مقالات

لماذا تكرهون الموز

كتبت : نجوى حجازي .

كنت أقطن في إحدى شوارع منطقة سموحة بالإسكندرية قبل سفري خارج مصر ، وكان حارس العمارة من إحدى القرى وكان يهوى الزراعة ، فكنت كلما مررت من خلال الحديقة الصغيرة التي تحيط بالعمارة أشم رائحة الزهور وخاصة الفل الأبيض، وفي مرة من المرات لمحت ثمار الموز تتدلى من الحديقه فسألته إذا كان هو من قام بزراعة الموز فأجابني بنعم فابتسمت وطلعت إلى شقتي وأنا فخورة بعقلية هذا الحارس النشيط الذي لم يستغل وقته في الجلوس على الكرسي من أجل تتبع أخبار المارة والسكان ، بل كان مشغولاً بعمل مفيد ، وحدثت نفسي بأمنية فتمنيت أن يحذو الناس جميعاً حذوه ، وتمر الأيام إلى أن مررت من نفس المكان ووجهت نظري إلى شجرة الموز لأشاهد إلى أين وصلت ، فإذا بي لا أجدها !!!!فتعجبت وذهبت إلى الحارس لأسأله عنها فرد عليّ بأسى أن البلدية جاءت إليه وأزالتها …. فقلت له لماذا ؟ فقال لي ممنوع ؟!!!! فزادت دهشتي وكنت أود أن استفسر أكثر ولكنني وجدت الحارس لايريد الكلام فملامح وجهه التي يبدو عليها الضيق عبرت عما يجيش في صدره … فانصرفت وأنا لا أقل عنه ألماً وحيرة.

وتمر السنوات وهاهي الأحداث تتوالى وأقرأ الأخبار التي تنعي الجنيه ، واسمع صرخات الناس من الغلاء ، والخوف من المجهول الذي ينتظرهم في الغد .
وهذه الأخبار ذكرتني بشجرة الموز التي اقتلعتها البلدية ، والتي أرى أن ذلك الموقف يشبه ما يحدث تماماً ، فحكوماتنا مهما اختلفت أشكالها تنتهج نفس النهج وتسير بنفس الطريق حتى وصلنا إلى هذا الطريق المسدود . ولأنني لست من أنصار اللوم بلا إيجاد حلول لأنه لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب ، فقد علمتني مهنتي أنه لابد من التحايل على الظروف حتى ينجو الإنسان ويعبر إلى النجاح ، فأنا أرى أن أصعب أزمة تمر بالناس الآن هي تدبير الطعام ، فلم لا نشجع الناس على زراعة الشوارع والأسطح والساحات الفارغة في كل شبر من أرض مصر ، ألا تذكرون حديث النبي صلى الله عليه وسلم” إن قامت الساعة وبيد أحد منكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل

” .
أليس في كلام النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أن الخير في الغرس ، فالزراعة غرس وقول الحق غرس والتيسير على الناس غرس ، فلماذا تصعب الحكومة أمور الناس ، أين وزارة الزراعة لتبني هذه الفكرة ؟!!! لماذايتجه المسئولون دائماً إلى الترهيب لا الترغيب .لماذا يسبق الرفض القبول ونجعل الممنوع مرغوب ، يسروا على الناس تسهل حياتهم ، فرسول الله صلوات الله عليه وسلامه ما خُيّر بين أمرين إلا واختار أيسره ، وللأسف وصل الحال بالناس بسبب عدم إيجاد حلول من الحكومة لمشاكل الناس وتغيير القوانين المعقدة إلى أنهم وضعوهم أمام قوت يومهم ، فهل تعي الحكومة تبعات ذلك الأمر عندما يعجز الناس عن تسديد فواتير الكهرباء والغاز والمياه ، في مقابل توفير الطعام لهم ولأبنائهم ؟ هل نجحت سياسة الأخذ ؟ وماذا بعد أن أفلست تلك السياسة ؟!!!
فبالأمس سمعت عن السجن للمغتربين إذا ماتم ضبطهم يحولون أموالهم خارج البنك ، فقط سياسة العقاب إذا لم تنجح سياسة الأخذ ، وتناست الحكومة أن المواطن المغترب يتعامل في بلده وخارجها كمغترب ، يدفع أضعاف مايدفعه المواطن داخل بلده حتى في تعليم أبنائه ، ومع وجود أسباب كثيرة لست في معرض لذكرها لأننا نبحث عن حلول ،فلم لا تكون الحكومة أذكى من المواطن وتأخذه باللين بدلا من التصريحات التي ستجعل قيمة التحويلات بالسالب مع هذا النهج ، فقد كان على الحكومة تشجيع المغتربين بعمل قسائم بقيمة تحويلاتهم الدولارية مدعومة بسبيكة ذهبيه تحدد قيمتها حسب قيمة التحويلات سنويا إذا تم تحويلها من البنوك المصرية بالجنيه ، وهنا لن يفكر المغترب في فرق السوق السوداء لأن الذهب أموال تزيد قيمتها .

وسؤالي الأخير أما آن الأوان لزيادة رواتب العاملين في الدولة بالقطاعين العام والخاص لأنه لا يليق بالإنسان أن يقل دخله إذا زاد عمره وكثرت المسئوليات على عاتقه فماذا يفعل من كان راتبه ألفين أو ثلاثه آلاف من الجنيهات وهو يعامل في السلع معاملة الدولار ، فظني يأن الحكومةما غفلت هذا الأمر عندما اقترضت وحذفت الدعم عن معظم السلع ورفضت تعويم الجنيه ، لأن المواطن إذا لم يكن من أولويات خططها فتلك مصيبة اكبر بكثير من سؤالي لماذا تكرهون الموز؟

مقالات ذات صلة

‫39 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى