
كتب الشاعر / منصور جبر
تراب
تمشي حافيا على شاطئ البحر فتشعر بالقُرب
ترسُمُ رجلاكَ وأصابعُ قدميك ذكرياتٍ هناك
تنظر إليها وتتأمل فيها مستمتعاً
نتذكر طفولتنا وسيرنا بلا حذاء أحياناً
نلعب .. نعدو ونمرح
نتسابق .. نفوز أو ننهزم
نلامسه بأيدينا ، ونبني منه بيوتاً
نخط فيه بأصابعنا البريئة ، نرسم أشكالاً ، وجوهاً ، قلوباً ، عبارات مختلفة
التراب صديقنا منذ نشأتنا ، بل هو من أعز الأصدقاء
من التراب خلقنا الله
وإليه نعود بعد أن نرحل من الدنيا
ومنه نقوم في الآخرة
التراب أم الطبيعة
منه تنبت الأزهار
وعليه تتطاول الأشجار
وفيه تجري الأنهار
وحوله يتقلب الليل والنهار
وفوقه تنتصب الجبال شامخة راسخة
في التراب نستكِن ، ومنه نشيد بيوتنا الآمنة
وفيه تختبئ الحيوانات والزواحف في أوكارها وأعشاشها وأكنانِها
وفيه نخبئ عيوبَنا وعوراتنا ورفاتنا
الصحراء القاحلة الواسعة ، ورمالها وكثبانها الجميلة تدل على سَعة الخالق وبديع صنعه
يأتي الناسُ ويرحلون ، والترابُ باقٍ
يشهدُ على ما يفعله البشر
كل ذرة من التراب تسبح الله { ولكن لا تفقهون تسبيحهم }
نام رسولنا عليه الصلاة والسلام على تراب
وقال لعلي بن أبي طالب أبا تراب
خذ حَفنة من التراب في كفك ، ومرره من بين أصابعك بهدوء ، واستشعر نعمة هذا الصديق الجميل الذي منه خلقنا الله وإليه نعود ومنه نُبعث يوم القيامة
{ منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } .