الناصرية في مهب الريح
كتب محمد عمر
بادئ ذي بدء التجربة الناصرية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي كانت تجربة مثمرة وعظيمة أثرت وألهمت دولا عديدة، سواء في افريقيا اوآسيا أو أمريكا اللاتينية وحتى اوروبا الشرقية، في الوقت الذي تتغنى فيه دولا كثيرة بمكانة الزعيم الراحل خالد الذكر جمال عبد الناصر وفكره الإشتراكي المعتدل وانحيازه للطبقات الدنيا والكادحين من الشعب والأخذ بأيديهم للعمل والأنتاج القومي واستغلال الأيدي العاملة خير أستغلال في الصناعات العديدة بإقامة المصانع التي تجاوزت ال 1200 مصنع مما أنعكس على نمو الإقتصاد المصري وكانت البدايات مبشرة وأستمرت طوال عقدين من الزمان صامدة امام التحديات المتمثلة في خوف الغرب والصهيونية من تنامي دور مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي فكانت الحرب على مصر بدءآ من العدوان الثلاثي حتى حرب الاستنزاف وقد كانت مصر بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر قائمة متحدية الصعاب وقد اتجهت السياسة المصرية نحو مجابهة القوى المعادية بمساعدات عديد للدول المستعمرة حتى تحررت بفضل الفكر والدعم الناصري لهم، وقد كان الزعيم صاحب الكاريزما القوية زعيما ملهما للعالم الحر فعشقته الشعوب وأقاموا له التماثيل في الميادين والشوارع التي سميت بإسمه تقديرا وعشقا له، في المقابل سعى من أتوا بعده على تشويه صورته بشكل إما مباشر كالسادات صديق الصهيونية والأمريكان وحتى مبارك المعتدل الذي كان يتهكم عليه من حين لآخر ولكن تبقى دوما الأسانيد القوية القائمة خير رد على من يسعوا لتشويه حقبة ناصر، وقد بدأ تأسيس حزبا ينتمي كلية لعبد الناصر وإحياء التجربة الناصرية من خلال الحزب العربي الديمقراطي الناصري سنة 1992 وانضمام محبي الزعيم من المناضلين العاشقين له من رموز حقبة الخمسينيات والستينيات ومن قامات عليا في مصر وبمرور الوقت بدأ مرض جديد يغزو الجيل التالي لهؤلاء الناصريين وهو حب الزعامة وعشق الظهور والنرجسية فصار صراع بينهم لا ينتهي،دفع الأمنجية للإنشقاق وتشكيل عدة أحزاب لمحاربة الحزب الناصري وهكذا كان نظام مبارك يخطط وساعدوه هؤلاء على تنفيذ المخطط وهم الآن يجنون ثمار الخسة والعمالة وعلى المستوى السياسي نتاج مافعلوه صفر وعلى مستوى المنفعة الشخصية حدث ولا حرج تسول الأموال من زيارات للعراق وسوريا ولبنان والكويت وليبيا والناصريين الشرفاء يرفضون هؤلاء ويقفون أمامهم ويفضحونهم في كل المناسبات سيحاسب أمثالهم التاريخ .
نذهب سريعا لما آل اليه حال هذا الحزب العريق فقد أصبح هناك مجموعة تستولي وتقطن المقر التاريخي للحزب بينهم خلافات وانقسامات والدولة لم تعترف بهم وهناك مجموعة تعترف بهم الدولة من خلال حكم محكمة وانتخاب رئيس لهم بالتزكيةمن خلال مؤتمر عام شرعي لكبر سنه وانتخاب نائبا أول له ثلاث نواب وأمينا عام للحزب، وتم استكمال المؤتمر العام بإنتخاب اللجنة المركزية والأمانة العامة للحزب وفقا للائحته التنظيمية وتم كل شيء وفق صحيح اللائحة والقانون، الا أن الأمور بدت غير مبشرة فمن خلال الاجتماعات التنظيمية وضح للجميع ان قيادة الحزب ليست معارضة وليست ناصرية بل مجرد أبواق داعمة لإتفاقية العار كامب ديفيد وحل الدولتين بل وزاد الطين بلة بيانات متتالية لرئيس الحزب يدعم فيها كل مايتخذ من قرارات مجحفة في حق الكادحين والفقراء من الحكومة ووضح ان هذا الشخص لا يفقه معنى المعارضة ومعنى قيادة حزب معارض وبات هو فقط من يدير الحزب فأشعل الخلافات مع المكتب السياسي وأمناء المحافظات وخالف اللائحة والقانون وكان يريد تأجير بلطجية للإستيلاء على مقر الحزب بالمخالفة للقانون ويدعي ان هذا هو الحل الوحيد وعندما تم رفض اقتراحه المنافي للقانون خرج عليه امناء المحافظات جميعهم ولم يبقى معه سوى أبنه وأمين تنظيمه الوفي وشخص اخر، وكان الرد القاصم لهذا الشخص بالدعوة لانعقاد اللجنة المركزية في الاسكندرية والتي انتهت بالتوصية لعقد مؤتمر الحزب العام وعزل هذا الشخص واعادة انتخاب رئيسا للحزب وقد كان ذلك وتم عزله بمؤتمر عام متوافق وصحيح اللائحة والقانون وانتخاب رئيس آخر وعاد الحزب العربي الديمقراطي الناصري لأبنائه وبات المعزول مهووس بمنصبه ويساوم البعض بتقديم الوعود بكرسي البرلمان او منصب في الحزب الذي لا يمثله أصلاً وعندما يواجهونه بالحقيقة يقول انه قام بفصل كل قيادات الحزب واعضاؤه وكل المحافظات هيهات هيهات يصرخ ومعه نكرة انهما هم من يمثلون الحزب وهنا يأتي التساؤل
هل هؤلاء يمثلون الناصرية؟؟ هل الحزب العربي الديمقراطي الناصري وصل به الحال أن يتشرذم بهذا الشكل؟
الأمل في وحدة شاملة للحزب وفقا للائحته التنظيمية وليس وفق الأهواء فرئيس الحزب الحالي هو دكتور محمد رضا طلبة ولن يدخل نزاع مع قاطني المقر في طلعت حرب فسياسته ومن معه الوحدة ونبذ الفرقة وسيتم افتتاح مقر رئيسي جديد وسط القاهرة مهما كانت التكلفة والحزب ينتفض الان وينثر عن نفسه العوالق ومدعين المعارضة العملاء محبي اللقطات. وللحديث بقية ان كان في العمر بقية.