مقالات

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه التمكين

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه التمكين
بقلم \   المفكرالعربى الدكنور خالد محمود عبد القوي  عبد اللطيف
مؤسس  ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه أن من أهم أنواع التمكين في حياة المسلمين التمكين الاجتماعي، لذلك كان أول عمل قام به المصطفى صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة أن سعى للتمكين الاجتماعي بإزالة الشحناء والبغضاء من النفوس, وزرع الأخوة والمحبة محل التنازع والشقاق فآخى بين المهاجرين والأنصار، وبدأ بتأسيس المسجد النبوي بوتقة الأخوة والمحبة والتلاقي والتربية والتعليم والتوجيه والإرشاد والمتابعة والاجتماع خمس مرات في اليوم، كما عمل على الاستقرار الاقتصادي بأن بنى السوق ونظم العمل فيه وتابع نشاطه التجاري، وجاء القرآن لينظم العلاقة بين البائع والمشتري في الميزان والمكيال وعدم الغش وعرض البضاعة كما هي بعيبها، حيث قال صلى الله عليه وسلم للبائع الذي لم يظهر بلل الطعام من غشنا فليس منا، وأبرم المصطفى صلى الله عليه وسلم مع يهود المدينة وثيقة المدينة وهي دستور المواطنة الأول في المجتمع المسلم، وجاء في بدايته هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم ولحق بهم وجاهد معهم وجاء فيه أنهم أمة واحدة من دون الناس، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين، وتضمن هذه الصيغة مبادئ عامة وفي طليعتها مبادئ تحديد مفهوم الأمة، فالأمة في الصحيفة تضم المسلمين جميعًا مهاجرهم وأنصارهم ومن تبعهم ممن لحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة من دون الناس، واعتبرت الصحيفة اليهود جزءًا من مواطني الدولة وعنصرًا من عناصرها ومكونًا من مكوناتها ولذلك قيل في الصحيفة (وأن من تبعنا من يهود، فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم)، كما جاء في الصحيفة أن الحريات العامة مصونة للجميع كحرية العقيدة، وحرية العبادة، وحق الأمن والمواطنة، والعدل واجب بين المواطنين بموجب هذه الصحيفة ولقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8] وعن المجوس الحكم العام فيهم (سنوا بهم سنة أهل الكتاب، ولغير المسلمين ما للمسلمين وعليهم ما عليهم)، وصالح المصطفى صلى الله عليه وسلم حاكم أيلة وأعطاه وثيقة للأمان خاصة به وبقومه.
وحق التكافل الاجتماعي مكفول بين الفقراء والأغنياء من المجتمع المسلم من الزكاة والصدقات والأوقاف الخيرية، وكفالة الدولة للجميع في حالة الفقر والمرض والمصائب , والمجتمع المسلم مجتمع العبودية لله والأمر بالمعروف (بالمعروف) والنهي عن المنكر (بالمعروف) ووفق ضوابط منهجية التغيير بالحكمة والموعظة الحسنة ووفق القواعد الفقهية في هذا الموضوع : والمجتمع المسلم مجتمع المحبة والتآخي ، والعلم ، والعمل ، والإنسانية الراقية ، والتعمير والإبداع ، والإخلاص في العمل ، والالتزام في العمل وإتقانه ، ومجتمع الصدق والأمانة والعفة والطهارة .
أما ما يوجد الآن في المجتمعات المسلمة من الأنانية ، والذاتية ، والانفرادية ، والتباين الطبقي ، وغياب الأخلاق والسلوكيات الاجتماعية الإسلامية واستبدالها بالعادات والتقاليد والسلوكيات غير الإسلامية يهدد النسيج الاجتماعية والأسري والعائلي في المجتمع ، وينذر بالتفكك الأسري، والتفكك الاجتماعي ، وغياب فقه التمكين الاجتماعي ، وفقه المواطنة ، وفقد الجسد الواحد ، والسفينة الواحدة ، والأمة والواحدة .
أن أهداف التمكين إقامة المجتمع المسلم الذي تتحقق فيه العبودية الشاملة لله تعالى ، وهذا يتطلب إقامة دولة الإسلام بدعائمها ، ودستورها ، وقواعدها ، ومبادئها ، ولابد من إقامة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بضوابطهما الشرعية ) والدعوة إلى مكارم الأخلاق وتعليم الأمة ما ينفعها في الدنيا والآخرة ، وممارسة قواعد النظام السياسي الإسلامي من الشورى والعدالة والمساواة .. الخ .
علينا انتهاج فلسفة إعلامية تهدف إلى إقامة المجتمع المسلم بعيدًا عن تسعير الشهوات ، والنزاعات ، وأسباب الشقاق والتنازع ، وتقوية إيمان الناس بالله سبحانه وتعالى ، ونشر فقه الأخوة والمحبة بين الناس , ومحاربة الشعوذة ، والخرافة والعَلمانية (بفتح العين) والإلحاد والتسيب الخلقي ، ونشر ثقافة الأخوة ، والمحبة ، والجسد الواحد ، وعلينا أن نخلي مجتمعاتنا من القيم المستوردة المتنافية مع ديننا وثقافتنا ، ونعلم فقه التمكين الاجتماعي والمواطنة .
وهذا يتطلب فلسفة تربوية لبناء المناهج الدراسية والتربية للأجيال للحفاظ على أمن المجتمع ، وتقوية تربية الأخوة والمحبة والترابط الأسري والعائلي ، والاجتماعي وتعلم مهارات الحياة ، وفقه الاختلاف والسعة ، والحوار ، والتعايش الوطني بلا فتن طائفية ومذهبية ، وهذا يتطلب الاتفاق على الملامح الرئيسية لفقه التمكين والمساواة والمواطنة ودور كل واحد منا في العمل على ترسيخ هذا التمكين وبخلاف ذلك ستدب الفرقة والتنازع وضياع الأمن الاجتماعي والتمكين الاجتماعي بيننا ، كفانا الله تعالى شر ذلك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى