العبد الانتخابي وبراعة الهبد السياسي في الممر الرابع والخمسين
2025-10-07 - 12:53 مساءً
5٬011 2 دقائق
العبد الانتخابي وبراعة الهبد السياسي في الممر الرابع والخمسين
بقلم كاتب صحفي / محمد جابر
أقف الآن عند عتبة الممر الرابع والخمسين لا شيء حولي سوى هواء ثقيل ينساب داخله كأن الذاكرة تتنفس من خلال تيارات سألت نفسي هل عدنا فعلا إلى الوراء أم أننا ندور في حلقة مغلقة بنفس الخيبات والوعود ذاتها سمعت صوتا ينادي يقول هذا ليس عودا للوراء بل استمرار في حفلة تنكرية كبيرة اسمها الديمقراطية وملحقها الهبد السياسي وضيف الشرف هو العبد الانتخابي سواء كان مرشحا أو ناخب في هذا الممر لا شيء يبدو واقعيا مرشح يوزع صوره وأمه تقول للناس صوتوا له دا غلبان و بريء وأبوه يؤكد أنه كان شاطر في المدرسة وأخته تتعهد أنها ستصوت له مرتين لو النظام يسمح بذلك وابن خالته ما زال زعلان منه وقرر يقاطع الانتخابات كلها ضحكت من المشهد ثم بكيت المشكلة لم تكن في صورة المرشح ولا في وعده بأنه سيعدل المائل و يسترجع الضائع ويصلح ما وعد به عهد المماليك بل في نظرات الناس التي تحمل تصديقا حقيقيا وكأنهم وجدوا المهدي المنتظر فتلك هي الطامة الكبرى سألت نفسي عن البرنامج فأجابتني لا تقلق البرنامج جاهز جملة من صندوق النقد الدولي وفقرة من خطبة في مؤتمر دولي وبعض مصطلحات مطاطة مثل التحول الرقمي و الشمول المالي والتمكين السياسي وتنمية الموارد الذاتية وتمكين الشباب ودعم المرأة ورعاية الأقليات وكل من يمكن إدراجه في بند التمكين حتى لو كان الأول والآخر معا قالوها جميعا دون أن يعرفوا معناها حفظوها لأن العبد لا يسأل بل ينفذ وهم عبيد ألفوها طوعا تذكرت العبيد الذين صاروا وزراء والمرتزقة الذين صاروا رموزا والنخب التي باعت وعيها مقابل مقعد في لجنة أو لقب في مؤتمر تبدلت الأدوار وصار العبيد درجات عبد مؤدلج يتحكم في عبد جائع فهو لا يدرك وهي لا تعيقال لي أحدهم إننا لا نحتاج إلى وعي بقدر ما نحتاج إلى علاقات جيدة وإن الديمقراطية لا تأتي من صناديق الاقتراع بل من مكاتب التوصية في الطوابق العليا فهمت حينها لماذا أصبح كل شيء مسرحيا والواقع ضبابيا والصوت العالي بديلا عن الرؤية مشيت داخل الممر أبحث عن شيء يشبه الحقيقة فوجدت بقايا يافطات انتخابية قلت لنفسي لم تعد هذه انتخابات بل عرضا مسرحيا سخيفا كتبه من لا يفهم وأداه من لا يستحق وكلما زادت الضوضاء أدركت أن الوعي رحل وأن الهبد أصبح مشروعا سياسيا متكاملا عند نهاية الممر كان سؤالي واضحا هل نحن حقا نعرف إلى أين نمضي أم أننا نعيش نسخة فاشلة من حلم لم نكتبه هل ارتضينا بأن يمثلنا العبد المؤدلج وينوب عنا العبد المرتزق وسط تصفيق العبيد الجائعين مملكة العبيد تعلن أن هبد العبد موت وهبد الواعي حياة في الممر الرابع والخمسين فهمت أن الهبد لا يأتي من المرشح فقط بل من الناخب أيضا حين يختار بالكارت أو بالوعد أو بالوهم جرف الوعي ولم يبق غير العبيد في الممر الرابع والخمسين لم أجد ضوءا في آخر النفق بل وجدت سؤالا آخر يفتح بابا جديدا هل نمتلك الشجاعة لنخرج من هذا الممر أم أن التبعية والجهل صارت جزءا من هويتنا بل إن الفقر لم يترك لهم فرصة للاختيار فدهس الوعي معهم دهسا وقبل أن أغادر كتبت على جدار هذا الممر بلون الدم العبور الحقيقي لا يبدأ بانتخابات بل بوعي والوعي لا يصنع في قاعاتكم ولا في مؤتمراتكم بل في الصدور فهل نحن جاهزون للممر الخامس والخمسين