سياسة

قضية فلسطين بين الامس واليوم

 

د.اسامه البدرشينى

القضية الفلسطينية بين الأمس واليوم

لعلنا كمصريين قد تحملنا مسئوليتنا علي مر العصور تجاه القضية الفلسطينية، فمنذ وعد بلفور ١٩١٧ وحتي اكتوبر ٢٠٢٣، دافعنا عن القضية بكل ما نملك. فقدمنا اكثر من ٢٠٠ الف شهيد لإستمرار الدفاع عن حق إخواننا الفلسطينيين، وقمنا بخوض أربع معارك حربية غاية في الشراسة، مع عدو يقف من خلفه كل الدول الاستعمارية.

كنا نحاربهم قبل محاربتنا للكيان الصهيوني البغيض، فمصر لم تألو جهداً في الدفاع عن القضية عسكرياً وسياسياً وحتي اقتصادياً في بعض الأحيان، ولطالما تدخلت حتي في المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، واحتوت أرضها الكثير والكثير من هذه اللقاءات.

ولكني لن أتطرق لما بذلته مصر في مراحل سابقة، وسوف أركز علي ما تقوم به مصر من دور محوري في الأزمة الحالية والعدوان الغاشم علي غزة الأبية. فالكيان الصهيوني ينفذ عملية أقل ما توصف به في مفهوم القانون الدولي بأنها تصفية عرقية وتهجير قصري. وهو ما يُعد انتهاكا لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية، وتعد جرائم حرب بإمتياز تخضع للمحاكمة من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

فالكيان الصهيوني يمنع حتي دخول المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة، في موقف يُعد من السوابق الإجرامية في حق الإنسانية، وسُبة في وجهه وجبين من يتشدقون بحقوق الإنسان، بل المهتمون بحقوق غير البشر.

أين أبسط الحقوق المنصوص عليها بإتفاقية جنيف ؟ أين القانون الدولي ؟ أين القانون الدولي الإنساني، وذلك بعد أن أصبحت كل هذه القوانين تُنتهك بفعل موت الضمير الإنساني لدي الكثير من قادة الدول.

الغريب في الأمر، أن بعض الحكام العرب لم يُظهِروا أي ردة فعل تجاه الشهداء الفلسطينين الذين قاربوا الثمانية آلاف شهيد، نصفهم علي الأقل من الأطفال، في كارثة إنسانية غير مسبوقة. وللأسف تخرج علينا دولة أو دولتين يدعون إلي إجتماع لجامعة الدول العربية في الحادي عشر من سبتمبر القادم، أي بعد أكثر من شهر وأربعة أيام من بداية المجازر علي أهل غزة العُزَّل.

ياللعجب! فبعد أكثر من شهر، ننتظر الاجتماع للشجب والإدانة، والاستجداء علي الكيان الصهيوني للكف عم دك غزة، والإدانة والاستجداء من تصحيح السر الأخير.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا الوقوف بجانب القيادة المصرية في إصرارها علي عدم تهجير أهالي قطاع غزة إلي سيناء وهذا لسببين، الأول بأنه في حالة التهجير، تعتبر قضاء علي فكرة حل الدولتين، وهو ما نرفضه من الأساس. فهو أحد الخيارات المطروحة منذ معاهدة أوسلو، ويعتبر من واجهة أخري تصفية للقضية الفلسطينية.

أما السبب الثاني فيعود إلي أن تهجير أهالي قطاع غزة يُعد إنتهاكاً للسيادة المصرية، وإضراراً بالأمن القومي المصري بشكل سافر، فكان الموقف المصري الرافض وبشدة لعدم تهجير إخواننا من أهالي غزة.

فقرار وقف عملية التهجير هو قرار حكيم يخدم كافة أطياف القضية، سواء الفلسطينيين أو المصريين. ومن هنا لابد وأن نشيد بحكمة فخامة الرئيس لما يتحمله من ضغوط دولية غير خافية علي أحد، في محاولات مستميتة لتهجير أهالي غزة لسيناء وما يتم ممارسته إقتصادياً وسياسياً حتي تتم الموافقة من الجانب المصري لعملية التهجير، وكذا لابد وأن نوجهه التحية لجيشينا الباسل، الذي رفض أيضاً هذه الفكرة الشيطانية.

ومن هنا، أدعو كل اطياف المجتمع وكل الايدلوجيات علي اختلاف مناهجها وأفكارها أن تلتف حول كلمة، سواء للدفاع عن الأرض العربية أرض غزة الأبية ودعم المقاومة بكافة صورها حتي لا تذهب القضية بلا رجعة. نتكاتف حول القائد لتثبيته علي موقفه الداعم للقضية، نلتف حول جيشنا لحماية حدودنا وردع كل من تسول له نفسه المساس بأمنها القومي. إلي جانب الدعوة لفتح المعبر لزيادة دخول المساعدات لأهلنا الغزاوية وكشف هذا الكيان الصهيوني بإبراز مجازره بحق الأطفال والنساء والشيوخ بكل الوسائل المتاحة وقضح انتهاكاته لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية والإنسانية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، ومحاولة توثيق تلك الجرائم والذهاب للمحكمة الجنائية الدولية لتقديم من قاموا بهذه المجازر للمحاكمة الجنائية من أجل القصاص منهم واعتبارهم مجرمي حرب، وعلي رأسهم هذا النتن ياهو.

وختاماً، لا يسعنا إلا أن نقدم تعازينا لشهداء الأمة، شهداء الكرامة، شهداء الحرية، شهدائنا في فلسطين ونكثف دعواتنا بأن ينصركم الله ويثبت أقدامكم.

                                                                       د/ اسامة البدرشيني

                                                         دكتور القانون العام

                                                                والخبير في الشئون العربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى