منوعات

أيمن سعد غراب يكتب: ريحة الجلاد الأصفر تغازلني

كان يوما سعيدا جدا ذلك الذى يجمعنا فيه والدى لنتوجه إلى القوصية أو ملوى لشراء ملابس المدرسة، أتذكر جيدا أول حقيبة مدرسية خاصة بى كانت جلد حمراء صغيرة الا جزء كان أبيض مستطيل دون عليه والدى اسمى ثلاثى، كان ذلك في سبتمبر 1988 وكانت فرصة جميلة أن أحزم شنطتى على ظهرى وامضى بها إلى المدرسة.
عندما كان يقول لى الأستاذ يونس أو الأستاذ عزت أذهب لتحضر الطباشير أو لإحضار عصا كانت فرحة كبرى أن أدخل مكتب مدير المدرسة لإحضار المطلوب سواء عصا أو طباشير كنا نشعر أننا المندوبين الساميين أو سفراء المدرس لمكتب المدير.
في المدرسة الابتدائى كنا خمسة أبناء عمومة فضلا عن أن منازلنا في مكان واحد فكنا ننادى على بعضا حتى اذا حضر الجميع توجهنا إلى المدرسة سيرا على الاقدام لنلهو ونلعب ونتعلم واحيانا لنتخانق! كانت الحياة بسيطة جدا فلم تكن حقائبنا بها “لانش بوكس” أو حتى “زمزمية مياة” كنا تعليم “مجانى” لم نكن نعرف الدروس الخصوصية ولكن عرفنا “مجاميع التقوية” التي كانت بأسعار زهيدة!
هناك في المدرسة الابتدائى لم يكن هناك مدرس يجبرك على دروس خصوصية أو شراء ملخصات، كان المصروف 10 قروش ثم ما لبث أن زاد لـ25 قرش بعد ذلك كنا نشترى بهم عيش وطعمية واحيانا “بخت” ولبان “على بابا” أو اللبان السحرى.
كنا نذهب للمدرسة قبل الموعد بساعات لنلهو ونلعب في المنطقة المحيطة بالمدرسة حتى اذا جاء موعد الطابور كنت دائم المشاركة في الإذاعة المدرسية، كان هناك تشجيع من المدرسين للمتفوقين فاشتركت في مسابقة أوائل الطلبة في الصف الخامس وكنت الأول على المدرسة في النصف الأول من الصف الخامس والثانى فى النصف الثانى.
الوضع جد مختلف عن هذه الأيام فالمدارس أصبحت الان أكثر هما وعبا على الاسر ومع تدهور أوضاع المدارس والعملية التعليمية باسرها اتجه السواد الأعظم من الشعب إلى المدارس الخاصة التي تشهد زيادة في أسعار مصروفاتها فضلا عن انتشار الدروس الخصوصية بدء من المرحلة الابتدائية!
في المرحلة الإعدادية كانت المدرسة بجانب المنزل وكانت الدروس الخصوصية تنحصر في اللغة الإنجليزية والرياضيات فقط، فلم يعرف جيلنا دروساً في اللغة العربية أو العلوم أو الدراسات الاجتماعية ولكن كنا بالفعل مجتهدين وكانت فرحتى بالنجاح أمينا لفصل ثالثة رابع تفوق نجاح عضو بمجلس النواب وختمت المرحلة الإعدادية بحصولى على المركز الأول على المدرسة عام 1996.
وكانت ومازالت تقاليد البلد في المرحلة الثانوية أن يقوم الناجح في الشهادة الإعدادية والذي حصل على مجموع يؤهله للالتحاق بالثانوية العامة بشراء دراجة للذهاب بها الى المدرسة التي كانت تبعد عن القرية بثلاثة كيلو متر لذا كانت الفرحة مضاعفة بالالتحاق بالثانوية وبالدراجة.
لن أنسى ذلك الموقف الذى حدث مع ابن العم محمود عندما قلنا سنغمض اعيننا جميعا ونحن نقود دراجتنا وعندما فتحنا أعيينا وجدنا محمود غارقا في الوحل في زرعة الكرنب المجاورة للطريق بعد أن شق طريقه اليها وهو مغمض العينيين.
رحم الله كل من علمنا حرفا وهو الان في ذمة الله وبارك الله في أعمار من كان منهم على قيد الحياة.
وللحديث بقية أن كان في العمر بقية

مقالات ذات صلة

‫39 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى