أغيثونا….. أعمار للبيع علي الرصيف
بقلم دكتور /ياسر جلال زاهر
منذ أيام قليلة تفجرت قضية تزوير الأعمار في منتخب مصر لكرة القدم مواليد 2008 10 لاعبين ممن تم اختيارهم بالصدفه اعمارهم مزورة.
- وبعد هذا الحدث الجلل قرر اتحاد الكرة استبعاد الأتي أسمائهم (محمد ايهاب – عمر ياسر من الزمالك) .. (عبدالرحمن نصير – عمر حسام من نادي انبي ).. (عصام جمال- محمد جابر من الاتحاد السكندري).. (محمد طارق من المقاولون) .. (عمرو تامر من نادي سموحة) .. (زياد شاكر من الاسماعيلي) .. (عبدالتواب محمد من حرس الحدود)،
على ناصية أحد الشوارع القريبة من مكتب الأحوال المدينة فى حي الخليفة يقف شخص ليبيع أعمارا جديدة للراغبين فيها، من خلال شهادات ميلاد مضروبة، وهي نوع من الخدمات العديدة التي يقدمها، بجانب استخراج شهادات وفاة، ووثائق زواج وطلاق، وتوفير شهود زور أيضا، وكل خدمة لها مقابل محدد من المال، لا يقبل النقاش أو التفاوض، حتى إن شهادات الميلاد نفسها لها ثلاثة أنواع، منها ما يقتصر على تغيير تاريخ الميلاد، أو تغيير فى محل الإقامة، أو استحداث بيانات جديدة كاملة لشخص غير موجود فى الواقع على الأرجح.
الحقيقة أننا كنا نبحث عن الطريقة التي يتم بها تزوير شهادات ميلاد الأطفال والشباب فى أندية كرة القدم، لبناء تحقيق صحفي رياضي، يفضح ظاهرة التزوير فى الملاعب المصرية، وقادتنا رحلة البحث إلى هذا الشاب الذي تركت الأسلحة البيضاء بعض العلامات الواضحة على وجهه، وعرفنا منه أن تكلفة تغيير تاريخ الميلاد بالتزوير 1500 جنيه.
هذا المشهد العبثي في سهولة تزوير شهادات الميلاد قد يفسر لك المشهد الأكثر عبثية، حينما احتفل فريقا الأهلي وإنبي بدوري 2003 في نهاية الموسم الجاري معا في نفس التوقيت، بسبب ادعاء كل منهما أحقيته في الحصول 3 نقاط بالبطولة، بعد طعن تقدما به ضد ناديين آخرين في نفس المسابقة، نتيجة إشراك لاعب أكبر من السن، بالمخالفة للوائح، وهنا كانت النقطة التي انطلق منها هذا التحقيق لكشف أسباب وكيفية التزوير وتأثيراته السلبية على مستقبل كرة القدم المصرية، ووضع روشتة للتعافي من هذا المرض .
وبدوره فجرعلاء نبيل المدير الفني لاتحاد الكرة، مفاجأة من العيار الثقيل بتأكيده اكتشاف 3 حالات تزوير أثناء وجوده فى قطاع الناشئين بنادي المقاولون العرب، قائلا، “نحن بصدد كارثة خطيرة أتابع تفاصيلها منذ عام 2018، وتمكنت من اكتشاف ثلاث حالات تزوير فى أعمار سنية بقطاع الناشئين بنادي المقاولون العرب”.
وقال علاء نبيل اكتشفت أيضا واقعة غريبة أثناء وجودي في نادى زد إف سي.. لاعب اسمه سعيد مواليد 93 ويلعب مع فريق 99 بتزوير 6 سنوات كاملة، واجتاز الاختبارات وقبل قدومه للانضمام للنادي جاءتني معلومة أنه لاعب مزور في سنه، فطلبت منه الحضور للتوقيع وواجهته واعترف أنه قام باستخراج شهادة وفاة لنفسه ثم استخرج شهادة ميلاد، ثم قام بعمل باسبور ثم سافر خارج البلاد، واكتشفت أن كل الأوراق التي في حوزته سليمة تماما، ولن يتم اكتشافها سوى باعترافه”.
وأضاف علاء نبيل، “أعلم أماكن محترفة لتسنين اللاعبين مقابل رشاوى من أولياء الأمور، وهذا يستوجب تدخل كل الجهات المسؤولة في الدولة.. كنت في ورشة عمل منذ أيام لمناقشة هذه الأزمة وقلت لن أحارب بمفردي، نحتاج مساندة الكاف والفيفا، وعلمت أن دولة السنغال بدأت التخلص من هذه الأزمة “.
وأكمل المدير الفني للاتحاد،”وضعنا عقوبات رادعة تصل للشطب، لن نصل للنتيجة الكاملة لذلك نعمل بشكل تدريجي، الناس تنبهت للأزمة بعد مشكلة الأهلي وإنبي في دوري الجمهورية ولكني بصدد إصدار برزنتيشن ودعوة كل المسئولين لمنع التزوير والرشاوي وإجراء تحاليل طبية علي أعلى مستوى سواء في الدم أو الأسنان أو العظم لمنع هذا التلاعب الخطير.. وسوف أعلن كل التفاصيل لوسائل الإعلام قبل تطبيق كل القرارات”.فيما أكد محمد الشاذلي، المتحدث الرسمي لوزارة الشباب والرياضة، أن الوزارة لديها مسارين لمواجهة وقائع التزوير فى الأعمار السنية بقطاعات الناشئين قائلا، “المسار الأول هو المبادرة بغلق كل الأكاديميات وأي منشأة رياضية يثبت تورطها في تزوير الأعمار السنية للناشئين بينما المسار الثاني مشروع كابيتانو مصر الذي يحظى بثقة قطاع كبير من المصريين”.
وأضاف محمد الشاذلي لدينا دوري مراكز الشباب الذي يشارك فيه 60 ألف لاعب كما أن الوزارة تدعم الأكاديميات التي تعمل في النور بدعم مباشر لاختيار الموهوبين وافادة الكرة المصرية، لو حدث تزوير يجب إحالة الأمر بصفة رسمية للوزارة لبدء التحقيق فيه كما أن الوزارة تختار عينات عشوائية من الناشئين للتأكد من عدم وجود تزوير في الأعمار السنية”.
ويضيف المتحدث الرسمي لوزارة الشباب والرياضة، “نسبة التزوير ضئيلة للغاية لدينا 1200 نادى و4500 مركز شباب بما يعني 6000 منشأة رياضية ونرسل لجان تفتيش على هذه الهيئات بصفة دورية علي مدار العام لعدم الوقوع في فخ التزوير بما يخدم مصلحة الكرة المصرية”.لم يتوانى إمام محمدين الملقب بـ “أبو الناشئين”، ورئيس قطاع الناشئين السابق في إنبي وفيوتشر والاتحاد السكندري، عن المشاركة برأيه في القضية، مؤكدا أن التزوير تزايد في مصر بعد ثورة يناير، وما صاحبها من حرق أقسام الشرطة ومكاتب الصحة والمستشفيات، موضحا أن هناك مناطق معروفة للغاية بالتزوير في أعمار الشباب مثل منطقتي كرداسة وناهيا بالجيزة، وكذلك محافظات تنتشر فيها هذه الظاهرة مثل البحيرة والشرقية، خاصة منطقة بلبيس التي يتواجد فيها أكبر منظمة لتزوير شهادات الميلاد والوفاة.
وأوضح إمام محمدين في تصريحاته التزوير ظاهرة يمكن دحضها بقليل من التنسيق والإجراءات، لأننا نواجه جريمة محرمة شرعا وقانونا، ببعض الاجتماعات والمؤتمرات التوعوية والإجراءات القانونية والتنظيمية تستطيع أن تنهى على التزوير تماما، لكن هناك ظاهرة مرتبطة بالتزوير وأخطر منه وهي التسنين، التي يمنحها القانون شرعية غير مبررة، فأي طفل يدعى أنه ساقط قيد، يتم تسنينه بعمر تقريبي وهنا تكمن الكارثة”.
وحكى أبو الناشئين في مصر موقف للتزوير قائلا: “في بعض الوقائع التي أثارت جدلا واسعا، وصلتنا معلومة أن هناك شاب يلعب باسم شقيقه الأصغر، فامتثل للتحقيق وطالبناه بإحضار شقيقه الأكبر ظنا منا أنه هو ولا يوجد شقيق أكبر، لكن الشاب أدعى أن شقيقه سافر لليبيا، وحينما طلبنا الاتصال به بأي وسيلة، أبلغنا أن هذا الشقيق الأكبر انضم لمنظمة داعش الإرهابية، حتى يضع حدا للاستفسار عن شقيقه الأكبر كما يدعي”.
الزمالك ممثلا في رئيس قطاع الناشئين بدر حامد، يرى أنه مهما تعددت سبل وطرق محاربة التزوير، تبقى الأخلاق هي الفيصل، ولا تقتصر على فرد بعينه، فيجب أن يتسم رئيس القطاع والمدرب والإداري والناشئ وولي أمره بالأخلاق، حتى نرتقى بالمنظومة ونمنع الظلم.
وبادر رئيس قطاع الناشئين في الزمالك في تصريحاته بأنه سيكون أول نادي يشترى الإسورة المعدنية التي من شأنها الكشف عن الأعمار الحقيقية للاعبين، موضحا أن هذه الأسورة موجودة في اتحاد الكرة فقط، وكان يجب خضوع أي لاعب للاختبار عن طريقها قبل قيده، لكن هذا لم يحدث، كما يجب على الجانب الإداري الاهتمام بالطفل والحصول على شهادات القيد والدراسة وعدم ترك أي ثغرة للسماح بالتزوير.
وللحديث بقيه في المقال القادم