فن وثقافة

(سبعُون عاماً ونحنُ منفى مِن دُونِ أهل، حاولتُ أرجع إلى ديارِى، أوقفنِى جُندِى مِن جُنودهُم ورمانِى أرضً)

أهدى لسيادتكم قصيدتى هذه تحكى قصة عجوز فلسطينية فى الشتات، تحلم بأن ترجع ديارها ذات يوم بعد أن كبر الجنين وأعد جيش لتحرير أرض…

الشاعرة الدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف.


إنصِت قلِيلاً لِما أقُول يا بُنى فالأمرُ صعب، سبعُون عاماً أو يزِيد ونحنُ نُحارِب هذا العدو، سبعُون عاماً سلبُونِى شرفِى وقتلُوا حُلمِى ونفُونِى وحدِى فِى الشتاتِ بِدُونِ رجع… لا شئ أملُك سِوى الرغِيف وبقايا خُبز، سبعُون عاماً ونحنُ منفى مِن دُونِ أهل، حاولتُ أرجع إلى ديارِى، أوقفنِى جُندِى مِن جُنودهُم ورمانِى أرض

يُوقِظُنِى فِى الليلِ خوف لِطُولِ حرب، أخافُ أن يُوارى جسدِى التُراب بِدُونِ أشهد تحرِير أرضِى مِن دنسِ عدو، مرت سِنُون تلاها أُخرى ونحنُ نحلُم بِأن نستعِيد أرض… على أرضِ غزة كُل أُم تحمِل ولِيدها وسط النِيران وأصواتُ حرب مِن دُونِ خوف، وسِنين عُمر تمضِى سرِيعاً كأنُه بحر، تِلك القِبُور مُلِئت شباب تحدى الصهاينة بِكُلِ نفض

إنظُر هُنالِك بِكُلِ ركز، تِلكَ العجُوز تُطعِم حفِيدها بِكُلِ جوع ليشُبَ سبع، والأُمِهات تُنجِب كثِيراً لِتعويضِ فقد، تُواجِه مصيرها مع ولِيدها بِألفِ وحش وكُلُ يوم يرحل جدِيد مِن دُونِ رجع… ننتِظر إبناً يعُود مِن بعدِ غِيبة فلا يعُود إلا محمُولاً فوق خشبة مفقُود نفس، لا جدِيد فِى الحِكاية والغدُ أمس والأمسُ غد مِن دُونِ نبض

تِلكَ العِيُون مُتربِصة فِى كُلِ حلق، تِلك الرِؤُوس مُتوجِسة لِدِخُولِ عرك، والعينُ أرهقُها البُكاء مِن بعدِ صبر، والقلقُ قد لفّ السِكُون بِألفِ وصف، نبقى مكاننا ولا نمُر والوضعُ صعب بِكُلِ قلق… ورُغمّ عنا نزدادُ صبر، وفوق غزة وتحتُها شهِد التارِيخ بِطُولات شعب، فِى القُدسِ وعلى أرضِ الجلِيل روينا قِصصاً تحكِى البِطُولة طُولاً وعرض

وبِكُلِ عِلم فالفرجُ آتٍ لا محل، هذا الجنِين سيشُب طوقاً دِفاعَ عنِى وعنك، مُنذُ أن جاء الحفِيد يا عزِيزِى تلاه آخر ونحنُ نقبع فِى الزوايا لِنُعِد جِيلاً لِأخذِ ثأر… نبقى نسِير فِى كُلِ أرض لِنلتقِى ذاتَ يوم، والأرضُ عرض، وسِلاحُنا هو الإيمان بِربِ أعلى ينظُر إلينا مِن فوقِ سبع، والشرفُ غالٍ يا وليدِى، والوطنُ أغلى من أى غرض

أيا بُنِى تِلكَ الأفاعِى الصهيُونِية تزدادُ خنق، وأنا كما ترانِى كبُرت، أحلُم بِيوم أفتح عينيا والكُلُ هب، أحلُم بِأن القُدس عاد إلى حُضنِ أهلُه مِن بعدِ غيب… والحُلمُ يكبُر مِن بعدِ يوم، والوقتُ مرّ على عُجالة يا صغِيرِى كأنُه برق، وأنا مكانِى مُتشبِثة بِكُلِ وثق، كُلِى تفاؤُل بِأننا سنعُودُ يوم، هذا الجنِين قد كبُر وأعد جيش، هزم الصهاينة بِكُلِ نفض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى