مقالات

بأس المصريين

بقلم : نجوى حجازي.

 

لماذا يُخشى بأس المصريين .

 

قال الله تعالى في كتابه العزيز “واصبر على ما يقولون . واهجرهم هجرا جميلا”.

 

وقال الشاعر :

اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله….

فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

فمنذ أن تفجرت الحرب الغير متكافئة في غزة وجميع الأنظار لم تتجه إلا إلى مصر رئيساً وشعباً ، وهذا الأمر يحمل أكثر من معنى وتحليل إذا نظرنا إليه بشكل عقلاني ومنطقي ، فنجد السبب يرجع لمكانة مصر وموقعها وقوة جيشها وعزيمة أهلها ومواقفهم التاريخية المشرفة على مر العصور إلخ …ولكن مع مرور الأيام لم يبدو الأمر كذلك فقد بدا الأمر وكأنه خطة ممنهجة من الجميع لهدم وانشقاق مصر داخلياً من أجل تحقيق مآرب خبيثة وللأسف تخص العدو الذي يذبح ويقتل ويحقق مجازر في مدنيين أبرياء على مرأى ومسمع من الجميع وبالنهاية المتهم مصر !!!!

ومما أثار دهشتي ودفعني للرد ليس شرازم الميديا ولا ذوي العاهات العقلية والقصور الفكري والألسنة الزالفة ، ولكنه حديث لكاتب ومفكر سياسي من دولة خليجية يتحدث في برنامج تليفزيوني عن المصريين ويصفهم بالمتفرعنين وأنهم يمارسون الفرعنه منذ أن دعا سيدنا موسى فرعون مصر إلى الإيمان بالله فأبى واستكبر وأنهم ورثوا فعل فرعون ،واستشهد بقول الله عز وجل “أنا ربكم الأعلى ” .فنحن مثل فرعون نتحدى ونتجبر، ولا أعلم كيف لمفكر سياسي وكاتب له باع طويل وصاحب مسيرة طويلة في الفكر السياسي ودرس في مصر منذ خمسينات القرن الماضي أن يكون كلامه بمثل هذه السطحية والعقم الفكري الموروث عن عنصرية وجهل ، لأنه على ما يبدو لم يقرأ التاريخ جيداً ليعلم أن فرعون وجنوده الذين كانوا من النبلاء والوزراء آنذاك فقد كان جيش فرعون مُحرّم على عامة الشعب ،وكان لا يدخله سوى الوزراء والنبلاء الذين كانوا يدينون بالولاء لفرعون ، أن الله أهلك هؤلاء جميعاً بعد أن نجى موسى ومن معه ، فانشق البحر وابتلع فرعون وجنوده وبقي المؤمنون من اتباع موسى وعامة الشعب ، وهنا لابد من تصحيح المفاهيم حتى لأصحاب من نظن أنهم أصحاب عقول مفكرة ، فلو كنتم تظنون أن اطلاق لقب فراعنة على المصريين مسبة ونقيصة فالقرآن والتاريخ شاهدين على كذبكم وتضليلكم وربما يعود ذلك إلى قصور في تفكيركم ، فالفراعنه دخلوا الإسلام في عهد عمر بن الخطاب عندما فتحها عمرو بن العاص ، وأصبحت منارة للإسلام وإلى يومنا هذا تصدر الإسلام إلى جميع دول العالم ، ومصر الدولة الوحيدة التي علمت العالم كيف تكون حرية الأديان وحرية ممارستها فتجد المسجد والكنيسة في حي واحد ، وحتى معابد اليهود موجودة إلى الآن في وسط أشهر الأحياء السكنية ، الفراعنة مر عليهم الكثير من الطامعين المستعمرين بداية من الهكسوس إلى اليهود وكلهم ذهبوا إلى مزبلة التاريخ بانهزامهم وتقهقرهم خوفاً من بطش الفراعنة الذين يشبهون أرضهم التي تقتلع كل جسم غريب عنها ، الفراعنة عاش على أرضهم في القرن الماضي اليونانيون والايطاليون والفرنسيون والبلجيك والبريطانيون واليهود ومع ذلك تم طردهم من مصر واشترطت الحكومة عليهم التنازل عن كل ما يملكون وحمل حقيبة واحدة عند الرحيل وكان يُقدر عدد اليهود آنذاك بحوالي ٦٠٠٠٠ ألف يهودي ، تم طرد منهم مايقدر ب ٢٥ ألف يهودي بسبب الاشتباه في تعاونهم مع الصهيونيين أو كان لديهم أقارب صهاينه ، وبحلول عام ١٩٥٦ خرج باقي اليهود من تلقاء أنفسهم وغادروا مصر ، لأن أرض مصر لفظتهم وأبناءها الفراعنه لم يتقبلوا وجودهم ، ولأنهم فراعنة فقد تركوا من ظن نفسه مستعمراً أن ينال شرف محاولة استعمار مصر ليلقنوه درساً يحكيه التاريخ، فالفراعنة تمسكوا حتى بلغتهم فجعلوا العدو يخرج مهزوماً متحدثا بلغة أهلها وليس العكس ،الفراعنة لم يهجروا أرضهم تاركين إياها لعدوهم بل رووا أرضهم بدمائهم ليظلوا أحرارا شامخين ، لم يقفوا على حدود الدول يستغيثون ، ولم يجمعوا أنفسهم ويلوذوا بالفرار إلى دول أخرى ، لم يتسولوا الطعام والشراب والمأوى ، بل كان ومازال شعارهم نموت نموت وتحيا مصر ، الفراعنة ليس بينهم خونة لوطنهم ، لأن الخائن يُدفن حياً إن بما يستشعره من الخزي والعار الذي يرى نفسه فيه حتى في عيون الأطفال الصغار ،الفراعنة لا يهمهم الطعام والشراب والفراش الوثير في سبيل حرية وطنهم وشرف أرضهم ، وإذا سافرأحد منهم وترك وطنه فإنه يسافر من أجل التعمير في وطنه ، ويعتبر نفسه غريباً إلى أن يعود ، ولذا عزيزي الكاتب المفكر السياسي البارع هذا هو تعريف الفراعنه المتفرعنين على حد قولك والذي اعتقد ولكل ما سبق أنه الأجدر أن يكون الإجابة الشافية لما في صدرك وصدور غيرك عن سؤال لماذا يُخشى بأس المصريين ؟!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى