور لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران.
ويستحب صيامه استحبابا شديداً
فعن أبي قتادةَ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ) رواه مسلم .
وعن أنسِ بنِ مالكٍ قال : ” وقفَ النَّبيُّ ﷺ بعرفاتٍ وقد كادت الشَّمسُ أن تَؤوبَ فقال:
يا بلالُ أنصِتْ لي النَّاسَ. فقام بلالٌ فقال: أنصِتوا لرسولِ اللهِ ﷺ؛
فأنصت النَّاسُ فقال:
(معشرَ النَّاسِ أتاني جبرائيلُ عليه السَّلامُ آنفًا فأقرأني من ربِّي السَّلامُ وقال: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ غفر لأهلِ عرفاتٍ وأهلِ المَشعَرِ وضمِن عنهم التَّبِعاتِ )
فقام عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه فقال: يا رسولَ اللهِ هذا لنا خاصَّةً؟!
قال:( هذا لكم ولمن أتَى من بعدِكم إلى يومِ القيامةِ )
فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ : “كثُر خيرُ اللهِ وطاب”
( الترغيب والترهيب للمنذري ؛ وقال: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما).
ويَوْمُ عَرَفَةَ دُعَاؤُهُ خَيْرُ الدُّعَاءِ، وَسَاعَاتُهُ أَشْرَفُ سَاعَاتِ الزَّمَانِ، فَاجْتَهِدْ أَنْ تَصُومَهُ، وَيَصُومَهُ أَهْلُ بَيْتِكَ، لعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ ذُنُوبَ سَنَتَيْنِ،
لِيَكُنْ ذَلِكَ الْيَوْمُ مُخْتَلِفًا عَنْ غَيْرِهِ فاسَلْ رَبَّكَ أَنْ يُعْتِقَ فِيهِ مِنَ النَّارِ رَقَبَتَكَ،
وَالْعِتْقُ يَكُونُ لِلْحُجَّاجِ وَالْقَاعِدِينَ
، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ:
“يَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ يَوْمُ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ، فَيُعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ مِنَ النَّارِ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَمَنْ لَمْ يَقِفْ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلِذَلِكَ صَارَ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِيهِ عِيدًا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ أَمْصَارِهِمْ، مَنْ شَهِدَ مِنْهُمُ الْحَجَّ وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْهُ، لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْعِتْقِ وَالْمَغْفِرَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ.
وَأَكْثِرْ مِنَ التَّهْلِيلِ فِي عَرَفَةَ؛ فَهُوَ أَشْرَفُ ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ تَتَقَرَّبُ لِلَّهِ -سُبْحَانَهُ ،
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ خَيْرُ يَوْمٍ تُرْفَعُ فِيهِ الدَّعَوَاتُ، فَالْزَمْ فِي عَشِيَّتِهِ الدُّعَاءَ، ارْفَعْ إِلَى رَبِّكَ الْكَرِيمِ حَوَائِجَكَ، بُثَّ إِلَيْهِ شَكْوَاكَ، أَنْزِلْ بِهِ مَطَالِبَكَ، وَأَعْلِنْ لَهُ تَوْبَتَكَ، وَاصْدُقْ مَعَهُ قَلْبَكَ، ادْعُ لِنَفْسِكَ وَوَلَدِكَ، وَلِأَهْلِكَ وَلِأُمَّتِكَ .
ثم يأتي يَوْمُ النَّحْرِ، خَاتِمَةُ الْعَشْرِ، وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الدَّهْرِ فِي حَقِّ الْقَاعِدِينَ،
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ )
وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ حِينَ تَسْتَعِدُّ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بِأَحْسَنِ الثِّيَابِ، ثُمَّ تَخْرُجُ لَهَا مُصَلِّيًا مَعَ النَّاسِ، فَلِتِلْكَ الصَّلَاةِ فَضِيلَةٌ شَرِيفَةٌ، وَلَئِنْ كَانَ عِيدُ الْحُجَّاجِ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَإِنَّ عِيدَ أَهْلِ الْأَمْصَارِ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ.
وَلَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ ذَبْحِ الْأَضَاحِيِّ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ، فَفِي حديث عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ؛ إِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا ) .
وَبَعْدَ ذَلِكَ أَيُّهَا الْمُبَارَكُ تَأْتِي أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ أَيَّامُ طَاعَةٍ وَذِكْرٍ، قَالَ فِيهَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وذكر لله) صحيح مسلم
فَهَنِيئًا لِمَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الذَّاكِرِينَ، وَمَنْ سَبَقَ فِيهَا مَعَ السَّابِقِينَ.



