هل تنحصر ثياب الحداد للمرأة فى اللون الأسود؟.. دار الإفتاء تجيب
تم إرسال سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي وكان محتواه: “ما هو المعيار في اعتبار الملابس مناسبة للحداد وهل هي زينة أم لا؟ وهل ملابس الحداد مقتصرة على اللون الأسود للملابس؟
وجاء رد دار الإفتاء كالآتي: “الحداد الشرعي للمرأة عند وفاة زوجها هو ترك الزينة في الثياب والطيب والحلي وما معناه. وقد قرر الفقهاء أنه ليس هناك لون معين للملابس التي تلبسها المرأة الحداد، ولكن المعتبر في ذلك هل هي زينة أم لا. فما كان للزينة فهو حرام، وما كان مخالفاً لذلك فليس بحرام، والحكم في هذا الأمر هو العرف».
ويحرم على النساء لبس أي لباس أثناء الحداد
وأوضحت دار الإفتاء أن ما يحرم على المرأة العزباء من اللباس هو: لبس ما يراد به تجميلها؛ وروى أبو داود في “سننه” عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:: ««لا تلبس المرأة المتوفى عنها زوجها ثياباً ملطخة، ولا ممزقة، ولا حلية، ولا تصبغ، ولا تكتحل».
والعصفر : هو المصبوغ بالعصفر . المشكاة: أي المصبوغة بالمشقة، وهي نوع من الطين الأحمر. الحلي: جمع حلية، وهو ما يتزين به، كالحلي وغيره. انظر: “عون المعبود” (6/ 295 ط دار الكتب العلمية).
لكن الزينة لا تقتصر على اللون لخصوصيته، والمعيار هل ما يلبس يعتبر زينة أم لا هو العرف، وهذه هي القاعدة في كل ما أمر به الشرع أو حرمه ولم يحدده. ، فيرجع إلى العرف. انظر: “”الأشباه والنظائر”” للإمام السيوطي (ص٩٨، ط دار الكتب العلمية).
جاء في “الإقناع في حال العفادات أبي شجاع” للخطيب الشربيني (4/56-57 ط دار الفكر) مع “حاشية البجيريمي” : [الإحداد هو (الامتناع من الزينة) في البدن بحلي من ذهب أو بثياب مصبوغة لزينة.. ويباح لبس غير مصبوغ من قطن وصوف وكتان وإن كان نفيسًا، وحرير إذا لم يحدث فيه زينة، ويباح مصبوغ لا يقصد لزينة كالأسود، وكذا الأزرق والأخضر المشبعان الكدران؛ لأن ذلك لا يقصد للزينة، بل لنحو حمل وسخ أو مصيبة، فإن تردد بين الزينة وغيرها كالأخضر والأزرق فإن كان برَّاقًا صافي اللون حرم؛ لأنه مستحسن يتزين به أو كدرًا أو مشبعًا فلا؛ لأن المشبع من الأخضر والأزرق يقارب الأسود] أوه.
قال الشيخ البجيريمي في “حاشية” تعليقا على كلام الداعية السابق (4/57): [قوله: (لزينة) أي ما جرت العادة أن تتزين به لتَشَوُّفِ الرجال إليه، ولو بحسب عادة قومها أو جنسها] أوه.
ولذلك، ليس هناك لون معين من الملابس يحرم على المرأة المقيدة لبسه، إلا ما يعتبر زينة حسب العرف. فما كان مثل ذلك فهو حرام، وما كان خلافه فليس كذلك..
– اقتصار لباس الحداد على اللون الأسود للنساء
وأشارت دار الإفتاء إلى أن ما جرت به عادة الناس في كثير من البلدان، وهو جعل اللون الأسود هو اللون المعتبر للحداد وإظهار الحزن، أمر جيد، وكان اللون الأسود هو اللون الذي يعبر به الإنسان عن الحزن منذ القدم، حتى قال البدو:
ليل الحزن على الوحيد قصير… وبدون الحبيب يمشي العاشق
أن الذين تحبهم فاحتملهم.. والفراق مع من يحبك صعب.
فدعوني أرسل عزاءً على فراقهم… تمتلئ فيه الوجوه والصدور بالألم.
وتلبسهم دروعا سوداء… ثياب الثكلى إذا أصابك سفر.
انظر: “العقد الفريد” لابن عبد ربه (6/ 258، ط دار الكتب العلمية).
وتسمى العرب ثياب الحداد: السلاب. ويقال: تسلب المرأة: إذا لبست ثياب المسروق. قال الإمام الزمخشري في “”الفائق”” (2/192 ط دار المعرفة) : [وَهُوَ سَواد المحدّ. وقيل: خرقَة سوداء كانت تغطي رأسها] أوه.
وروى أحمد في “مسنده” عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: عندما جعفر بن أبي طالب توفي رضي الله عنه:: «ينزلق»; قال العلامة ابن الأثير في “”النهاية”” (2/387 ط. المكتبة العلمية) : [أي: البسي ثوب الحداد، وهو السِّلَابُ، والجمع سُلُبٌ. وتسلبت المرأة إذا لبسته. وقيل: هو ثوب أسود تغطى به المُحِدُّ رأسها] أوه.
إلا أن الحداد لا يقتصر على اللون الأسود كما ذكرنا سابقاً. بل أحياناً يكون اللون الأسود من الزينة، كما هو الحال مع ما يسمى بملابس السهرة النسائية مثلاً، حسب ما هي عادات الناس الآن. ولا يجوز للمرأة الحداد أن تلبسه في ذلك الوقت، وقد نص الفقهاء على تحريم اللون الأسود. وللمرأة العزباء إذا كان على وجه الزينة.
ومنها: ما ذكر في «أقرب المسالك» لسيدي أحمد الدردير (2/ 685-686، ط دار المعارف) مع «حاشية الصاوي» في كلامه عما يجب عليه. امرأة ذات زوجة واحدة؛ حيث قال: [(ووجبت على) المرأة (المُتوفّى عنها الإحداد في) مدة (عدتها؛ وهو)؛ أي: الإحداد: (ترك ما يتزين به من الحلي والطيب، وعمله والتجر فيه، و)ترك (الثوب المصبوغ) مطلقًا؛ لما فيه من التزين، (إلا الأسود) ما لم يكن زينة قوم؛ كأهل مصر القاهرة وبولاق؛ فإنهن يتزين في خروجهن بالحرير الأسود] أوه، تتصرف.
قال الشيخ الصاوي في تعليقه عليه: [قوله: (فإنهن يتزين في خروجهن بالحرير الأسود): وفي الحقيقة لا مفهوم للحرير، والمدار على كون الأسود زينة على حسب العادة] أوه.
قال الشيخ القليوبي في “الحوطية في شرح المنهج المحلي” [4/ 53، ط. دار الفكر] تعقيباً على كلام المعلق [(كالأسود)-: إذا لم تكن عادتهم التزين به، وإلا كالأعراب فيحرم] أوه.
خاتمة
وعليه: ليس هناك لون محدد للملابس التي تلبسها المرأة في حالة الحداد، ولكن ينظر في هذا الأمر هل هي زينة أم لا. ما كان للزينة فهو حرام، وما كان مخالفاً لذلك فلا حرام، والحكم في هذا الأمر هو العرف..