عائلة الغموض والقوة ( روتشيلد )

كتب محمد عمر
تعود أصول العائلة إلى فرانكفورت – ألمانيا، حيث عاش ماير أمشيل روتشيلد (1744-1812)، مؤسس السلالة. بدأ نشاطه في تجارة العملات والمعادن النفيسة، وتمكن بذكائه وعلاقاته الوثيقة مع نبلاء أوروبا من تأسيس شبكة مالية قوية.
ماير أنجب خمسة أبناء أرسلهم إلى عواصم أوروبية مختلفة (لندن، باريس، فيينا، نابولي، فرانكفورت) لتوسيع أعمال العائلة. وهكذا نشأت إمبراطورية مالية متماسكة، ساعدت على تمويل الملوك والحكومات في أوروبا.
*نفوذها الاقتصادي وتمويل الحروب: لعبت عائلة روتشيلد دوراً بارزاً في تمويل الحملات العسكرية البريطانية ضد نابليون فرنسا، مما عزز مكانتها لدى الحكومة البريطانية والتي أهدتها بعد ذلك الوعد المشؤوم وعد بلفور بإقامة وطن لليهود في فلسطين .
*البنوك: أنشأت العائلة شبكة من البنوك الأوروبية، ساهمت في تطوير النظام المصرفي الحديث.
*المشاريع الكبرى: ساهموا في تمويل مشاريع البنية التحتية مثل السكك الحديدية، وقروض إعادة إعمار الدول بعد الحروب.
*نفوذ سياسي واجتماعي:
بفضل ثرواتهم الهائلة وعلاقاتهم مع الملوك والحكومات، أصبح لروتشيلد تأثير في صنع القرار السياسي، خاصة في أوروبا في القرن التاسع عشر. كانوا مستشارين غير رسميين للحكام، ومصدر تمويل رئيسي للدول مما حدا بالبعض اعتبارهم قوة خفية مؤثرة في القرارات السياسية، وقدارتبط اسم هذة العائلة اليهودية بالعديد من الاساطير ونظريات المؤامرة التي صورتهم انهم يحكمون العالم من خلف الستار حيث لا يظهرون ذلك وهم يملكون الميديا والصحف العالمية وكذا البنوك المركزية الكبرى، وأيضا قرارات الحروب والسلام يتحكمون فيها وقد نرى نحن ان ذلك مبالغ فيه ولكن لا نستبعده.
عائلة روتشيلد تمثل نموذجاً لعائلة نجحت في بناء إمبراطورية مالية أثرت في التاريخ الأوروبي والعالمي. ورغم تراجع نفوذها المباشر اليوم، يبقى اسمها رمزاً للثروة والقوة، وفي الوقت نفسه مثار جدل بين الحقائق والأساطير.
ارتبط اسم روتشيلد أيضاً بقضية اليهود في فلسطين. فقد كانت العائلة، وبالأخص البارون إدموند دي روتشيلد في فرنسا، من أبرز الداعمين للحركة الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر. قام البارون بتمويل هجرات يهودية إلى فلسطين، وموّل إنشاء المستعمرات الزراعية الأولى هناك، ما جعل اليهود يطلقون عليه لقب “أبو الاستيطان”. هذا الدعم المالي والسياسي اعتُبر من اللبنات الأولى التي مهدت الطريق لاحقاً لإقامة الكيان الإسرائيلي عام 1948، خاصة أن بريطانيا كانت بدورها على علاقة وثيقة بالفرع الإنجليزي من العائلة، الأمر الذي ساهم في صدور وعد بلفور.
كما ارتبط اسم العائلة في نظر الكثيرين بالعديد من الصراعات العالمية، حيث يُتهمون بأنهم ساهموا في تأجيج الحروب للاستفادة من تمويلها. فبعض المؤرخين يشيرون إلى أن البنوك التابعة لهم كانت المستفيد الأول من قروض الحرب، سواء في أوروبا خلال القرن التاسع عشر أو في الحروب الكبرى لاحقاً. وفي العالم العربي والشرق الأوسط، تتردد نظريات تقول إن نفوذهم المالي ساعد في تقسيم المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى، وإنهم كانوا جزءاً من هندسة نظام سياسي يضمن استمرارية المصالح الغربية والصهيونية.
هذه التصورات جعلت روتشيلد رمزاً لكل ما يتعلق بالمؤامرات والسيطرة الخفية على العالم. ورغم أن بعض هذه المزاعم يصعب إثباتها علمياً، إلا أن وجود وثائق عن دورهم في دعم الاستيطان اليهودي وتمويل الحكومات الأوروبية يجعل من الصعب فصل الحقيقة عن الأسطورة. وما بين الواقع والدعاية، يبقى اسم العائلة حاضراً في ذاكرة الشعوب، إما كرمز للقوة الاقتصادية العالمية، أو كواجهة للمخططات التي غيّرت وجه الشرق الأوسط والعالم.