مقالات

بقلم : نجوى حجازي .

.

ربما لا أجد وصفاً دقيقاً لما يحدث في مصر اقتصادياً سوى أنه ( فيه حاجه غلط ) ، فحسب أحدث تقرير صدر عن بنك ( كريدي سويس ) ، وهو تقرير سنوي يتحدث عن ثروات الأمم ويجمع هذا التقرير بيانات الدول حتى عام ٢٠٢١.

وقد جاء في التقرير حسب الجزء الخاص بالدول العربية أن مصر قد احتلت المركز الثاني عربيا و٣٢ عالمياً بعد السعودية بصافي ثروة بلغ ١.٤ تريليون دولار .

وربما هذا التقرير يفسر الكثير من الأمور الهامة التي تحدث على أرض مصر اقتصادياً منذ عقود كثبات سعر الصرف ، وسعر الذهب في الأسواق الذي لا علاقة له إطلاقاً بسعر الذهب العالمي ، ففي هذه الأيام تحديداً نجد ارتفاعاً طارئاً في سعر الذهب عالمياً مع العديد من التكهنات بمواصلة الارتفاع في الأيام القادمة ، إلا أنك في مصر تسمع حكايات وأساطير حول هبوط سعر الذهب وأنه سيصل إلى أدنى مستوى حتى أنني بالصدفة رأيت مشهداً لواحد لم أسمع عنه من قبل يتحدث عن أن الذهب في الأشهر القادمة سيصل إلى أدنى مستوياته، حتى أنه سيعادل في سعره سعر الصفيح ، ولا عجب في ذلك فإذا كان الأمر يعود للتكهن فاعلم عزيزي المواطن أن الذهب هو الملاذ الآمن .

وحتى سعر الدولار بعد التعويم الأخير مازال سعره ليس السعر الحقيقي ولا أعلم كيف تستطيع الدولة إدارة هذا الأمر هكذا ولكنه على مايبدو لي أن مصر كما تحوي عجائب من الدنيا السبع فإنها تستطيع إدارة اقتصادها كأحد تلك العجائب .

وجاءت أخبار الاستثمارات الأخيرة مفرحة بالنسبة لي لأسباب عدة ، من أهمها أن مصر لا تملك الخبرة والإمكانات التي تمكنها من عمل مثل هذا النوع من الإنشاءات على أرض الواقع ، والدليل مقارنة ماتم من مشروعات على أرض الواقع في المدن الجديدة من شركات أجنبية مقارنة بالشركات المصرية ، نجد الفرق شاسع جداً ، ولا يعود ذلك لعجز المصريين عن الإبداع اطلاقاً ، وإنما يعود لطريقة التفكير وحتى التسويق ، فالشركات المصرية تضع أولاً وأخيراً هامش الربح ، وأما التفاصيل فليست مهمة ، شأنهم شأن الصناعات الغذائية والملابس وغيرها ، ولذا بث روح جديدة تنافسية سيخلق فكراً جديداً ، وطرقاً جديدة غير طريقة الرضا بالواقع التي فرضها الفكر المصري طويلاً على المواطن ، وأعتقد أن المواطن المصري أصبح أكثر وعياً وفهماً ورفضاً لما يبثه بعض الذباب الإلكتروني حول بيع مصر ، لأنه ببساطة صاحب القرار لو كان يريد بيعها لما بدأ باصلاحها من ناحية المرافق والطرق وخلافه .

ولكن هناك خط أحمر يتردد من خلاله سؤال تحوم حوله بعض الشكوك ، ألا وهو الدولة الشقيقة التي ستستثمر في رأس الحكمة والمعروف علاقة الأخوة بينها وبين أعداء الوطن ، هل هي من اختارت منطقة رأس الحكمة تحديداً ؟ وهل تم اختيار تلك المنطقة لقربها من مفاعل الضبعة ؟ وهل تقع منطقة الضبعة ضمن حدود تلك الاستثمارات ؟ وهل هناك مآرب من وراء تلك الاستثمارات بخلاف ذلك ؟ فأنا في حقيقة الأمر جغرافياً لا أعلم ولكن أعلم جيداً أننا تفوقنا على أنفسنا مخابراتياً ، ولن يخفى على أجهزة الدولة أن صديق عدوك هو عدوك الخفي ولكنه يظهر بثوب صديق .

ولأنني دائماً أرى مصر غنية بمواردها ، ولكن حكومتها تخشى عليها من الحسد ومن أعين الحاقدين ، فتبدو الإشارة الأخيرة لعمل ممر آخر لقناة السويس بعد الحديث عن دفعة القرض الجديدة لصندوق النقد وأموال مشروع رأس الحكمة ، هي إشارة غير موفقة وتبدو كعبارة عقبال عندكم لمن يذهب لتقديم العزاء ، فالشعب وصل لمرحلة الأنين ، يكتم الألم على أمل ، ينتظر الفرج على مضض ، وأنت تتحدث عن إنفاق مليارات جديدة لسنوات قادمة ، والشعب لا يعرف من أين يأتي بطعام الغد، فهذا كثير، وخاصة بعد التعويم الذي لم يمض عليه ساعات ، فكنت أرجو أن يكون الحديث عن سلع تموينية أضيفت أو توفرت بسعر قليل ، عن توافر البيض والدجاج واللحوم مثلا بأسعار قديمة ، لأنه للأسف هناك تجاهل تام من الحكومة لصغار هذا الجيل الذين خرجوا للحياة فحرموا أبسط حقوقهم في الغذاء الجيد الذي يبني عقولهم وأجسادهم ، فرفقاً بهؤلاء وذويهم ، ولابد أن نقف عند هؤلاء ونفكر أولاً في توفير ابسط حقوقهم في الحياة ، فإلى متى سيظل المواطن المصري يسعى فقط من أجل الحصول على الطعام الذي بالكاد يحصل عليه ، أما آن الأوان ليكون البحث عن الطعام آخر همه وليس كل حياته ، كانت هذه مجرد تكهنات …ويجعله عامر .

مقالات ذات صلة

‫14 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى