مقالات
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن النفوس مجبولة على حب الجمال
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن النفوس مجبولة على حب الجمال
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه أن النفوس مجبولة على حب الجمال، فقد فطرت على حب كل جميل من المخلوقات والانجذاب إليه والجمال صفة مدح فكم تغنى الشعراء بالجمال وأهله وفتنوا به.
يقول أحدهم:
رأيت بها بدرًا على الأرض ماشيًا
ولم أر بدرًا قطُ يمشي على الأرضِ
ويقول آخر:
يزداد توريد خديها اذا لحظت
كما يزيد نبات الارض بالمطرِ
فالورد وجنتها والبرق بسمتها
وضوء بهجتها أضوى من القمرِ
ويقول ثالث:
هذي العيونُ، وذلك القَدُّ
والشيحُ والريحان والنَّدُّ
هذي المفاتنُ في تناسُقها
ذكرى تلوح، وعِبْرَةٌ تبدو
سبحانَ من أعطَى، أرى جسدًا
إغراؤه للنفس يحتدُّ
عينانِ ما رَنَتا إلى رجل
إلا رأيتَ قُواه تَنْهَدُّ
من أين أنتِ، أأنجبتْك رُبًا
خُضرٌ، فأنتِ الزَّهر والوردُ؟
ولذا فكل إنسان يحرص أن يكون في أجمل صورة، في خلقته وحُلته، والحد المعقول من ذلك أمر محمود فالله جميل يحب الجمال، ودين الإسلام يدعو إلى الطهارة والجمال، لكن الأمر تجاوز ذلك الى ما يشبه الهوس فكم خسر الناس وخاصة النساء في هذه الأيام في سبيل التجميل والتجمل الكثير من الأموال، فمن تأمل حجم مصروفات الإنفاق على أدوات التجميل وعمليات التجميل أصابه الذهول، فقد ذكرت جريدة الشرق الأوسط في عددها (12737 السبت 08 ذو الحجة 1434 ه 12 اكتوبر 2013 ) أن حجم استهلاك السيدات السعوديات في الطب التجميلي ومنتجاته تجاوز 60 مليار ريال خلال عام 2011.
في مثل هذا الجو المشحون بتنافس شركات أدوات التجميل نكشف لعشاق الجمال أخطر سر للجمال عجزت عن تسويقه تلك الشركات وغفل عنه الكثير ممن يبحث عن الجمال ، ترى ما هو هذا السر؟
هذا السر هو العناية بجمال الباطن، فجمال الباطن يزيد الظاهر جمالًا وبهاءً وفساد الباطن يكسب الظاهر قبحًا وشينًا، وجمال الباطن إنما يكون بالأعمال الصالحة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا الحسن والجمال الذي يكون عن الأعمال الصالحة في القلب يسري إلى الوجه، والقبح والشين الذي يكون عن الأعمال الفاسدة في القلب يسري إلى الوجه، ثم إن ذلك يقوى بقوة الأعمال الصالحة والأعمال الفاسدة؛ فكلما كثُر البر والتقوى قوى الحسن والجمال، وكلما قوى الإثم والعدوان قوى القبح والشين، حتى ينسخ ذلك ما كان للصورة من حسن وقبح. فكم ممن لم تكن صورته حسنة ولكن له من الأعمال الصالحة ما عظم به جماله وبهاؤه، حتى ظهر ذلك على صورته[1].
ويؤكد هذا الإمام ابن القيم رحمه الله فيقول: فكل من لم يتق الله عز وجل في حسنه وجماله انقلب قبحًا وشينًا يشينه به بين الناس، فحسن الباطن يعلو قبح الظاهر ويستره، وقبح الباطن يعلو جمال الظاهر ويستره[2].
ولعلنا نكشف السر الأعظم لوصفة الجمال من خلال الأعمال التالية:
أولًا: سلامة القلب وصحته:
القلب ملك الأعضاء وفي صحته وسلامته ونوره سلامة الأعضاء وضياءها ونورها فعن حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ) رواه مسلم فالقلب السليم الصحيح ينكر الفتن فيسلم ظلمتها وتنكت فيه نكتة بيضاء فيزداد ضياءً ونورًا وإشراقًا ويتبعه البدن في ذلك.
ثانيًا: التزود والاستكثار من الأعمال الصالحة:
الأعمال الصالحة نور القلوب وحياتها ينعكس ذلك النور على الجوارح فيكسبها جمالًا وضياء وبهاء قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورًا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.
و الأعمال الصالحة كلها مصدرٌ لجمال الروح والبدن وهي كثيرة متنوعة وقد ورد في نصوص الوحيين أن بعضها مصدر للنور والضياء للقلوب والأبدان ومنها:
1- قراءة القرآن:
قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ﴾ [الشورى: 52].
قال ابن القيم رحمه الله: فلا روح إلا فيما جاء به ولا نور إلا في الاستضاءة به فهو الحياة والنور والعصمة والشفاء والنجاة والأمن [3].
وقال رحمه الله: فجمع بين الروح الذي يحصل به الحياة والنور الذي يحصل به الإضاءة والإشراق وأخبر أن كتابه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم متضمن للأمرين، فهو روح تحيا به القلوب ونور تستضئ وتشرق به [4].
2- ذكر الله عز وجل:
قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزمر: 22].
قال ابن القيم رحمه الله: إن الذكر ينور القلب والوجه والأعضاء وهو نور العبد في دنياه وفي البرزخ وفي القيامة[5].
3- الصلاة:
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَالصَّلاةُ نُورٌ…) رواه مسلم.
قال الشيخ ابن عثيمين: “وَالصَّلاةُ نورٌ” أي صلاة الفريضة والنافلة نور، نور في القلب، ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور في الحشر، لأن الحديث مطلق، وجرّب تجد.
قال ابن القيم: فالصلاة من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة ودفع مفاسد الدنيا والآخرة وهي منهاة عن الإثم ودافعة لأدواء القلوب ومطردة للداء عن الجسد ومنورة للقلب ومبيضة للوجه ومنشطة للجوارح والنفس وجالبة للرزق ودافعة للظلم ومنزلة للرحمة وكاشفة للغمة ونافعة من كثير من أوجاع البطن [6].
وقال رحمه الله: والصلاة مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، مطردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر مغذية للروح، منورة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للحركة، مبعدة من الشيطان، مقربة من الرحمن.
4- صلاة الفجر:
صلاة الفجر في بيت الله عز وجل من أعظم أسباب نور القلب والجوارح وكأنما توزع الأنور على العباد عند هذه الفريضة تأمل الدعاء الذي يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لصلاة الفجر فهذا عبدالله بن عباس رضي الله عنه يصف خروجه لصلاة الفجر فيقول: فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا )؛ رواه مسلم وفي رواية النسائي: (وَأَعْظِمْ لِي نُورًا). إن المتأمل لهذه الأدعية من النبي صلى الله عليه وسلم يتجلى له حرصه الشديد على أن يحوز أكبر قدرٍ من الأنوار، إشارة إلى أنه مقبل على مكان تملأه الأنوار، من وفد إليه حاز من تلك الأنوار على قدر اجتهاده وحرصه وطلبه.
5- الدعوة إلى الله ة تبليغ دينه:
تأمل هذه الدعوة النبوية التي أسداها رسول الله صلى الله عليه وسلم للداعين لهديه المبلغين لسنته حيث قال صلى الله عليه وسلم:( نضر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع) رواه أحمد والترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرءًا سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه، فربّ مبلغ أوعى من سامع) رواه الترمذي وصححه الألباني.
قال الخطابي: معناه الدعاء له بالنضارة وهي النعيم والبهجة… وقال السيوطي رحمه الله: (قال أبو عبدالله محمد بن أحمد بن جابر: (أي ألبسه الله نضرة ً وحسنًا وخلوص لون وزينة وجمالًا، أوصله لنضرة الجنة نعيمًا ونضارةً قال تعالى ﴿ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً ﴾ [الإنسان: 11]: ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾ [المطففين: 24].
وقال سفيان: ما من أحد يطلب حديثًا إلا وفي وجهه نضرة[7].
قال ابن القيم رحمه الله: فإن النضرة البهجة والحسن الذي يكساه الوجه من آثار الإيمان وابتهاج الباطن به وفرح القلب وسروره والتذاذه به فتظهر هذه البهجة والسرور والفرحة نضارة على الوجه ولهذا يجمع له سبحانه بين البهجة والسرور والنضرة[8].
يا طالب الجمال.. على قدر حرصك على الأعمال السابقة تعطى.
6- قيام الليل:
في الثلث الأخير من الليل ينزل الرب جل وعلا كل ليلة ليكسو الضياء والنور من وفق من عباده فيعلوهم الجمال والبهاء والحسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)؛ رواه البخاري ومسلم.
قيل للحسن رحمه الله: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهًا؟ قال لأنهم خلوا بنور الرحمن في الظلمة فألبسهم نورًا من نوره.
وقال عطاء الخرساني: قيام الليل محياة للبدن ونور في القلب وضياء في البصر وقوة في الجوارح وإن الرجل إذا قام من الليل يتهجد أصبح فرحًا يجد فرحًا في قلبه
وقال ابن القيم رحمه الله في: ترى الرجلَ الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة وإن كان أسودَ أو غيرَ جميل، ولا سيما إذا رُزِق حظًا من صلاة الليل فإنها تنوّر الوجه وتحسّنه، وقد كان بعضُ النساء تُكثر صلاة الليل، فقل لها في ذلك، فقالت: إنها تُحسّن الوجه، وأنا أحب أن يحسنَ وجهي..[9].
7- غض البصر:
قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30، 31].
قال ابن القيم رحمه الله: غض البصر وأنه يورث نورا في القلب ولهذا جمع الله سبحانه وتعالى بين الأمر به وبين ذكر آية النور فجمع الله سبحانه بين نور القلب بغض البصر وبين نوره الذي مثله بالمشكاة لتعلق أحدهما بالآخر. [10]
8- اعتياد المساجد والمكوث فيها:
المساجد محل الأنوار تأوي إليها ملائكة الرحمن التي خلقت من نور ويتلى فيها القرآن والقرآن نور وتقام فيه الصلاة والصلاة نور ، نور إثر نور كما أخبر الله في قول فِي: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 36 : 37] بعد قوله: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35].
قال ابن كثير رحمه الله: لما ضرب الله تعالى مثل قلب المؤمن، وما فيه من الهدى والعلم، بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقّد من زيت طيب، وذلك كالقنديل، ذكر محلها وهي المساجد، التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض، وهي بيوته التي يعبد فيها ويُوَحّد [11].
ثالثًا: البعد عن الذنوب والمعاصي:
الذنوب والمعاصي هي أس الخباث وأساس القبح، تأمل قول ابن عباس رضي الله عنه السابق: وإن للسيئة سوادًا في الوجه،، وظلمة في القلب… فإن العصية تفعل فعلتها في إلقاء الظلمة والسواد على وجوه اصحابها يقول ابن القيم عن أثار الذنوب ومِنْهَا: ظُلْمَةٌ يَجِدُهَا فِي قَلْبِهِ حَقِيقَةً يَحِسُّ بِهَا كَمَا يَحِسُّ بِظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ إِذَا ادْلَهَمَّ، فَتَصِيرُ ظُلْمَةُ الْمَعْصِيَةِ لِقَلْبِهِ كَالظُّلْمَةِ الْحِسِّيَّةِ لِبَصَرِهِ، فَإِنَّ الطَّاعَةَ نُورٌ، وَالْمَعْصِيَةَ ظُلْمَةٌ، وَكُلَّمَا قَوِيَتِ الظُّلْمَةُ ازْدَادَتْ حَيْرَتُهُ، حَتَّى يَقَعَ فِي الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ وَالْأُمُورِ الْمُهْلِكَةِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، كَأَعْمَى أُخْرِجَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ يَمْشِي وَحْدَهُ، وَتَقْوَى هَذِهِ الظُّلْمَةُ حَتَّى تَظْهَرَ فِي الْعَيْنِ، ثُمَّ تَقْوَى حَتَّى تَعْلُوَ الْوَجْهَ، وَتَصِيرُ سَوَادًا فِي الْوَجْهِ حَتَّى يَرَاهُ كُلُّ أَحَدٍ[12].
وقال رحمه الله: النفس النجسة الخبيثة يقوى خُبثها ونجاستها؛ حتى يبدوَ على الجسد، والنفس الطيبة بضدها، فإذا تجردت وخرجت من البدن وُجِدَ لهذه كأطيب نَفْحَة مسك وُجدت على وجه الأرض، ولتلك كأنتن ريح جِيفة وجدت على وجه الأرض[13].
هذه وصفت الجمال أضعها بين يدي طلاب الجمال ليفوزوا بجمال الباطن والظاهر، جمالًا من نوع فريد يملأ النفس أنسًا وسعادة ولذة وقرة عين، جمال من نوع آخر لا ينقطع أبدًا بل يواصل صاحبة رحلة الجمال حتى يدخل دار الجمال الأبدي جعلني الله وإياكم من أهلها حين يدور حوار عجيب بين أهل الجنة وأزواجهم فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ، وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا) رواه مسلم.
________________________________________
[1] الاستقامة ( 184-185).
[2] روضة المحبين ص 222.
[3] الصواعق المرسلة ( 1/ 152 ).
[4] إغاثة اللهفان ( 1/21 ).
[5] الوابل الصيب ص 64 .
[6] زاد المعاد ( 4/185).
[7] عون المعبود (10 /94).
[8] مفتاح دار السعادة ص89.
[9] روضة المحبين ( 1 / 222 ).
[10] روضة المحبين ص 295.
[11] تفسير ابن كثير ( 6 / 62 ).
[12] الجواب الكافي ص 54.
[13] إغاثة اللهفان ( 1/ 60 ).