مقالات
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن النجاح
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن النجاح
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الفخري للمركز الدولي الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
مما لا شك فيه أن الناجحون في حياتهم يعتمدون بالأساس على صفتين محوريتين لنجاحهم، هما: العلم، والإرادة، وعلى أساس هاتين الصفتين تتفاوت مقامات الناس ومنازلهم..
فمنهم من هو قليل العلم، ضعيف الإرادة، وهؤلاء هم أقل الناس قدراً، ومنهم من لديه علم ولكنه ضعيف الإرادة والعزيمة، فهذا سيظل محبوساً في سجن ذاته، غير مستغل لقدراته وإمكاناته، ومن الناس من هو ضعيف العلم لكنه كثير المجهود، فهو يتخبط بجهده غير مستوضح هدفه ولا سبيله، وأما كمال مقامات الناس فهي إنما تتحقق بالعلم والعزيمة عندما يجتمعان.
إن اتصاف المرء بالعزيمة والطموح في ضوء نور معرفته لهدفه وسبيله، هو أقوى ما يمكن أن يتصف به فاعل ومؤثر.. فالعزيمة تدفع وتقوي، والطموح يبشر ويجذب نحو الهدف المعلوم..
كثير من المتساقطين في سبيل الحياة إنما يعود سبب سقوطهم لضعف عزائمهم، لأن معوقات الحياة كثيرة، وهي أكثر لمن أراد التغيير، فإذا كان سير الإنسان ضعيفاً وقوته ضعيفة وهمته ضعيفة فهو عندئذ نهب مستباح لذئاب العالم وقاطعي الطريق.
وقد أدرك النبي الأكرم -صلى الله عليه وسلم- هذا المفهوم، ومن ثم انطلق في حياته من عزيمة لا تعرف الكل، وعمل على تقوية العزائم في نفوس أصحابه وأمته، وحاول جاهداً أن يجعل لهم طموحاً متدرجاً نحو معالي الأمور، وكان كثيراً ما يقول في صلاته يدعو ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد)).
ويسأل ربه أن يثبته على ما تحقق من إنجاز، وأن يعطيه العزيمة على إكمال السبيل، سائلاً ربه أن تكون عزيمة رشيدة نافعة حكيمة عليمة..
المنهج الإسلامي حرص على بناء نفوس الأمة، على أن تكون نفوساً قوية أبية، تملؤها الإرادة، ولا يفت فيها الألم، ولا تتأثر بكثرة الضعفاء من حولها ولا بكثرة الأعداء حولها، وفي كل ذلك يربطها رباطا ًربانياً بإله السماء -سبحانه-، وهاهنا موقف يبين تماماً ما نريد شرحه وبيانه:
أوذي المسلمون في غزوة أحد، الغزوة الثانية التي لقي فيها -صلى الله عليه وسلم- أعداءه، وجرح النبي –صلى الله عليه وسلم-، وقتل عمه حمزة وآخرون ممن كان يحبهم، ومثل أعداؤه بجثث أصحابه وأحبابه، وجرح هو جروحاً متكاثرة، وألمّ الألم والحزن بجميع أصحابه، فمنهم من قتل، ومنهم من جرح ولا يزال جرحه ينزف دماً، ثم تنزل آيات القرآن على محمد –صلى الله عليه وسلم- يقرؤها على أصحابه وهي تقول: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)، فلا ينبغي عليكم أن تهنوا أو تحزنوا فيقعدكم الوهن أو الحزن عن سبيلكم الذي اخترتموه وهدفكم الذي سعيتم إليه.
وبالفعل، فقد دفن المسلمون أحزانهم في قلوبهم، ولم يستسلموا لمصابهم الذي حل بهم، وكان هذا الأذى الذي حدث للمسلمين في أحد فرصة انتهزها المنافقون وأعداء محمد –صلى الله عليه وسلم- ليقضوا عليه وعلى دعوته، وغلت مراجل المدينة والقبائل من حولها ترجو القضاء عليه..
إن أشد أعداء المرء هو انهزامه النفسي وضعفه الداخلي وعدم قدرته على تحمل الألم، فيصاب عندئذ بالنكوص والقعود.. لذا فقد اهتم محمد –صلى الله عليه وسلم- رغم ألمه وجراح رجاله أن يعيد لهم توازنهم النفسي والقلبي، ويخلصهم من أية آثار لما يمكن أن يكون انهزامية داخلية..
وعندئذ رأى -صلى الله عليه وسلم- أن يعيد تنظيم رجاله على عجل، وأن يتحامل الجريح مع السليم على تكوين الجيش من جديد، ليخرجوا في أعقاب عدوهم ليطاردوهم، ويمنعوا ما قد يجدون من تكرار عدوانهم عليهم.
وقد رأى عندها زعيم قريش أن يرسل الرعب والخوف في قلوب أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- ليعمق عندهم شعورهم بالانهزام ويستغل كونهم جرحى وقتلى، فأرسل رجالاً إليهم يخبرونهم أن قبائل العرب أجمع قد اجتمعت مع قريش ليستأصلوا شأفتهم وأنهم في الطريق إليهم!
بيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في تلك الحالة قبل التحدي، وجمع أصحابه في مكان يسمى “بحمراء الأسد”، ثلاث ليال كاملة يرفعون فيها الرايات ويستعدون للقاء عدوهم ويعلنون صلابتهم وعزيمتهم، حتى نزلت الآيات الكريمات وقرأها محمد –صلى الله عليه وسلم- على أصحابه، (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)..
لقد كان من أعظم مكاسب ذلك الموقف أن استرد المسلمون عزيمتهم وقوتهم النفسية، وتخلصوا سريعاً من آثار الهزيمة، وانطلقوا من جديد نحو مسيرتهم..
العزيمة عمل قلبي بالأساس، وإذا فقد القلب عزمه خارت قوى الجسد مهما كان قوياً، وقد تكون قوة الأعضاء متواضعة ولكن تقويها عزيمة القلب، وتصلبها إرادته، ويدعمها طموحه.
ومن هنا كان -صلى الله عليه وسلم- يركز في توجيهه لأصحابه نحو بناء العزيمة في نفوسهم، أن قلوبهم صاحبة القول النهائي في ذلك، وأنه لا بدّ من همه القلب قبل همة الأعضاء..
إنه في مواقف كثيرة، يخبرهم أن المرء قد يبلغ الدرجات العلى بهمه قلبه، حتى قبل أن تصل إليها جوارحه وأعضاء جسده، يقول في حديثه: ((من هم بحسنه فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنه)).
بل قد يتفوق المؤمن الفقير بهمته العالية على الغني كثير المال كما في قوله: ((سبق درهم مائة ألف درهم))، قالوا: “يا رسول الله! كيف يسبق درهم مائة ألف؟”، قال: ((رجل كان له درهمان، فأخذ أحدهما، فتصدق به، وآخر له مال كثير، فأخذ من عرْضها مائة ألف)).
فلكأن الإسلام هنا يبين أن الطريق إلى الله إنما يقطع بقوة العزيمة وعلو الهمة وتصحيح النية ودفق الطموح، وأن عملاً قليلاً قد يصل صاحبه بعزمه ونيته إلى أضعاف مضاعفة مما يقطعه قليل العزيمة ضعيف النية..
إنه يُعلمهم أن إرادة المرء تذهب مشقة الطريق، كما يعلمهم أن ضعف العزائم من ضعف حياة القلوب، وأن القلوب كلما كانت أتم حياة، كانت أكثر همة وعزيمة، وكما أن عزيمة القلب هي دليل على حياته، فإنها في ذات الوقت سبب إلى حصول حياة أكمل وأطيب، فإن الحياة الطيبة إنما تنال بالهمة العالية، والمحبة الصادقة، والإرادة الخالصة، فعلى قدر ذلك تكون الحياة الطيبة، وأخس الناس حياة أخسهم همة، وأضعفهم محبة وطموحاً.
إن الذين يربطون جهدهم بتحقيق إنجازات محدودة فحسب، يصيبهم الخور كثيراً، ففي كل فترة يحتاجون إلى بداية عزم جديد، وقد تنكسر منهم عزائمهم وتسكن إرادتهم بعد حدوث إنجازاتهم المحدودة..