مقالات

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن الثقة الذاتية

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن الثقة الذاتية
بقلم \  المفكر العربي الدكتور  خالد محمود  عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس  ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن الثقة الذاتية ليست قضية هامشية؛ بل هي قضية مركزية في حياة الإنسان، فالإنسان حين يفقد ثقته في ذاته فإنه يجد صعوبة في تحقيق ما يريد، الإخفاق يطارد أولئك الأشخاص الذين دائمًا يشكُّون في قدراتهم ويسلبون الثقة من أنفسهم، فسلبُ الثقة يمنعك من معرفة قدراتك الحقيقية.
فأكبر عدو في تحقيق الإنجاز هو النظر للذات نظرة دونية؛ لكي تستمع بحياتك وتحقّق أحلامك لا تقف كثيرًا أمام ما يواجهك من صعوبات بحجة أنك غير قادر، أو لا تمتلك الموهبة لذلك، عليك أن تؤمن بما وهبك الله من طاقاتك وقدراتك، وعليك – أيضًا – أن تخاطر فإن فشلت فزد ثقتك بذاتك؛ فأنت اكتسبت خبرة لم تكن تملكها من قبل.
الثقة الذاتية ليست ادِّعاء يدّعيه المرء – وإن كان ذلك حسنًا – ولكنها فكر وممارسة، فكر داخلي ينبعث من الذات بشعور الذات بالثقة، وأنها – فعلاً – تمتلك الثقة الذاتية، وممارسة تظهر في السلوك وفي الحديث وفي لغة الجسد.
صفات وسلوك الواثق وغير الواثق من ذاته:
جهد بعض الخبراء في ذكر بعض صفات الواثقين من ذواتهم وناقصي الثقة، فخلصوا إلى أن صفات الواثق من ذاته أنه يعمل ما يراه صوابًا حتى وإن استهزأ منه الآخرون وانتقدوه، بخلاف من نقصت ثقتُه بنفسه فسلوكه يُبنى بما يعتقده الآخرون، فقد سلَّم زِمام نفسه للآخرين، فلا يقوى على مخالفتهم.
الواثق من نفسه تجده يتطلع لأخذ المخاطر والمغامرات ويذهب بعيدًا كي يحقّق أجمل ما يريد، ولا يتردد في تعلم واكتساب المهارات المطلوبة لذلك، فهو يقدر على مواجهة الصعاب، ويرى التحديات أمرًا لا مفرَّ منه، والنجاح يَكمُنُ خلف هذه التحديات، بينما من فقد ثقتَه يبقى في منطقة الراحة، يخشى من الإخفاق، وبالتالي يتجنب المغامرات والمخاطر.
الواثق من ذاته يعترف بخطئه، ويجدها فرصة جيدة للتعلم من أخطائه، بينما غير الواثق يعمل جاهدًا لتغطية أخطائه، ويأمل أن خطأه يزول قبل أن يكتشفه أحد، فهو لا يستفيد من أخطائه؛ لأنه لا ينظر فيها إلى السبب والنتيجة، بل ينظر كيف يتلافى أعين الناس، فهو همَّش ذاته في رؤية الخطأ.
الواثق من ذاته ينتظر من الآخرين أن يباركوا عمله، ويُهنئوه على إنجازاته، فهو يتعامل مع الثناء والإطراء دون ازدراء لذاته، بينما غير الواثق يشعر بالحرج من التمجيد والثناء، فهو يرى أنه غير أهل لذلك.
الإشكالية أن غير الواثق في ذاته لا يكتفي بذلك؛ بل يدمّر ذاته ويحطم قدراته، فهو لو كان يملك مواهب وقدرات عالية فلن يستفيد منها؛ لأنه ينظر لنفسه برؤية سلبية فيرى أعماله وإنجازاته لا تستحق الذكر فضلاً أن يطورها ويرتقي بها.
بناء الثقة الذاتية:
الثقة في الذات لها جمال أخَّاذ، فهي تسحر الآخرين وتجعلهم يكتسبون ثقتهم في أنفسهم حينما يرون شخصيات واثقة؛ ولذا كان من العلاج لمن يشعر بنقص الثقة الذاتية أن يصاحب الشخصيات الواثقة في ذواتها، فيتعلم منهم كيف يثق في نفسه؟ فالثقة الذاتية كما أنها تُفقَدُ فهي تُكتسَبُ، وهذا يعطي الأمل لمن فقد الثقة بذاته، ولو لم تكن الثقة الذاتية تكتسب لما كانت الكتابة في الثقة الذاتية تجدي.
هناك من يرى أن الثقة الذاتية تتحقق عن طريق التفكير الإيجابي، وهذه أداة عقلية لابد منها ولكن ليس الأمر يتوقف على هذا فحسب، بل لا بد من عمل حقيقي يجعل التفكير الإيجابي أمرًا لا مفرَّ منه، فوضع الأهداف والسعي لتحقيقها هو إحدى طرق بناء الثقة الذاتية.
علينا ونحن نسير نحو بناء ثقتنا في أنفسنا أن ندرك أن الأمر ليس بسيطًا وليس مستحيلاً، فالأمر يتطلب صبرًا، فلا توجد عصًا سحرية تغير الأمر في ثوانٍ معدودة.
الثقة الذاتية تأتي سريعًا مع أولئك الذين يحققون إنجازات صلبة وحقيقية، فالإنجاز إحدى وسائل بناء الثقة الذاتية، وهذا مؤثر خارجي ولكنه ضروري في اكتساب الرضا الذاتي وبالتالي الثقة الذاتية.
ولا يمكن أن يقول شخص ما: إنه ليس لدي إنجازات! بل إنجازاتنا كثيرة ولكننا لا نعرفها أو إننا نتغافل عنها، لا تحطم نفسك وتقول: إنك لم تحقق شيئًا! نحن لدينا القدرة في تحطيم أنفسنا أكثر من قدرتنا في بناء ثقة إيجابية، فمن السهل أن يقول الإنسان: أنا ما عملت كذا وكذا! ولكنه لا ينظر إلى الأشياء الكثيرة والرائعة التي عملها في حياته، فروح الأمل لديك إنجاز، وطيبة نفسك إنجاز، ومساعدتك للآخرين إنجاز، فكل عمل تعمله صغيرًا أم كبيرًا يعتبر إنجازًا، فتأمل ذاك الذي أماط الشوكَ عن الطريق كيف غفر الله ذنبه؟! فهو عمل عملاً صغيرًا لكنه في حقيقة الأمر هو كبير، كبير لأنه يهتم بالآخرين فيمنع عنهم الأذى، كبير لأنه يحقق مرضاة الله، فأي عمل خير تعمله لا تستحقره؛ بل اجعله في قائمة إنجازاتك التي تفتخر بها.
فحين تفقد الثقة بذاتك، أغمض عينيك وتأمل في إنجازاتك المادية والمعنوية، حتى ولو كانت صغيرة فهي إنجاز يستحق الاعتزاز.
لتبني ثقتك الذاتية عليك أن تذهب إلى أعماق قلبك، وابحث في ذاتك عما تريده أنت وليس ما يريده الآخرون، ابذل جهدًا كبيرًا في اكتشاف ذاتك، وستتعب في ذلك، ولكنك في النهاية ستعرف ما الأشياء التي تسعدك، والأشياء التي تود تحقيقها، حين تحدّدها اتَّجِهْ إليها حتى وإن خالفت رغبات الناس، فما دامت في دائرة المباح ولا تشين النفس ولا تخرم المرُوءة فاتَّجِهْ إليها واعمل على تحقيقها، حينها ستجد نفسك ترتقي وتعلو ثقة واطمئنانًا.
لتبني ثقتك الذاتية عليك أن لا تستجيب لكل الخواطر السلبية التي تقذفها أفكارك، بل تخلص منها واستبدل بها خواطر إيجابية، فحين تحدِّثُك نفسُك: أنت لست كهؤلاء؛ فأنت لا تمتلك القدرة…إلخ.
اعكس هذا، ودَعْ نفسَك تقول: أنا كهؤلاء بل أفضل، أنا لدي مواهب كثيرة لا يملكها كثير من الناس…الخ.
هذا الحديث الذاتي يزرع الثقة في الذات وتتخلص من عبء التحطيم الذاتي، فنحن مشكلتنا من ذواتنا وليس من الآخرين، فعلينا أن نصحح تصوراتنا عن أنفسنا، ونرسم تصورًا جميلاً؛ كي نعيش حياة كريمة.
لا تجعل أخطاءك تسلب ثقتك الذاتية؛ بل اجعل الخطأ فرصة لزيادة الثقة الذاتية، فالأخطاء هي تجربة ثرية لا يملكها كثير من الناس.
كن أقوى إنسان معززًا لذاته، والتعزيز الذاتي يجب أن يكون مستمرًّا ويكون بعبارات ملؤها الثقة واليقين والاطمئنان.
اشغل نفسك بالعمل، لا تكن فارغًا، فالفراغ يجعلك تفكر في نفسك كثيرًا، وهؤلاء ناقصو الثقة للأسف تفكيرهم سلبي؛ لذلك كن دائمًا في شغل، فحين تنتهي من عملك فابحث عن ما تفعله من أعمال تهواها وترغبها، حقّق ذاتك في مواهبك، حينها تجد أنك لا تجد معاناة من اكتساب الثقة الذاتية.
تلميحات بسيطة:
من المهم وأنت تسعى لبناء ثقتك الذاتية أن لا تتجاوز الحدَّ المنطقي في ذلك، فلا تحملك نفسُك في بناء ثقتك الذاتية إلى الاستخفاف بالآخرين والتعالي عليهم؛ فهذه علامة على عدم قدرتك على تحقيق ثقتك الذاتية، فالواثق من ذاته لا يتعالى ولا ينكسر أمام الآخرين؛ يعيش في حالة توازن فكري واعتدال نفسي، فلا تطغى عليه نفسُه فيغترَّ فيسقطَ في أسوأ من فقدان الثقة الذاتية إلى فقدان النفس الإنسانية، فالتوازن أمر ضروري وهو دلالة على الثقة الذاتية.
وأنت تسعى لبناء ذاتك لا تأخذ الأمر بشدة وقهر؛ بل اجعل ذلك الأمر ممتعًا، فالطريق طويل وحين تشد على نفسك وترهقها فأنت لا تصبر على طويل الطريق وستترك ملاحظة نفسك وتفقد ثقتك بذاتك.
دع الأمر أبسط ما يكون؛ كي تسير في مراقبة ذاتك وتصحح أخطاءك وسقطاتك بلطف.
حين تعجز عن تحقيق ثقتك الذاتية، فاتجه للخداع الذاتي، فاكذب على نفسك حتى تصدق كذبتك، فليس هناك حرج أن تخادع نفسك وتزيف الحقائق كي تصل لما تريد، فتظاهر بمظهر الواثق من نفسه ومارس ذلك حتى تكون لك عادة ثم تكون لك صفة.
فالبس لباسًا ليس فيه ابتذال، وقف وأنت رافع رأسك، واجلس وأنت معتدل القامة، وتكلم بصوت مسموع، وكن مبتسمًا طلق الوجه حينها سيغير هذا السلوك الخارجي الرؤية الذاتية وسينزع عنك لباس الضعف والخور وترتدي لباس الثقة والسعادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى