مقالات

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن دور الشباب في نهضة المجتمع

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن دور الشباب في نهضة المجتمع
بقلم / المفكر العربي خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مما لاشك فيه أن مَرْحَلَةَ الشَّبَابِ مَرْحَلَةُ الْقُوَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وَالْهِمَّةِ فِي إِنْجَازِ الْمُهِمَّةِ هِيَ زَمَنُ الْعَمَلِ وَالْعَطَاءِ وَالتَّضْحِيَةِ
وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: “مَا آَتَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبداً عِلماً إِلَّا شَابّاً وَالخَيرُ كُلُّهُ فِي الشَبَابِ” ثُمَّ تَلَا قَولَهُ تَعَالَى: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ (الأنبياء: 60) وَقَولَهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا
بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ (الكهف: 13) وَقَولَهُ تَعَالَى: ﴿وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ (مريم: 12)
وَالشَّبَابُ عِمَادُ الأُمَّةِ وَقُوَّتُهَا وَمَبْعَثُ عِزَّتِهَا وَكَرَامَتِهَا وَهُمْ رَأْسُ مَالِهَا وَذُخْرُهَا الثَّمِينُ وَأَسَاسُهَا الْمَتِينُ قال تَعَالَى:
﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾ البقرة: 247
وَمَنْ يُطَالِعْ سِيرَةَ النَّبيِّ ﷺ يَجِدْ أَنَّ مُعْظَمَ أَصْحَابِهِ وَكَثِيراً مِنْ أَتْبَاعِهِ ﷺ كَانُوا مِنَ الشَّبِيبَةِ الْفَتِيَّةِ أَصْحَابِ الْهِمَمِ الْعَلِيَّةِ وَالنُّفُوسِ الزَّكِيَّةِ الَّذِين زَعْزَعَ اللهُ تَعَالَى بِهِمْ عُرُوشَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فَأَخْرَجُوا الْعِبَادَ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّ الْعِبَادِ شَبَابٌ تَمَثَّلَتْ فِيهِمُ القِيَمُ وَعَلَتْ بِهِمُ الهِمَمُ فَغَدَوا قَادَةَ الأُمَمِ وَمَصَابِيحَ الظُّلَمِ
نَعَمْ لِأَنَّ الشَّبَابَ إِذَا صَلَحُوا وَاقْتَدَوْا بِسَلَفِهِمُ الصَّالِحِ نَهَضُوا بِأُمَّتِهِمْ إِلَى مَا تَصْبُو إِلَيْهِ مِنَ السِّيَادَةِ وَالرِّيَادَةِ وَقَامُوا بِنَشْرِ دِينِهِمْ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ
 إنَّ الإيمَانَ حِينَ يَعْمُرُ قُلُوبَ الشَّبَابِ يَجْعَلُهُمْ قُوَّةً فَعَّالَةً يُعِزُّونَ أمَّتَهُمْ وَيَرْفَعُونَ شَأْنَ مُجْتَمَعِهِمْ وَيَنْهَضُونَ بِهِ وَيَكُونُونَ نَمَاذِجَ طَيِّبَةً فِي أُسَرِهِمْ وَأُسْوَةً حَسَنَةً لأمْثَالِهِمْ وَقَدْ أَشَارَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ إِلَى نَمُوذَجٍ رَفِيعٍ لِلشَّبَابِ الْمُؤْمِنِ فِي حِفْظِ الْعَقِيدَةِ وَالتَّوْحِيدِ وَجَعَلَهُمْ مَثَلاً لِمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الشَّبَابِ يَقْتَدُونَ بِهِمْ فِي الثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ
وَالدِّينِ قَالَ تَعَالَى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ الكهف: 13
وَذَكَرَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ نَمُوذَجاً فِي طُهْرِ السُّلُوكِ وَعِفَّةِ العَلاقَاتِ
وَالاِعْتَصَامِ بِاللهِ مِنْ الفَاحِشَةِ وَإغْرَاءِ الفِتْنَةِ وَالشَّهوَةِ فَقَالَ عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ (يُوسُف:23)
وَمِنَ السَبعَةِ الَّذِينَ ذَكَرَهُم النَّبِيُّ ﷺ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يُظِلُّهُم فِي ظِلهِ يَومَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُهُ: “وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه” متفق عليه
وَذَكَرَ تَعَالَى مِثَالاً رَائِعاً فِي مَجَالِ صُنْعِ المَعْرُوفِ وَإعَانَةِ الضُّعَفَاءِ وَهُوَ مُوسَى عَلَيْهِ والسَّلامُ حِينَ سَقَى لابْنَتَيْ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ تَعَالَى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ (القصص: 26)
وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ نَمُوذَجاً لِلشَّابِ الصَّالِحِ حِينَ يَكُونُ رَبَّ أُسْرَةٍ يُوَجِّهُهَا إلَى الطَّاعَةِ وَالخَيْرِ وَيَقُودُهَا بَعيْداً عَنِ السُّوءِ وَالشَّرِّ ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا*وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً﴾ (مريم:54-55)
وَهَكَذَا نَرَى نَمَاذِجَ فَرِيدَةً لِلشَّبَابِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ فِي كُلِّ مَجَالٍ مِنْ مَجَالاتِ الحَيَاةِ وَفِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الأخْلاقِ والسُّلُوكِ وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ مِسْكَ خِتَامِهِمْ فِي سيِّدِنا رَسُولِ اللهِ ﷺ وَاَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قَالَ تَعَالَى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ (الفتح:29)
قال النَّبِيُّ ﷺ: “اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ” الحاكم
كَانَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ رَحِمَهَا اللهُ تَقُولُ: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ خُذُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَأَنْتُمْ شَبَابٌ فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ الْعَمَلَ إِلَّا فِي الشَّبَابِ”
لِهَذَا وَجَبَ عَلَى الشَّبَابِ أنْ يَمْلؤوا حَيَاتَهُمْ جِدّاً وَنَشَاطاً وَحَرَكَةً مُفِيدَةً نَافِعَةً وأعْمَالاً مُثْمِرَةً طَيِّبَةً يَسْتَقِيمُ بِهَا الدِّينُ وَتَعْمُرُ بِهَا الدُّنْيَا فَالعُلُومُ الَّتِي يَتَلَقَّونَهَا فِي المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ وَالصِّنَاعَاتُ الَّتِي يُؤدُّونَهَا فِي المَعَامِلِ وَالمَصَانِعِ إنَّمَا هِيَ لِخَيْرِهِمْ وَلِخَيْرِ الأُمَّةِ تُوَفِّرُ السَّعَادَةَ وَالرَّخَاءَ وَالنُّهُوضَ وَالارْتِقَاءَ لِلْجَمِيعِ فَالْعِلْمُ وَالعَمَلُ يَخْدِمَانِ الدِّيْنَ كَمَا يَخْدِمَانِ الدُّنْيَا
 احْرِصُوا عَلَى صَلاَحِ أَبْنَائِكُمُ فَأَعْدَاءُ الإِسْلاَمِ يَسْعَوْنَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فِي إِضْلاَلِ شَبَابِنَا بِالشُّبَهِ الْمُضِلَّةِ وَالتَّحَزُّبَاتِ الْمَشِينَةِ وَبِالشَّهَوَاتِ وَالْمُغْرِيَاتِ حَتَّى سَمُّمُوا أَفْكَارَهُمْ وَزَرَعُوا الْمُيُوعَةَ وَالْخلاَعَةَ فِي نُفُوسِ بَعْضِهِمْ وَخَطَّطُوا وَدَبَّرُوا لِتَبْدِيدِ هَذِهِ الثَّرْوَةِ وَتَعْطِيلِهَا وَإِفْسَادِ طَاقَتِهَا وَتَخْرِيبِ قُوَّتِهَا فَكُونُوا يَداً وَاحِدَةً بِالتَّعَاوُنِ بِدَعْوَتِهِمْ وَالسَّعْيِ فِي صَلاَحِهِمْ بِكُلِّ تَلَطُّفٍ وَرَحْمَةٍ وَرِفْقٍ لِنَحْصُلَ عَلَى شَبَابٍ مُخْلِصٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَتَّبِعُ سُنَّةَ نَبِيِّهِ ﷺ وَيَنْهَجُ مَنْهَجَ سَلَفِهِ الصَّالِحِ يَكُونُ أَدَاةَ بِنَاءٍ لاَ مِعْوَلَ هَدْمٍ لِبَلَدِهِ وَمُجْتَمَعِهِ يُحَوِّلُ الْخَيْبَةَ إِلَى أَمَلٍ وَاللَّهْوَ إِلَى عَمَلٍ بَعِيداً عَنِ الشُّبَهِ وَأَمَاكِنِ الْفَسَادِ وَمَوَاطِنِ الْخَلَلِ
 اتَّقُوا اللهَ وَتَجَمَّلُوا بِالأَخْلاقِ وَتَزَيَّنُوا بِالعِلْمِ وَالعَمَلِ وَالبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاستَمْسِكُوا بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى يُؤْتِكُمُ اللهُ تَعَالَى أُجُورَكُمْ وَيُحَقِّقْ أَهْدَافَكُمْ وَمَقَاصِدَكُمْ وَاحْذَرُوا مِنْ تَضْيِيعِ حَيَاتِكُمْ بِتَطْبِيقَاتِ الْأَجْهِزَةِ الذَّكِيَّةِ وَأَلْعَابِهَا وَرَسَائِلِهَا مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ وَلَا فَائِدَةٍ وَاحْمُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ الْبَطَالَةِ وَالْفَرَاغِ وَجُلَسَاءِ السُّوءِ فَأَنْتُمْ مَسْؤُولُونَ عَنْ أَوْقَاتِكُمْ وَشَبَابِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ ﷺ:
“لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ” رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَالنَّفْسُ إِنْ لَمْ تَشْغَلْهَا بِالْحَقِّ شَغَلَتْكَ بِالْبَاطِلِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى