العالمتقاريرفن وثقافةمحافظاتمصرمقالاتمنوعات

نهاية قصة حب قيس بن الملوح وليلى

كتب الاعلامي / أحمد الطيب

 

 

 

كانت ليلى بعد فراقها لقيس كانت لا تلذ بطعام ولا شراب وتخاطب نفسها وتعض على يديها حسرة وندامة فضاق وردا بها و وطلقها فعادت لاهلها.

ولما علموا أنها لفظت المال والجاه لأجل قيس أخذوا يضربونها ليلا ونهارا حتى أخذها الخبل والبكاء ومكثت ثلاثين يوما لا تأكل ولا تشرب حتى محى المرض والبكاء جسمها واختفت سمات الجمال من على محياها وتهاوى جسدها الغض الطري الذي لطالما أنشده قيس في شعره وبكائياته حتى صار جسداً نحيلاً وعظاماً يكسوها جلداً رقيق … هذا حالها بكاءً وعويلاً على قيس حتى ضعفت ووهنت الى أن أسلمت الروح إلى باريها وأقامواعليها العزاء …

انتشر الخبر وعلم قيس بذلك ………

وصار النور في عينيه ظلاما والنهار ليلاً سرمداً فحرم على نفسه الأكل والإبتسام وكانت تمر عليه الساعات مغمى عليه وإن إستفاق علا صراخه وبكاءه وصاح :

وداعا ياليلى هل من رجوع لأرى وجهك الجميل .. وداعاً ياأنس حياتي .. هل من رجوع لأرى وجهك الجميل .. وداعاً يامن افنيت عمري شوقاً لرؤيتكِ .. هل من رجوع لأرى وجهك الجميل .. وداعاً … ويعود فيغمى عليه ..

ورجع إلى دياره مأخوذاً مجبوراً .

فكان قيس كلما سمع تغريد العصافير صاح : ليلى تركتيني وحيدا في هذه الحياة البائسه ياليتني مت قبل أن أفقدك لقد مات كل أمل بعدك يا ليلى وسألحق بك عما قريب .

ثم ابتهل إلى الله إنني عبدك المعترف هدني الحب أسألك أن تجمع بيننا وإن كانت يد الأقدار قد انتشلت روحها وكتب ان لا أراها بعد اليوم فخذ روحي إليك كما أخذت روحها لأستريح مما انا فيه.. اللهم لاتتركني فوق ارض ليلى تحتها ..

ووصل إلى حي ليلى فلما أقبل ازداد نحيب الناس وبكائهم عليه وهم يرونه ينوح ويبكي …

سأل قيس عن قبر محبوبته فدلوه عليه فلما رآه انقلب عليه جاثيا واحتضنه صارخاً :

أيها القبرلقد ضممت رفات من أحبها ..وفيك دفنوا كل امل لي في الحياه .. إن روحي ترفرف حول رفاتكِ يا ليلى .. إن روحي يحسد ارضاً يضمكِ ياسعادةً فارقتني .. وكان يضم القبر ويحضنه ويسأل:

ليلى أين فمك الضحوك؟ اين رقة ابتساماتك؟ وأين دلالك؟ ابكي ابكي أيتها العينين على رحيل ليلى الأبدي ..

وظل هذا حاله حتى أقبل الليل وقيل انه كان يأوي إلى القبر ليلا ونهارا وكان يرثيها بالأشعار حتى جف جلده وضعفت قوته وجاء إليه رجلا ليواسيه ففر منه ثم اندفع إلى قبرها فاصطدم به وانهارت عظام جسده من حجارة القبر ثم يغمر رأسه في الرمل متوهما رؤية ليلى وتقبل هند اخته فتحضنه وتبكي وتهون عليه حتى يغشي عليه.

فلما أفاق قالت له:

إن ليلى ماتت فدعنا نخطب لك غيرها فارحم نفسك وارحمنا! فنظر إليها وقال:

وانت يا هند تعاذليني في ليلى أحب الناس إليّ وقد احترق قلبي عليها وتغيرت أحوالي وأصبحت شريدا من أجل حبها .. لقد ذهبت ليلى وذهبت معها أيام الصفاء ليلى في كل يوم أشعر بإنتهاء الحياة وانني على حافة القبر..

ليلى لقد تركتِ لي ذكرى تمزق قلبي وتقطعه إربا ثم يبكى وبكت معه أخته هند .

فظهرت له ظبية لحق بها وقال : السلام عليك يا هند فما أراك تريني بعد اليوم وانطلق جاريا خلف الظبية…

خرج اهله يبحثون عنه فلم يجدوه ولم يلتمسوا له اثرا وفي اليوم الرابع قالوا :

فلما آيسنا منه عدنا طالبين الديار فبينما نسير إذ مررنا بواد كثير الحجارة فوجدناه ميتا بين الحجارة وكان قد خط عند رأسه :

توسد أحجار المهامة والقفرُ

ومات جريح القلب مندمل الصدرُ

فياليت هذا الحب يعشق مرة

فيعلم ما يلقى المحب من الهجرُ

قال زياد:

فحملناه ونحن نبكي وجاء كل من سمع بوفاته وقمنا بتكفينه ودفنه ولم تبقى فتاة من بني جعدة ولا بني الحريش إلا خرجت حاسرةصارخة عليه بالندب والنواح واجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء وينشجون عليه وحضر حي ليلى معزين وكان أبوها أشد القوم جزعا وجعل يقول ماعلمت أن الامر يبلغ كل ذلك ولكني كنت امرىء جلفاً أخاف من العار وقبح الله الأحدوثة ما يخاف مثلي فزوجتها ولو علمت ان الامر يجري على هذا لما أخرجتها عن يدك يا قيس ,, ياويلي قتلت روحين ابنتي وابن أخي .. ياويلي ..

ودفن قيس بجانب قبر ليلى ونام قيس نومته الاخيرة إلى جانب حبيبته ليلى , وتحلل جسمه إلى تراب غامرةً بقاياه تراب حبيبته ..

ولم يرى يوما كان أكثر باكيا وباكية على ميت سوى قيس عام 490 من الهجره ولم يكن بينه وبين ليلى إلا خمس وعشرون ليلة.

وظلت قصيدة قيس المؤنسه التي كانت تؤنسه في وحشته من أجمل قصائد الغزل ولقيس شعر مبثوث في كتب الأدب ,

ومن هذا الشعر نرى ان مجنون بني عامر قلب هائم, وعقل شارد , وضلوع خفاقه وروح أرق من النسيم وجسم ذائب, وعين ذاهلة وفيه رقة وسذاجة مريض الغرام, لا يملك شعوره ولا يقوى على تسيير القلب على طريق السواء , ويغمى عليه ولا يفيق إلا لذكر ليلى وأخيرا قضى عليه الألم والوجد , فوجد طريحا على الرمال صريع حبه وهيامه ..

مقالات ذات صلة

‫38 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى