تقارير

على قدر أهل النصب تأتي المناصب

كتب: يوسف عبداللطيف

في هذا العالم المضطرب والمتلاطم، حيث القيم تتلاشى والمبادئ تتهاوى، تظهر حقيقة مفجعة تجعل القلوب تعتصر الألم والأسى. فعلى قدر أهل النصب تأتي المناصب، وتأتي على قدر الخداع المكاسب. هذه الحقيقة الواقعية تعكس حقبة زمنية صعبة نعيشها وتجرعها يوما بعد يوم.

في كل مكان، يبرز أهل الغش والنصب، وكأنهم نسل ملعون من الفساد، يتربصون بالأبرياء ويبتسمون ضد كل ضمير. في كل ساحة نرى هؤلاء الأشخاص الذين يتلاعبون بالحقائق ويعبثون بالعدالة، وكأنهم لا يخافون من الله ولا يترددون في خداع الناس والتستر على حقيقتهم الحقيرة.

المؤسف أن هؤلاء الأشخاص يحتلون المناصب العليا في المجتمع، ويمتلكون السلطة والقرارات التي تؤثر في مصائر الكثيرين. يُرى لهم في المؤسسات الحكومية والشركات الكبرى، يُرشحون للمناصب السياسية والإدارية، ويعينون بحكم التساهل والمحاباة.

في هذا العصر الحديث، تبدو هذه الأقوال أكثر صدقاً من أي وقت مضى. فمن خلال النصب والخداع، يمكن للفرد الوصول إلى المناصب السياسية والاقتصادية، دون النظر إلى الكفاءة أو النزاهة. وهذا يعني أن أولئك الذين يمتلكون مهارات الغش والخداع يمكن أن يتقدموا في ساحة المنافسة، بينما تبقى المواهب الحقيقية مدفونة في قاع المحيط، دون الاهتمام بها أو استغلالها بشكل كامل.

إذاً، يبقى السؤال الرئيسي، هل يجب علينا أن نتقبل هذا الواقع كما هو؟ أم ينبغي لنا أن نسعى جاهدين لتغيير هذا النظام، بحيث يكون التقدير والمكافأة مرتبطة بالكفاءة والإنجاز، بدلاً من الغش والنصب؟ وهذا يتطلب جهداً جماعياً لتغيير القيم والمعايير في مجتمعنا، بحيث يكون للمواهب والكفاءات الفعلية الأولوية في الصعود إلى المناصب القيادية.

وفى هذا السياق، تتدفن في قاع المحيط المواهب الحقيقية والقدرات المتميزة. فناصب القوة والمرتبة تحتلها أيدي غير جديرة بها، في حين يبقى الشاب الموهوب بلا فرصة، عالقا في حياة قاحلة من الاستغلال والإقصاء.

عزيزي القارئ، تعالوا ننظر حولنا ونتأمل في المشهد المحزن الذي نعيشه. هذا الواقع المرير ليس له مكان للعاطفة والرحمة. إنه يعكس حالة من اليأس والإحباط، حيث يبقى الفاسد يزدهر والشريف يختنق.

في النهاية، يلوح الظلام بسيطرته على خيوط النور المتبقية، وتبقى الأمل المضاءة الخافتة في سماء هذا العالم المظلم. فلعلنا نصحو من هذا الكابوس الواقعي، وننبه إلى حقيقة أن النصب والغش لا يبنيان، بل يهدمان ويدمران. فلنتحد معًا في مواجهة هذه الآفة الخطيرة، ولنعمل على إقامة أسس مجتمعية قوية وعادلة، حيث يحقق الجدار الأخلاقي انتصاره ليبقى الحق مرفرفًا في سماءنا المأساوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى