مقالات

مقال عن عيد الفلاح

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف

تحتفل مصر يوم التاسع من سبتمبر من كل عام بعيد الفلاح المصري، والذي يوافق يوم إصدار قانون الإصلاح الزراعي، تكريماً لجهده المتواصل عبر آلاف السنين، ودوره الكبير المتعاظم في الاقتصاد المصري، وعرفانا بفضله في توفير المستلزمات الحياتية اليومية من السلع الغذائية لربوع الوطن.

والفلاح المصري، قصة كفاح ونضال طويلة علي مر العصور .. لقد تحدي الفلاح المصري عبر الأزمنة المختلفة كافة العوائق .. فقد أصر علي أن يكون منتجاً رغم فقره، مناضلاً رغم ما يتعرض له من ظروف معاكسة.

ومصر الجديدة، مصر ما بعد ثورتى يناير و30 يونيو، باتت تعي قدر الفلاح المصري ومكانته العالية في المجتمع.. باتت تنظر الي تسوية ديونه وشطبها من خلال قرار إسقاط ديون بنك التنمية والائتمان الزراعي عن المزارعين، وتوريد المحاصيل الزراعية بأسعار تقارب الأسعار العالمية، خاصة محصول الأرز، والاجتماع بممثلين عن الفلاحين للاطلاع علي مشاكلهم وحلها، فضلاً عن التأكيد المستمر علي المضي قدماً في التوسع الأفقي والرأسي في الزراعة.

نماذج من كفاح الفلاح المصري في التاريخ الحديث:

– الإضراب عن العمل في حفر قناة السويس

بعد أقل من ستة أشهر منذ كتبت جريدة “اسنرودنت” الإنجليزية في 15 يوليو 1861 “إن الفلاحين المصريين يُسحبون سيراً على الأقدام إلى بورسعيد، وقد ربط بعضهم إلى بعض كالجمال أو مثل قطعان العبيد”، كانت الانتفاضة التاريخية للفلاح المصري في يناير 1862، بالتمرد الذي قام به آلاف الفلاحين ضد السخرة، وقيامهم بالإضراب عن الحفر، والهروب المنظم والمسلح من الموقع، مما اضطر المستغلين إلى تحديد أجر (رغم ضآلته) للفلاحين، والتحسين النسبي لمعيشتهم وخاصة بالنسبة لمياه الشرب.

– الثورة العرابية، وضعت في صدر برنامجها:

إلغاء السخرة التي يفرضها الباشوات الأتراك علـى الفلاحين.

القضاء على احتكـار كبار الملاك لمياه النيل والتحكـم فيها.

حماية الفلاحين من المرابين الأجانب.

وأكد الزعيم أحمد عرابي انتماء ثورته للفلاحين، بأن أطلق عليها “حركة الفلاحين”.

– ثورة “همام” ضد المماليك

استمرت ثورة الفلاحين في صعيد مصر لأكثر من ثلاثين عاماً، وهي رافعة شعار “مصر للمصريين والأرض للفلاحين”. ورغم الأصول الأعرابي “لهمّام” -قائد هذه الثورة- إلا أن هدف حركته وتشكيل جيشها وامتزاج الأصول الفلاحية بالاعرابية طوال نضالها، يؤكد أنها صورة مشرقة وهامة للنضال الفلاحي المصري.

– ثورة جمهورية زفتى سنة 1919

أعلن الفلاحون والمثقفون الوطنيون -أثناء ثورة 1919- الاستقلال عن السلطة وشكلوا مجلس وطني لحكم الإقليم وتسيير أموره وحمايته من القوات الإنجليزية والسلطة التابعة، لمدة وإن لم تكن طويلة بعدد الأيام، إلا أنها بطولية من ناحية الصمود الثوري في مواجهة الضغط والحصار. ولقد كانت مجالاً للاستلهام والاحتذاء بها في بعض أقاليم محافظتي أسيوط والدقهلية طوال فترة النضال الوطني الشعبي عام 1919.

– الحزب الوطني في مرحلة قيادة محمد فريد له:

تبنى الحزب قضية الفلاح، مدافعاً عن حقوقه، مطالباً برفع الغبن عنه المتمثل في “تدهور مستوى معيشته نتيجة العائد الضئيل الذي يحصل عليه بعد مجهود شاق” مهتماً بتشكيل الجمعيات التعاونية والنقابات الزراعية والمدارس الأهلية لأبناء الفلاحين.

– حزب الوفد:

فقد دعا عام 1935 إلى استصلاح الأراضي وتوزيعها قطعاً صغيرة على الفلاحين. وقدم للفلاحين -في سنوات حكمه المحدودة- عدداً من الإنجازات الهامة، وخاصة بالنسبة للائتمان الزراعي ومجانية التعليم ومنع تملك الأجانب للأراضي.

– الحزب الاشتراكي:

فقد رفع طوال عامي 1950-1951 شعار “الأرض لمن يفلحها”، وتقدم نائبه في مجلس النواب (المهندس إبراهيم شكري) بمشروع قانون بتحديد الملكية بخمسين فدانا.

وتعاظمت حركة الفلاحين في الفترة من عام 1948 حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، وتجسدت في معارك الفلاحين ضد الظلم والسخرة في “بهوت وكفور نجم وساحل سليم وميت فضالة والسرو ودراوة والبدارى ودرين وأبو الغيط”.. والعشرات من قرى مصر شمالاً وجنوباً. واستشهد في هذه المعارك والانتفاضات الكثيرون من القيادات المناضلة من أجل حق الفلاح في الحياة، سواء من الأجراء ومعدمي وفقراء الفلاحين أو من أبنائهم المثقفين.

وقد استنكر العديد من الكتّاب والأدباء والشخصيات السياسية والقانونية والاجتماعية، أوضاع الفلاحين قبل 1952 مطالبين بضرورة حصولهم على حقوقهم الإنسانية مثل :

الدكتور طه حسين، وكتابه “المعذبون في الأرض”.

الدكتور عبد الرازق السنهوري، وكتابه “الإيجار”.

الأستاذ خالد محمد خالد، وكتابه “من هنا نبدأ”.

ثم كانت ثورة يوليو ترجمة أمينة لطموحات الملايين من الفلاحين المصريين مثلما كانت تجسيداً أميناً لطموحات وآمال حركة الوطنية المصرية وبالذات فى قانون الإصلاح الزراعى والذى نحتفل فى ذكراه فى التاسع من سبتمبر باعتباره عيد الفلاح المصرى ولا يمكن أن يختلف كل من عاش في مصر قبل 23 يوليو 1952-مهموماً بأوضاعها وعاملاً أو آملاً من أجل تغييرها على حجم ما أحدثه الإصلاح الزراعي من تغييرات إيجابية كبيرة للتربة وللفلاح بل وللمجتمع المصري بآسره من خلال:

– إعادة تركيب هيكل الملكية الزراعية

– نمو الحركة التعاونية الزراعية وتعميق دورها في خدمة الزراعة والفلاحين.

– إقامة توازن نسبي بين الملاك والمستأجرين للأراضي الزراعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى