مصر

الإفتاء: الممتنع عن إبلاغ الجهات المسئولة بمن يبيع بأسعار مرتفعة آثم شرعا

ورد سؤال من دار الإفتاء المصرية على موقعها الرسمي، وكان مضمونه: “إن بعض التجار الجشعين يبيعون المنتجات بأسعار باهظة تفوق الأسعار المقررة، وبعضهم يحتكر أرزاق الناس وأهم مستلزمات حياتهم”. لقمة العيش واحتكارها من الجشعين والانتهازيين. وما حكم إبلاغ الجهات المسؤولة عن… هؤلاء؟”.

قالت دار الإفتاء ردا على السؤال: على من يعلم أن بعض التجار يبيعون بأسعار مرتفعة تتجاوز الأسعار المقررة أن يبلغ الجهات المسؤولة بذلك، كما يجب على من يخزن طعام الناس وما يحتاجون إليه في معيشتهم أن يخبرهم بذلك أبلغهم. وهذا من باب التعاون على البر والتقوى، وإذا امتنع المسلم عن ذلك أثم شرعا..

وتابعت: إذا حددت الحكومة أسعار ما يحتاجه الناس لمعيشتهم من طعام ولباس وغير ذلك، لدفع ظلم أسيادهم ومنع الضرر العام عن الناس، فيجب شرعا البيع بهذه. الأسعار، والبيع بأكثر منها يكون ظلماً محرماً شرعاً، وإذا حرم احتكار ما يحتاجه الناس فالاحتكار محرم شرعاً أيضاً. وهو رجس يجب إزالته، وعلى كل من يعلم أن هناك تجاراً يبيعون بأسعار زائدة عن الأسعار المقررة أو يخزنون ما يحتاجه الناس مما يحظر عليهم تخزينه أن يبلغوا الحكومة بذلك. أن تعمل على إزالة هذا المنكر وتغييره، فإنها لا تستطيع إزالته إلا إذا علمت به. وإذا كان منع الظالمين من ظلمهم وإزالة المنكر متوقفاً على إعلام الحكومة وإعلامها بها، وجب شرعاً على من علم أن يبلغها ويخبرها بذلك؛ لأن ذلك هو السعي لرفع الظلم، والسعي في رفع الظلم من أعظم أنواع البر. قال الله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”. [المائدة: 2]وكيف لا يكون هذا ظلما، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على تحريم الاحتكار، وهو حبس الشيء انتظارا لارتفاع ثمنه؟ وروى مسلم في «صحيحه» عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يحتكر إلا آثم». – المذنب المذنب -، وروى أحمد بن حنبل رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من دخل في شيء من “أسعار المسلمين من أجل أن يطردوها لهم، فحق على الله تبارك وتعالى أن يجتنبوا، فإنه في جهنم عظيمة يوم القيامة” – أي في مكان عظيم. من النار -، وروي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من احتكر مالاً يريد أن يبتزه على المسلمين فهو آثم. ” وهذا الحديث رواه الإمام البيهقي ونصه: “من احتكر أراد ابتزاز الشر”. وما فرض على المسلمين فهو خطأ. ولقد تحررت من حماية الله. وروى ابن ماجه عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «من يحتكر طعام المسلمين، فإن الله يحتكر طعامهم». “فضربه بالجذام والإفلاس” ونحو ذلك من الأحاديث.

وهذه الأحاديث مجتمعة تدل لفظا أو نصا على تحريم كنز الناس أرزاقهم وسائر ما يحتاجون إليه في معيشتهم، دون تمييز بين أرزاق الإنسان والحيوان وغيره، والتقييد بالتحريم. واحتكار أرزاق الإنسان والحيوان قيد لا دليل عليه. كيف والظاهر أن السبب ضرر. ويتحقق عند الناس في كل ما يحتاجون إليه، ولا يقوم معيشتهم بدونه.

هذا، وللحاكم أن يسعر ما يحتاجه الناس إذا كان هذا التسعير يعني إجبار التجار على القيام بما يجب عليهم استبداله بثمن المثل ومنعهم من أخذ ما يحرم عليهم الزيادة عليه، و وذلك إذا امتنع أصحاب البضائع عن بيعها عند حاجة الناس إليها، إلا بزيادة على القيمة المعلومة. وكما هو الحال مع التجار الآن؛ وفي هذه الحالة يجب عليهم بيعه بقيمة مثله، وليس للتسعير معنى سوى إلزامهم بالبيع بهذه القيمة، والتسعير هنا كما قال الشيخ ابن القيم في كتابه – “طرق الحكم في “السياسة الشرعية” – هي إلزامهم بالقيام بالعدل الذي أوجبهم الله عليه، وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو وآله صلى الله عليه وسلم الذي ترك التسعير، وقوله: (إن الله هو الثمن، القابض، الباسط) – رواه أبو داود – نوع من الحالات غير العامة؛ لأنه في هذه الحادثة، كما قال الشيخ ابن تيمية، لم يمتنع أحد عن بيع ما يحتاجه الناس. وفي هذه الحالة فإن التسعير، كما قال ابن القيم، جائز بل واجب. وإذا أسعارت الحكومة وجب العمل بما سعرته، ويحرم تجاوز السعر الذي حددته. لأن طاعة الحاكم واجبة بالكتاب العزيز والسنة الصحيحة وإجماع علماء المسلمين إذا أمر بما ليس بمعصية..

وفي الختام يقول الشيخ ابن تيمية في كتابه “الجامع في السياسات الإلهية” (ص41 ط.نخبة الأخبار): [ولو كان رجل يعلم مكان المال المطلوب بحق أو الرجل المطلوب بحق وجب عليه الإعلام به والدلالة عليه ولا يجوز كتمانه؛ فإن هذا من باب التعاون على البر والتقوى وذلك واجب.. إلى أن قال: فإذا امتنع هذا العالم من الإعلام بمكان المال المطلوب بحق أو الرجل المطلوب بحق جاز عقوبته بالحبس وغيره حتى يخبر به؛ لأنه امتنع من حق واجب عليه، وهذا مطرد فيما يتولاه الولاة والقضاة وغيرهم في كل مَن امتنع عن حق واجب عليه من قول أو فعل، وليس هذا من قبيل عقوبة الرجل بإثم غيره حتى يدخل في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 159]; بل يعاقب هذا الشخص بذنب نفسه، وهو أن يعلم مكان الظالم الذي طلب حضوره لاستيفاء الحق منه، أو يعلم مكان المال الذي يمكن أن تعود إليه حقوق المستحقين. تعلق، فامتنع عن المعونة والتأييد المطلوبين منه بالكتاب والسنة والإجماع؛ إما المحاباة والحماية لذلك الظالم، أو الإعراض عن إنصاف الله الذي أمر الله عز وجل به جبناً وتقصيراً وخذلاناً… إلى آخر ما قال]آه، وليس لدينا مثله. لما قاله الشيخ ابن تيمية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى