مقالات
رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يتحدث عن دوائر العلم ودوائر الإنكار

رئيس اتحاد الوطن العربى الدولى يتحدث عن دوائر العلم ودوائر الإنكار
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
كلمات يردِّدها أهلُ العلم وأهلُ التربية، ومُفادها أنَّ من اتَّسعَت لديه دوائر العِلم ضاقَت عنده دوائرُ الإنكار، ومن ضاقَت لديه دوائرُ العلم اتَّسعَت عنده دوائرُ الإنكار.
هي حقيقة ثَابتة، ومعادلَة رياضيَّة لا تتغيَّر ولا تتبدَّل على مدى التاريخ، فكلَّما زاد اتِّساع عِلم الإنسان، زادَت معارفه، واتَّسع أُفقه، وزادَت رحابة صَدره، وأصبح لديه قَبول للآخرين، وإعذار لهم، وتفهُّم لمواقفهم.
أمَّا مَن كانت بضاعته من العِلم قليلة وثقافته ضحلَة، فستجد منه التعصُّب والتطرُّف، وعدم قبول للآخرين، وسرعة إنكار لكلِّ ما هو خارج عن فهمه وإدراكه البسيط.
وبالنَّظر لِما يَجري في السَّاحة الإسلاميَّة عمومًا من كثرة الاختلافات والتمزُّق، تجد أنَّ مصدر هذا التخلُّف والتشتُّت هذه الفِئة التي اتَّسعَت لديها دوائرُ الإنكار بسبب جَهلها وأحاديَّةِ ونمطيَّة التفكير لدَيها، ومن نتائج هذه الشَّريحة المؤلِمة أنَّها عطَّلَت كثيرًا من الأهداف الكبيرة للأمَّة، وكانت من الأسباب الرئيسية في تأخير النَّصر والتمكين.
لذلك ستجد أنَّ أصحاب وقادَة التوجُّهات الفكريَّة المنحرِفة ومنظِّريها يسعَون جاهدين لوضع سياجٍ نفسي وفِكري على مريديهم؛ حتى لا تتَّسِع لديهم دائرة العِلم، الذي بدوره سيُسهِم في تفلُّت أتباعهم، وخروجهم من الأُطر الضيِّقة التي وُضعوا فيها، وستكون النتيجة الحتميَّة ضعف هؤلاء السَّحرة، وكسر شوكتهم وكهنوتهم وأكاذيبهم التي ضربوها على هؤلاء الأتباع.
ولعلَّ في قصَّة الطُّفيل بن عمرو الدَّوسي رضي الله عنه خيرَ شاهد؛ عندما حذَّره أهلُ مكة وخوَّفوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى وضَع الكرسفَ في أذنيه؛ حتى لا يَسمع شيئًا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن سرعان ما آبَ إلى رشده، وخاطَب نفسَه قائلاً: أنا رجل شاعِر لبيب، أعرِف الحسنَ من القبيح، فلماذا لا أستمع له؟ فأخرَج الكرسفَ واستمعَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقذف الله الإيمانَ في قلبه، فلم يمكث هنيهةً إلاَّ وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “ابسط يدَك أبايعك”.
لذلك إذا أرادَت أمَّتُنا أن تَنهض من جديد وتعيد أمجادها وتاريخها المشرِق، فعلَيها أن تَجتهد في نَشر المعرفة وتَنمية سعة الإدراك، وقبول الآخر لدى أبناء الأمَّة الإسلاميَّة؛ حتى لا يتخطَّفَهم هؤلاء الذئاب البشرية.