سياسةمقالات

الانتخابات الرئاسية المصرية .. والفيل والحمار الأمريكي !!

(نقطة تحول)

بقلم/ مستشار خالد حلمي

ونحن على مشارف انتخابات الرئاسة المصرية، والتي بات الجميع يحسب لها حساباتها ويعد لها العد التنازلي، حيث الهيئة الوطنية للانتخابات طالعتنا اليومين الماضيين بالإفصاح عن خطوات سير العملية الانتخابية وهي جهة الإشراف القضائي المنوط بها إدارة العملية الانتخابية من الألف إلى الياء والإشراف عليها إشرافا كاملاً.

ونعلم كما يعلم الجميع أن أنظار العالم كله تتجه صوب مصر دائماً وأبداً لمتابعة ما يدور بها من أحداث، لاسيما وأن حدثاً مهماً كانتخابات الرئاسة المصرية هو الحدث الأبرز على الساحة المحلية والإقليمية بل والدولية، لما تمثله مصر من أهمية بالغة في منطقة الشرق الأوسط، وهي الدولة المحورية ذات الثقل وذات الأهمية بالنسبة لدول العالم أجمع، سواء فيما يرتبط بالتجارة التبادلية بين مصر وغالبية دول العالم، أو فيما يخص مصر كدولة ذات سيادة على ممر قناة السويس البحري، وهو الممر الأكثر أهمية استراتيجية على مستوى العالم، وتتمثل أهميته في أنه الممر الأقصر مسافة لنقل التجارة العالمية بين الشرق والغرب، والذي يعد ذا بعد جيوسياسي أيضاً، بل وهو الممر الأكثر أمناً على أساطيل التجارة العالمية.

ولنعد للمشهد السياسي وانتخابات الرئاسة المصرية، والتي كما ذكرنا ينظر العالم كله لها هذه الأيام على أنها من أهم الأحداث التي يشهدها العالم تلك الفترة، خاصةً وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هو القائد والرمز الأيقوني لمصر والمصريين، لما مر بالبلاد من أحداث، كان للرئيس السيسي اليد العليا في مرورها على مصر والشعب المصري بأقل ضرر ممكن بعد كل ما حيك لها ولشعبها من مؤامرات ودس لها من دسائس لزعزعة استقرارها وأمنها الداخلي، وإرباك المشهد السياسي فيها والذي استتبعه بالتأكيد ارتباك في شتى الاتجاهات، سواء على المستوى الاقتصادي، أو حتى الاجتماعي، لتأثر غالبية الشعب المصري بتلك الأحداث وما جرى خلالها.

وحينما نقرأ المشهد جيداً ونتلمس الأدوار التي يحاول الغرب – بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية –  لعبها في المشهد السياسي المصري، نجدنا نفرد للمقارنات والتحليلات.

فلقد تابع المجتمع الدولي خلال السنوات القليلة الماضية السباق الانتخابي على مقعد الرئاسة الأمريكية بين مرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية “دونالد ترامب” و الرئيس الحالي رقم ٤٦ للولايات المتحدة الأمريكية مرشح الحزب الديمقراطي “جو بايدن” ، السباق الذي أنهاه هذا الأخير بالفوز بالانتخابات الرئاسية و اعتلائه سدة الحكم. 

و من أكثر المشاهد غرابة في هذا السباق الاتهامات التي كان تم تبادلها بشكل غير مسبوق بين مرشحي الرئاسة ، والتي سارت بالعملية الانتخابية في مسارات متشعبة ، و تسببت في حالة من التراشق بين الاثنين المرشحين و مؤيديهما.

هل هذا هو كل الأمر و كل الصورة ؟!  بالتأكيد ليس الأمر كذلك.. و لنعد للخلف قليلا لاستجلاء الموقف…

فقد اعتادت السياسة الأمريكية في اختيار مرشحيها للرئاسة على عملية تبادلية واضحة و جلية بين مرشحي كلا الحزبين الممثلين للسياسة الأمريكية بالداخل و الخارج ( الحزب الجمهوري ) الذي يتخذ رمز “الفيل” شعارًا له ، و ( الحزب الديمقراطي) الذي يتخذ رمزًا آخر له و هو “الحمار”.

و كما هو متعارف عليه فدائمًا و أبدًا ما تصدعنا و تغازل عقولنا الولايات المتحدة الأمريكية و من خلفها الصهيونية العالمية بما يسمى “بالديمقراطية” و “التعددية الحزبية” لضمان تداول السلطة مع بعض المصطلحات الرنانة “كحكم الشعب نفسه بنفسه” و “ضرورة التغيير” أيضاً ضرورة تبادل السلطة، والتداول السلمي للسلطة…الخ.

هذا وفي الوقت ذاته الذي تصدر لنا تلك الدول و غيرها سياسات و ممارسات لا يضطلعون هم ذاتهم بها ، بل وأنهم يرفضون أي تغيير حقيقي في مواقفهم و ممارساتهم السياسية قد يكون من شأنها إصلاح حقيقي للحياة السياسية ببلادهم.

حتى أننا بات لدينا في مصر على سبيل المثال ما يجاوز المائة حزب سياسي بعدد غير قليل ، و الذي هو في ظاهره أحد أهم أشكال التعددية الحزبية، و الفكر المغاير، والتجديد والإصلاح، بينما في حقيقته و مبتغاه و مضمونه و باطنه هو أحد أساليب تفكيك المجتمعات و شرذمة الشعوب و خلخلة أواصر الأمم.

هذا كما ذكرنا في الوقت الذي لا يتجاوز عدد الأحزاب لديهم في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال سوى الحزبين المذكورين سلفًا والقليل الذي لايذكر من أحزاب لا نعلم عنها شيئاً، أما الحزبان اللذان يتم تداول السلطة من خلالهما هما الحزبين الديمقراطي والجمهوري، و الغريب في الأمر أن المواطن أو الناخب الأمريكي يقوم باختيار مرشح رئاسة ديمقراطي هذه المرة ، و تجده في المرة التالية يستطيع التكهن بأن الجمهوري هو الأفضل لاعتلاء السلطة فتجده يختار الجمهوري ، و هكذا في كل مرة ، اليوم ديمقراطي و غدا جمهوري ، فهل مصافةً أن يكون تداول السلطة بالولايات المتحدة الأمريكية على هذا الشكل وهذا المنوال ؟!  هل حقيقةً أن لديهم ديمقراطية وتداول سلمي للسلطة وحرية اختيار وتعبير غير منقوصين أو غير قاصرين كما يصدرون لنا دائماً ؟!!

ألا يصلح ذات مرة أن يعتلي السلطة مرشحين ديمقراطيين متتاليين أو العكس مع الجمهوريين مثلاً ؟! ألا يصلح أن نجد مرشحاً مستقلاً أو من خلفية سياسية أخرى أو عن حزب ثالث غير الحزبين اللدودين ؟!! هل كشف الناخب الأمريكي النقاب عن صلاحية المرشحين بل و بالمصادفة تأتي الصلاحية تتابعية فيما بين الحزبين ؟!

هذا أمر …

الأمر الآخر هو سياسة كلا الحزبين والتي ينتهجها كلا منهما ومرشحيهما، والتي ترسم دائماً شكل العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية ونظيراتها لاسيما مصر على سبيل المثال .. وهنا نحاول استقراء وتحليل الفوارق بين الديمقراطيين والجمهوريين، فقد كان متوقعاً أن يكون الرئيس الديمقراطي “بايدن” أسوأ من سلفه الجمهوري “ترامب” بل و أكثر ضراوة و شراسة في التناول مع قضايا منطقة الشرق الأوسط و المنطقة العربية و سياساته الخارجية و بالأخص فيما يخص علاقته بمصر و قيادتها السياسية و الإدارة المصرية.. ولكننا لم نر ذلك صراحةً إلا من بعض المناوشات التي اعتادت عليها الإدارة الأمريكية مع الشرق الأوسط خاصةً مصر، والتي قد تكون رسمتها وحددتها وحددت حدتها الحالة الصحية للرئيس الأمريكي جوبايدن، والتي جعلتنا لم نر حقيقة مواقفه أو الاعتماد على دقة اختياراته فيما يخص علاقة الولايات المتحدة الأمريكة بنظيراتها وفي القلب منها العلاقات الأمريكية المصرية.

فهل كانت علاقة الرئيس المنتهية ولايته “دونالد ترامب” بمصر هي سبب إزاحته عن مقعد الرئاسة بالبيت الأبيض ؟!
هذا ما سوف نحاول استجلائه بالبقية القادمة من هذا المقال بإذن الله.

ولكننا إذا ما عدنا للمشهد المصري، وانتخابات الرئاسة المصرية، سنجدنا أمام مشهد يحتاج لحل طلاسمه والإجابة على تساؤلات عدة تحتاج لتفسيرات وتبريرات عدة أيضاً، خاصةً، أن للإدارة المصرية الحالية بقيادة الرئيس السيسي في قلوب المصريين مكانة غير بسيطة ومشاعر غير زائفة، لما لمسه الشارع والمواطن المصري من حجم الإنجازات التي لم نتطرق لها بعد والتي ولا محالة سنفرد لها خلال المقالات القادم مساحة غير قليلة، بالإضافة للعلاقة الخاصة بين الرئيس السيسي والشعب المصري، لما وجده فيه من أمانة وإنسانية وإنجاز، بل وتلك المحبة المتبادلة  بين الزعيم والشعب، لمواقف سياسية بطولية تحتاج لصفحات وصفحات لسردها والحديث عنها. وهوما سنفعله خلال الأيام المقبلة بإذن الله.

كاتب المقال

كاتب و محلل سياسي و باحث في العلوم السياسية و الاجتماعية                                                                  ورئيس مؤسسة ميادين للتنمية والدراسات
khaledhelmy@yahoo.com

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى