مقالات

التبرع بالسرقة والحج بالنصب …فمن أين أتى دينكم هذا ؟

بقلم : 

 

في قول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه :

فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه

فكم من جاهل أردى حليماً حين آخاه.

يقاس المرء بالمرء إذا ماهو ماشاه 

كحذو النعل بالنعل إذا ماالنعل حاذاه.

الكثير من الحكم والعبر يفهمها ويعيها صاحب العقل ويزنها .

فقد وصل بنا الحال إلى حد تحليل الحرام وتحريم الحلال مع أن النصوص القرآنية واضحة ومفهومة ، ولكن هل هناك من يتدبر ؟.

ففي الأيام السابقة وجدت خبراً منشوراً ولم التفت إليه في البداية اعتقاداً مني أنه إعلان ، ولكنني فوجئت بأن أحداث الخبر حقيقة وأن هناك الكثير ممن يباركون هذا الحدث ، وكعادتي بحثت وراءه فوجدت الأمر صحيحاً ، فقد بات الناس ومشاهير المجتمع من الفنانين يباركون لفنان لم اسمع عنه من قبل يدعى (غوريلا) قد تعاقد مع شركة بيبسي لعمل اعلان وتقاضى أجره ١٩ مليوناً وهرب من تصوير الإعلان متبرعاً بالمبلغ لأهل غزه .

وبات الناس يصفقون ويهللون ويرفعون علامة النصر .

وهنا كان يجب أن اتحدث سائلة هل السرقة حلال؟

وهل نقض العهد والعقد حلال؟

وهل يقبل الله إن كان هذا المال قد وصل لأهل غزه؟ وضع هنا مليون خط أحمر تحت هذا السؤال قبل الإجابة وذلك لأن التبرعات العينية التابعة للقوانين الدولية بالكاد تصل إليهم فكيف بالتبرعات المالية ؟

والله لا يقبل صدقة من غلول .

وهل هناك حديث شريف أو موقف نبوي واحد أو لأحد الصحابة أو آية قرآنية تحلل سرقة مال أي كائن على الأرض حتى ولو كان أعدى أعداء الإنسان بشرّه وبالحاده وكفره بالله ؟

في حقيقة الأمر أن الإجابة عن كل ماسبق هي لا ، بل على العكس تماماً فالدين الإسلامي حث على المحافظة على حرمات الغير وعلى أموال الغير فقال تعالى في كتابه “ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون “.

وقال أيضاً “لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم …”

ولم يتحدث القرآن عن الأمور الكبيرة فقط بل تحدث حتى عن أبسط الأمور التي تخص المعاملات الاجتماعية حتى يحافظ على خلق روح يسودها الاحساس بالسلام والطمأنينة مثل قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ” فهل تستمتعون معي بروعة اللفظ القرآني الذي سبق فيه الاحساس بالأنس فعل السلام ، فأنت إذا شعرت بالاطمئنان فأنت في سلام وأمان ، فهذا الدين الرائع الذي اهتم بمشاعر الناس وأحاسيسهم وطمأنة نفوسهم على أموالهم وأعراضهم وحرمة بيوتهم ،يأتي واحد من ممثلي هذا الجيل يتشبه بقرود الغابات في السلب والنهب ويدعي البطولة على مرأى ومسمع من الناس وينال تصفيقاً حاداً من أجل تشويه الدين ، وهو في نظري ونظر كل عاقل متدبر لص سارق يجب محاكمته ليكون عبرة لكل جيل ، فما يحدث مع هذا الجيل وما سيليه ليس بالقليل فهو كفيل بهدم كل القيم والثوابت الدينية والاجتماعيه ، طالما فقدوا القدوة والرأي السديد ، وأما أصحاب الرأي بأنه فعل ذلك من أجل نصرة المسلمين في غزة فاعتقد رفضه لعمل الإعلان نصرة على الأقل لن يُحاسب عن تلك الأموال يوم يقوم الحساب ، وخاصة أن البيع والشراء والرهن والعمل وكل ما يخص التجارة مع اليهود ليس بحرام طالما أنها تجارة ليس بها مما حرمه الله .

وبما أننا في أيام من أفضل الأيام والعبادة فيها تقربنا من الله ومن الرحمة والمغفرة ،فكيف نطلب ذلك من الله ونحن نستخدم النصب وسيلة لأداء الحج ؟هل فرض الله الحج على غير القادر ؟

هل إذا لم تستطع الحج في حياتك لضيق رزقك ستدخل نار جهنم مذموما مثلاً ، ألم يكن الحج فرضاً على القادر بدنياً ومادياً ؟ فلماذا التحايل من أجل الذهاب لعبادة الله ؟هل تعتقدون أن الله سيقبل عبداً أتاه من طريق لا يقبله ؟

تأدبوا مع الله فهو القادر ، التعامل مع الله لا يكون مادياً بأي حال من الأحوال ، الله يبصر نوايا قلوبكم فلا تتحايلوا على الله لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، فلا تأتوا الله بمال حرام أو حج غير شرعي ، لأن احترامك للقانون هو حفظ للأمانة ، وأعلى درجات الإحسان في العبادة أن تعبد الله كأنك تراه وإن لم تكن تراه فانه يراك .

فإذا كان التبرع بالسرقه والحج بالنصب حرام ، فمن أين أتى دينكم هذا ؟….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى