مؤامرة التهجير.. قصة محاولات إسرائيل لنسف القضية الفلسطينية عبر تفريغ قطاع غزة.. "كارنيجى" يرصد تاريخ المحاولات من "شارون" لـ"نتنياهو".. موقف مصر والأردن أجهض السيناريو المشبوه.. ويحافظ على التركيبة الديمغرافية
سلط تقرير لمركز كارنيغي الدولي للسلام الضوء على تاريخ محاولات إسرائيل المشبوهة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول الجوار، مشيراً إلى أن المخاوف من تصفية القضية الفلسطينية عادت من جديد بعد العدوان الأخير على قطاع غزة، والذي ويقترب من إكمال شهره الثاني، مخلفاً ما يقارب 14 ألف شهيد، معظمهم من المدنيين.
وبحسب التقرير، فإن الدعوات التي وجهتها حكومة بنيامين نتنياهو، سبق أن أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أرييل شارون، إلى جانب سياسيين إسرائيليين آخرين، زعموا أن الأردن ومصر يمكن أن يصبحا وطنا بديلا للفلسطينيين.
وأشار التقرير إلى أن آراء شارون الهامشية سابقا برزت الآن إلى الواجهة، حيث يضم الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل وزيرين لا يعتقدان فقط أن الضفة الغربية وغزة تابعتان لإسرائيل، بل يعتقدان أيضا أن الفلسطينيين الذين يعيشون هناك لا الحق في البقاء داخل تلك الأراضي. الأرض.
خلال الشهر الماضي، أعلنت كل من مصر والأردن مراراً وتكراراً أن حدودهما لن يتم فتحها لاستقبال ولو فلسطيني واحد، ليس كوسيلة لحرمان الفلسطينيين من المساعدات الإنسانية التي يتعرضون للهجوم، بل كخطوة مضادة لحرمانهم من المساعدات الإنسانية. إسرائيل فرصة لتفريغ المنطقة.
وبحسب كارنيغي، فإن موقف الحكومة الأردنية منطقي، حيث أوضحت إسرائيل من خلال العديد من التصريحات الحكومية أنها لا تنوي إنهاء الاحتلال أو السماح بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود عام 1967. الموقف الإسرائيلي الواضح هو أن أفضل ما يمكن للفلسطينيين أن يأملوا فيه هو أكثر من مجرد الحكم الذاتي ولكن أقل من دولة.
وفي مقابل مصر ورفضها القاطع ومواقفها الواضحة في الدفاع عن مبادئ القضية الفلسطينية ورفضها تفريغ قطاع غزة من سكانه، سلط تقرير كارنيغي المزيد من الضوء على الوضع داخل الأردن، ومخاوفه مدفوعة بالعوامل الديموغرافية، حيث أن عدد الفلسطينيين في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية تجاوز الآن عدد اليهود الإسرائيليين: 7.4 مليون. ويصل عدد الفلسطينيين، وبعضهم مواطنون إسرائيليون، إلى 7.2 مليون إسرائيلي، والاتجاه الواضح هو أن الأغلبية الفلسطينية ستزداد بمرور الوقت.
ولا يجوز لإسرائيل أن تستمر في العمل كأقلية تحكم أغلبية من السكان في ظل بنية قانونية أشبه بالفصل العنصري ـ وهو المصطلح الذي تستخدمه منظمة بتسيلم (أكبر منظمة لحقوق الإنسان في إسرائيل)، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، وغيرها الكثير.
ويعتبر المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل، الذين يمثلون 21% من سكانها، مواطنين من الدرجة الثانية من الناحية القانونية بعد أن أعلن قانون عام 2018 أن البلاد دولة قومية للشعب اليهودي. ويخضع الفلسطينيون تحت الاحتلال أيضًا لنظام قانوني منفصل عن المستوطنين اليهود الذين يعيشون في الضفة الغربية والقدس.
فحين يدرك الفلسطينيون تحت الاحتلال أنه لن يُسمح لهم بإقامة دولة خاصة بهم، فإن البديل الوحيد أمامهم يتلخص في المطالبة بحقوق سياسية متساوية في المكان الذي يعيشون فيه ـ وهو ما يعني نهاية الحلم الصهيوني بدولة يهودية ديمقراطية.
ومن وجهة النظر الأردنية، أصبح النقل الجماعي احتمالاً حقيقياً، وليس مجرد حجة نظرية. إذا كانت إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية أو أغلبية فلسطينية، فإن البديل الوحيد هو محاولة التأثير على النقل الجماعي لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.
كانت الحكمة التقليدية السابقة تشير ضمناً إلى أن المجتمع الدولي لم يعد يتسامح مع النزوح، لكن الأمثلة في سوريا وأوكرانيا تشير إلى خلاف ذلك: فقد فر 6.5 مليون سوري و6 ملايين أوكراني من بلدانهم دون أن يتمكن المجتمع الدولي من منع أزمات اللاجئين.
وبالإضافة إلى ذلك، اعترف مسؤولو الإدارة سراً بأن الأردن ومصر لديهما أسباب مبررة للقلق، وقد صرحت واشنطن علناً بأنها تعارض نقل الفلسطينيين إلى الأردن ومصر.
حتى الآن، تنطبق ظروف الحرب على غزة فقط. لكن الأردن يشعر بالقلق من أن غزة قد تشكل سابقة لتصعيد مماثل في الضفة الغربية. وبالفعل، تداهم مجموعات المستوطنين القرى الفلسطينية يومياً بدعم من الجيش الإسرائيلي، مما يؤدي إلى طرد الفلسطينيين منها. وهذا يخلق الانطباع بأن المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية يرون في الحرب الحالية في غزة فرصة للتطهير العرقي في الضفة الغربية.
ووفقا للتقرير، فإن إغلاق الحدود أمام الفلسطينيين – رغم أنه يبدو ظاهريا غير حساس لمعاناة الفلسطينيين – يحظى بدعم محلي وعربي واسع النطاق. وينظر إليها في المنطقة على أنها محاولة لعرقلة رغبة إسرائيل في التخلص من “مشكلة” الأغلبية الفلسطينية، وبالتالي كتحرك قومي.
وهو أيضًا موقف يؤيده الفلسطينيون أنفسهم، على الرغم من معاناتهم الحالية والمحتملة على يد الاحتلال الإسرائيلي. ومن غير المرجح أن يتغير الخط الأحمر، الذي يحظى بهذا الدعم المحلي والفلسطيني والعربي الواسع، حتى لو امتدت الحرب.