مقالات

الشبشب رسالة أم إهانة ؟!!!!

بقلم : نجوى حجازي .

لأول مرة يبدو قلمي رافضاً التعبير عما يجول بخاطري ، وكأنه يسجل اعتراضه بامتناعه قائلاً أنا أترفع عن التعبير ، لأن كل ماتريدين التعبير عنه كتابة هو حق أصيل من حقوق أي إنسان لا يحتاج قلماً أو دواة .
وأخجل من قلمي حقيقة ، فقد تعود مني أن أحافظ عليه وعلى مكانته لدي ، فأحفظه داخل حقيبتي ، ولا أفرط فيه لأي مخلوق ، أضعه داخل علبته إذا ما انتقلت من مكان لآخر ، اتفقده بين الحين والآخر ، ربما فقد حبره ، لا أعيره لأي أحد إلا في أندر الحالات ولثوان معدودة لإنقاذ موقف أو لتوقيع مهم .
ولذا هو يرفض ما سأتحدث عنه لأنه يشعر بمقدار ما يؤلمني .
فأنا لا استطيع تصور الحال الذي وصل إليه الإنسان المصري على كافة المستويات من الناحية الماديه والاجتماعيه والنفسية والأخلاقية .
وفي الواقع أنا لا أدين المواطن المصري في شئ ، لأنني ادين القائمين على مصالحه واسجلها علانية .
فالحكومات المتعاقبة القائمة على مصالح هذا الشعب تشبه عروض الأزياء ، معروضات مختلفة بألوان وتفصيلات متنوعة لنفس الجسد النحيل .
فعلى الشعب أن يرسخ في ذهنه أن الفساد لابد أن يبقى ولا مجال للقضاء عليه مهما تعاقبت الحكومات ، فها هو اتحاد الفروسية في الأوليمبياد الفرنسيه يبهرنا بأنه قد حصل على مبلغ ١٩ مليون ويزيد دعماً من الحكومة المصرية من أجل المباريات ، في حين أن المشترك المصري الوحيد الكائن بأمريكا والمعروف باسم نائل نصار قد أعلن أنه قد قام بتحمل كل التكاليف الخاصة به وبنقل حصانه وإقامته ، ومن الواضح أن اتحاد الفروسية كان مشغولا بعمل الفواتير التي ستُقدم للحكومة فلم يهتم لأمر الحصان الذي كان سبباً في انسحاب نائل من المسابقة .
ولن اتطرق إلى المحسوبيات والوساطة في الكثير من الأمور التي شابت تلك الأولمبياد في أكثر من وجه ، فذلك الوجه القبيح للفساد لا يخص الجانب الرياضي فحسب ولكن بنظرة عميقة متفحصة لمحافظات مصر لن تجد جديداً على أي صعيد من الأصعدة فالنظافة والباعة الجائلين والمخالفات المرورية ومخالفة المحال التجارية والغش في الأسعار من العلامات المميزة لأي محافظة ، فالجو حر والمحافظون الجدد قد قاموا بفعل ما في وسعهم حين استلموا مهام وظيفتهم الجديدة فخرجوا لتصوير المشهد المعتاد في بعض الشوارع فصرخوا في وجه الغلابة ورفعوا بعض البضائع من الأرض وحبسوا بعض الغلابه الذين يبيعون الخبز في الخفاء وكفى ليبقى الحال على ماهو عليه لتبقى الأسرار داخل المكاتب والغرف المغلقه ، لتتعلق المشروعات الضخمة والشركات الغربية التي تأتي من أجل الاستثمار في مصر مثل الاستثمار في مشاريع النظافة مثلاً قيد القبول أو الرفض ليس من أجل أهميتها من عدمها ، وإنما من أجل أن النسبة التي يرتضيها المسئولين ليست مرضية في معظم الأحيان .
وأما عن الأحوال المعيشية فإذا حاولنا حساب ما ينفقه المواطن خلال الشهر وما يحصل عليه ، فستجد أن علماء الرياضة والفلك سينتابهم العجز عن حساب ذلك ،لأنه من المستحيل أن يعيش المواطن بذلك الدخل تحت أي مسمى ، وربما تحضرني قصة استوقفتني حد البكاء لامرأة مسنة لا دخل لها سوى الصدقات تعرفها والدتي وطلبت مني الذهاب إليها ، وظننت عند دخولي إليها أنها لا تملك ماء نظراً للأواني المملوءة بالماء في كل مكان من الحجرة التي تقطن فيها ، وبسؤالها من أجل مساعدتها لحل مشكلة المياه ردت عليّ برد أذهلني ألا وهو أن لديها ماء ولكنها تغلق المحبس خوفاً من فاتورة المياه !!!!!وهنا عجز الكلام عن الكلام ولن أطيل .
فهل تدري الحكومة إلى أي درجة وصل إليها حال المواطن بشكل عام هل المائة دولار كحد أدنى في الشهر تكفي لإقامة حياة كريمة أو حتى أقل من الكريمة ، ألا يحتاج الإنسان دواء كتباً ملابس نزهة طعاما يقتات به ، ماذا يفعل إذا كان نصف دخله تحصل عليه الحكومة ماء وكهرباء وغاز وضرائب ، ماذا يفعل بالنصف الآخر .
هل وصل الحال إلى العفو عن السارق لأنه لا مخرج آخر سوى السرقة !!!!!
كيف نزرع حب الوطن والولاء له في نفوس أطفال جوعى محرومين من كل نعم الحياة ، ونحن نصبرهم بأن البلد في مرحلة بناء ،ولكن على الجانب الآخر هناك ما يستفز مشاعرهم وأحاسيسهم من أبناء نفس الوطن ، وهنا لا عزاء إذا انحدرت القيم والمبادئ والأخلاق والتنازل عن أي شئ ، لأنه لا شئ يدعم إنسانية هؤلاء الأطفال وذويهم .
وما يزيد الطين بلّه ما يحدث كل يوم من ضيوفنا الغير أعزاء ، وكأنهم يثبتون المثل البسيط القائل واسمحوا لي بكتابته بالعامية ( من قال لها زوجها يا عوره لعبوا بها الكورة ) .
فإذا كان المواطن انحدر بمستواه على كافة الوظائف إلى أدنى درجات المستوى الاجتماعي ، فماذا ينتظر بعد ؟!!!!
وقد أجبرته الحكومة على تحمل كل الأعباء إضافة إلى عبء ضيوف لم يجدوا سوى الشبشب تعبيراً عما يستحقه المواطن من صبر وتحمل ظروف يعجز العقل عن تصورها .
فهل تعتقدون هذا الشبشب رسالة أم إهانة ؟!!!!!.

مقالات ذات صلة

‫35 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى