…………….(رمضانيات)………………
اليوم هو ثاني ايام شهر رمضان المبارك نسترجع في “كتاب الإسلام “، كتب الدكتور مصطفى محمود ـ الذي رحل عن عالمنا عام 2009ـ تحت عنوان (ماهو الصيام) قال فيه:
الصيام من الشعائر القديمة المشتركة في جميع الأديان، وهواة الجدل دائما يسألون كيف يخلق الله فما وأسنانا وبلعوما ومعدة لتأكل ثم يقول لنا: صوموا، كيف يخلق لنا الجمال والشهوة ثم يقول لنا غضوا أبصاركم وتعففوا، هل هذا معقول ؟
وأنا أقول لهم بل هو المعقول الوحيد، فالله يعطيك الحصان لتركبه لا ليركبك، وتقوده وتخضعه لا ليقودك هو ويخضعك، وجسمك هو حصانك المخلوق لك لتركبه وتحكمه وتقوده لغرضك وليس العكس ان يستخدمك هو لغرضه و أن يقودك لشهواته، ومن هنا كان التحكم في الشهوة وقيادة الهوى ولجام المعدة هي علامة الإنسان.
أنت إنسان فقط في اللحظة التي تقاوم فيها ما تحب وتتحمل ما تكره، أما إذا كان كل همك هو الانقياد لجوعك وشهواتك فأنت حيوان تحركك حزمة برسيم وتردعك عصا وما لهذا خلقنا الله.
الله خلق لنا الشهوة لنتسلق عليها مستشرفين إلى شهوة أرفع نتحكم في الهياج الحيواني لشهوة الجسد والتلذذ بالجمال ومنها نتلذذ بشهوة العقل إلى الثقافة والعلم والحكمة ومنها نتسلق إلى معراج أكبر لنستشرف الحقيقة ونسعى إليها ونموت في سبيلها، معارج من الأشواق اعلى ذروتها الأشواق لرب الكمالات جميعها الحق سبحانه وتعالى.
ولهذا سخر الله لنا الطبيعة بقوانينها وثرواتها وكنوزها وجعلها بفطرتها تطاوعنا وتخدمنا، والتكليف الذي كلفنا به الله أن نهاجر إلى الله إليه وحده في كماله حين قال (يا إيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه)،
يقول تعالى:(وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) والعبادة لا تكون إلا عن معرفة فالحياة رحلة تعرف على الله وكمالاته إلى عبادته ن هكذا بالفطرة وبدون مجهود، فما بالنا لحظة التعرف على جامع الكمالات والذى هو نبع الجمال كله أن نفنى حبا، وما الصيام إلا التمرين الأول في هذه الرحلة.. انه التدريب على ركوب الفرس وتطويعه بتحمل الجوع والمشقة وهو درس الانضباط والأدب والطاعة.
وهذه المعاني الراقية الجميلة ليس منها ما نعرف فى صيام اليوم من فوازير ونكات وهزليات وأغاني وصوان ومكسرات وسهرات.. إنما الصائم يفرغ نفسه للذكر وليس التليفزيون ويخلو للصلاة وقيام الليل وتلاوة القرآن وتدبر معانىه وليس للرقص والمسلسلات وترديد الأغاني المكشوفة.
وقد كان رمضان كله شهر حروب وغزوات واستشهاد في سبيل الله، كانت غزوة بدر في رمضان، وحرب التتار في رمضان وحرب إسرائيل في رمضان.
ذلك هو الصيام الرفيع ليس تبطلا ولا نوما بطول النهار وسهرا أمام التليفزيون بطول الليل، وليس قياما متكاسلا في الصباح الى العمل، وليس نرفزة وضيق وتوترا فالله فى غنى عن هذا الصيام وهو يرده على صاحبه ولا يقبله فلا ينال منه الا الجوع والعطش.
الصيام هو ركوب لدابة الجسد لتكدح إلى الله بالعمل الصالح والقول الحسن والعبادة الحقة واسأل نفسك عن حظك من كل هذا فى رمضان وستعلم إلى أي حد أنت تباشر شعيرة الصيام.
… …….بقلم ؛ناصر الجزار