مينا مُندي يكتب: هذا ما لا تفهمه العقلية العربية (القرد على الشجرة والسمكة في الماء)

قال ‘العقاد’ عن ‘الريحاني’: ”أنك تحاول أن تتخيل الريحاني في عمل أخر غير عمله المسرحي فلا تفلح، هو على المسرح كالسمكة في الماء”.
ما قيل من العقاد ليس مجرد مجاملة للريحاني، بل يعتبر قانون حياتي غاية في الأهمية بالنسبة لمسار حياتنا؛ عظمة نجيب الريحاني المسرحية جعلت محاولة أي تصور له خارج عمله الفني مستحيلة، تمامًا كمحاولة تصور السمكة وهي تتسلق الأشجار.
كل إنسان لدية القدرة الكافية الوافية لتناسب فقط الموضع الذي خُلِق لأجله، وهذا ما لا تفهمه المجتمعات العربية، يحاول كل مِنّا أن يقتنص فرص غيره، أن يكتسب مهارات غيره، أن يحيا حياة غيره، ويعمل عمل غيره، وإن لم نستطع، نقع في فخ الفشل، كم ضاع من عمرنا ونحن نحيا أكذوبة الفشل، لأننا لم نقدر أن نحقق ما أنجزه أخر، في حين أن هذا الأخر لم يقدر أيضًا أن يحقق ما أنجزه أخر غيره.
حقا أن السمكة فاشلة في القفز بين الشجر، لكنها ناجحة بمهارة في السباحة، حقيقة أن القرد فاشل في السباحة، لكنه ناجح بامتياز في تسلق الأشجار والرقص بين أغصانها، وأي محاولة من إحداهما لعمل عمل الأخر سيكون مصيره ،حتميًّا، الفشل، بل الموت؛ ليت كل مِنّا يدرك قدراته الخاصة، ويكرسها حيث الطريق الذي يناسبها، حينئذ نكون جميعًا عظماء.