
كتبت : ريم ماهر
في مشهد يهدد استقرار الشرق الأوسط بأكمله، تتصاعد حدة التوتر بين إسرائيل وإيران بشكل غير مسبوق، وسط تبادل للاتهامات والهجمات المباشرة وغير المباشرة، ما يضع المنطقة على حافة حرب محتملة قد تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من حدود الدولتين.
حرب في الظل تتحول إلى العلن
لسنوات طويلة، خاضت إسرائيل وإيران ما يمكن وصفه بـ “حرب الظل”، حيث تبادل الطرفان الضربات عبر جبهات متعددة دون الدخول في مواجهة شاملة. لكن الأشهر الأخيرة شهدت تطورات متسارعة تمثلت في هجمات سيبرانية متبادلة، واغتيالات غامضة لقيادات عسكرية وعلماء، وقصف متكرر لمواقع إيرانية في سوريا تنسبه إيران لإسرائيل.
كما برزت مؤشرات على توسيع دائرة الاشتباك إلى المجال البحري، حيث تعرضت سفن تجارية وناقلات نفط لهجمات مجهولة في البحرين الأحمر والمتوسط، وسط تبادل إسرائيل وإيران الاتهامات بشأن تلك العمليات.
الحرب تندلع رسمياً: 13 يونيو 2025
في تطور دراماتيكي، انتقلت الحرب بين إسرائيل وإيران من الظل إلى العلن بشكل رسمي. ففي 13 يونيو 2025، شنت إسرائيل هجوماً جوياً واسعاً استهدف منشآت نووية ومواقع عسكرية داخل إيران، في عملية وصفتها تل أبيب بأنها “ضربة وقائية”.
الرد الإيراني جاء سريعاً عبر إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة استهدفت مدن إسرائيلية كبرى من بينها تل أبيب والقدس، فيما نجحت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية مثل “القبة الحديدية” في اعتراض عدد كبير من تلك الهجمات.
المرشد الأعلى لإيران وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه “إعلان حرب صريح”، معلناً دخول البلاد في “حالة حرب”، بينما توعدت إسرائيل بمزيد من الضربات ورفعت حالة الطوارئ في كافة أراضيها.
تصريحات متوترة وتحركات عسكرية
الحكومة الإسرائيلية لم تُخفِ نواياها، إذ تؤكد مراراً أن امتلاك إيران للسلاح النووي “خط أحمر” لن يُسمح بتجاوزه. من جهتها، تصر طهران على أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، محذرة من أن أي هجوم على منشآتها سيُقابل برد “ساحق”.
في ذات الوقت، رُصدت تحركات عسكرية مكثفة من الطرفين، مع تقارير عن تعزيز إسرائيل لمنظوماتها الدفاعية، وإجراء مناورات تحاكي ضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية.
تداعيات إقليمية محتملة
مراقبون يحذرون من أن اندلاع حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران قد يتسبب في إشعال جبهات متعددة، تشمل لبنان عبر حزب الله، وغزة من خلال الفصائل الفلسطينية المدعومة من إيران، إلى جانب احتمالية دخول ميليشيات موالية لطهران من سوريا والعراق واليمن على خط المواجهة.
التصعيد الحالي يثير قلق القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، إذ قد ينعكس سلباً على أسواق النفط العالمية، ويزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة.
ردود أفعال دولية وتأثير اقتصادي
الدول الكبرى تتابع بقلق بالغ تطورات هذا النزاع، إذ تخشى الولايات المتحدة من انفجار مواجهة شاملة قد تجرّها إلى صراع عسكري مباشر، بينما تحاول روسيا لعب دور الوسيط في بعض الملفات لتفادي تصعيد قد يعقد وجودها العسكري في سوريا.
من جانبها، أبدت الصين والاتحاد الأوروبي قلقهما من انعكاسات الحرب على استقرار أسواق الطاقة، خاصة مع احتمال استهداف مضيق هرمز الذي تمر عبره نسبة كبيرة من صادرات النفط العالمية. أي تعطيل لحركة الملاحة في تلك المنطقة قد يؤدي إلى قفزات هائلة في أسعار النفط، وانهيارات اقتصادية في بعض الدول التي تعتمد بشكل أساسي على الطاقة المستوردة.
هل اقتربت الحرب الكبرى؟
الواقع أن الحرب بدأت بالفعل، لكن الطرفين لا يزالان يديرانها بحسابات دقيقة لتفادي الانزلاق إلى حرب شاملة مفتوحة على كل الجبهات. ومع ذلك، فإن وتيرة التصعيد السريعة والهجمات المتبادلة قد تجعل أي خطأ بسيط كفيلاً بإشعال معركة إقليمية كبرى يصعب احتواؤها.
في ظل هذا المشهد، تبقى المنطقة رهينة لعبة التوازنات الحساسة، حيث الجميع يترقب اللحظة التي قد تتحول فيها “حرب الظل” إلى معركة شاملة قد تغير وجه الشرق الأوسط.