ظن وغيبة
بقلم مصطفى ابوالعيون
كان النبي إذا خرج بالمسلمين فى سفر أو جهاد ضمَّ الرجل المحتاج الفقير إلى الرجلين الموسرين فيخدمهما ، على أن يأخذ منهما ما يحتاج أثناء الرحلة من طعام وغير ذلك .
وفي سفر من هذه الأسفار ضمَّ رسول الله سلمان الفارسى إلى رجلين ، فلما وصلوا إلى المكان الذى سينزلون فيه تقدم سلمان إلي ذلك المكان، وكان متعباً، فغلبته عيناه، فنام ولم يهيئ لمها شيئاً ، فجاءا فلم يجدا طعاماً وإداماً، فقالا له : انطلق فاطلب لنا من النبى طعاماً وإداماً،فذهب ، فقال له النبي :« اذهب إلى أسامة بن زيد ، فقل له إن كان عندك فضل من طعام فليعطك »
وكان أسامة خازن النبي ، فذهب إليه سلمان ، فقال أسامه : ما عندي شيء فرجع إليهما ، فأخبرها ، فقالا :قد كان عنده ولكنه بخل.
ثم بعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة ، فلم يجدوا عندهم شيء ، فقالا : لو بعثا سلمان إلى بئر سميحة (بئر قديمة بالمدينة غزيرة الماء )
لغار ماؤها.ثم انطلاقا يتحسسان هل عند أسامة شيء، فرآهما النبي ، فقال :« مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما ؟!» فقالا : يانبى الله ،والله ما أكلنا في يومنا هذا لحماً ولا غيره .فقال النبي :« ولكنكما ظللتما تأكلان لحم سلمان وأسامه».
ثم نزل قوله اللّٰه عز وجل _ ينهى عن الظن السيئ ،قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].