دور الحكومة في تحسين الصورة الذهنية عن البيروقراطية والفساد الإداري

بقلم: هالة عكاشة

تواجه الأجهزة الحكومية في العديد من الدول، خاصة النامية منها، تحديًا كبيرًا في التغلب على الصورة الذهنية السلبية المرتبطة بالبيروقراطية وتعقيد الإجراءات الإدارية، بالإضافة إلى الاتهامات المتكررة بوجود فساد إداري. وهنا يظهر الدور المحوري للعلاقات العامة الحكومية كأداة إستراتيجية لإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات.

ما هي الصورة الذهنية ولماذا تهم؟

الصورة الذهنية هي الانطباع الراسخ في عقل الجمهور عن جهة معينة. في الحالة الحكومية، هي تلك النظرة المتراكمة لدى المواطن عن كفاءة الجهاز الإداري، ومدى نزاهته، وسرعة استجابته، وعدالته في تقديم الخدمات.

غالبًا لا تُبنى الصورة الذهنية على الوقائع وحدها، بل تتشكل من تجارب شخصية، وحكايات الآخرين، والإعلام، والسوشيال ميديا. وبالتالي، فإن تحسين هذه الصورة لا يقتصر فقط على الإصلاح الإداري، بل يحتاج أيضًا إلى إدارة ذكية للاتصال الحكومي.

كيف تساهم العلاقات العامة الحكومية في تحسين الصورة؟

1. الشفافية الاستباقية: من خلال المبادرة بنشر المعلومات والإيضاحات حول السياسات والقرارات قبل أن تنتشر الإشاعات أو يتم تأويلها بشكل خاطئ.

2. تبسيط التواصل: إطلاق حملات توعية تشرح الإجراءات الإدارية بلغة مبسطة، وبلغة المواطن، مما يقلل من الشعور بالغموض والتعقيد المرتبط بالبيروقراطية.

3. قصص النجاح الواقعية: إبراز نماذج حقيقية لموظفين ملتزمين، أو مؤسسات قدمت خدمات بكفاءة. القصص تلعب دورًا قويًا في تغيير الانطباعات السلبية.

4. المشاركة المجتمعية: إدماج المواطنين في صنع القرارات، أو على الأقل في تقييم الخدمات، يعزز من الإحساس بالانتماء ويقلل من الشعور بأن “الحكومة كيان منفصل عن الناس”.

5. الرد المنهجي على الشكاوى: تحويل كل شكوى إلى فرصة لتحسين الخدمة، ونشر نماذج الاستجابة الحكومية الفعالة.

أمثلة دولية ناجحة

في سنغافورة، ساعدت حملات العلاقات العامة الذكية على تحويل صورة الموظف الحكومي من بيروقراطي جامد إلى شريك في التطوير.

في رواندا، تم دمج العلاقات العامة مع برامج الإصلاح الإداري فنتج عنها نظام حكومي يتفوق على دول متقدمة في سرعة الإجراءات وشفافيتها.

هل العلاقات العامة تغطي على الفساد؟

بالطبع لا. العلاقات العامة ليست وسيلة “تلميع”، بل أداة لنقل الحقائق، وإدارة الحوار مع الجمهور، وتوضيح الجهود الحقيقية للإصلاح. بدون خطوات إصلاح واقعية، أي حملة علاقات عامة ستتحول إلى مجرد ديكور مؤقت ينكشف سريعًا.

الخلاصة

لا يمكن تحسين صورة الحكومة في ذهن المواطن بمجرد تصريحات إعلامية. التغيير يبدأ من الفعل الإداري الصادق، ويكتمل بـ خطاب علاقات عامة ذكي، شفاف، وواقعي. حين يشعر المواطن بأن صوته مسموع، وأن الحكومة تحترم وعيه، تبدأ الصورة الذهنية في التحسن… وتبدأ الثقة في العودة تدريجيًا…