مقالات

جنة الدنيا ونعيم الاخرة

جنة الدنيا ونعيم الآخرة 

بقلم الكاتب/ أحمد المغربي

علَّمتني تجارب الحياة وعرفت من مطالعة قصص الناجحين وقراءة الكثير من تعاليم الإسلام وسير أعلام النبلاء ومعاشرة أهل الفضل الكرام أنه لا شيء يعدل في الحياة السلامة النفسية وهي: أن يكون صدرك سليمًا لا يحمل حقدًا ولا غلَّا ونفسك طيِّبة لا تحمل كراهية ولا حسدًا لأي أحدٍ، أن يستوي ظاهرك وباطنك، وأن يتطابق فعلك وقولك، أن تتمنى الخير لنفسك وللناس أجمعين، وأن ترجو أن يدفع الله عنك الضرَّ وعن الآخرين، فإن أمسيت وحالتك هذه فقد كسبت خيري الدنيا والآخرة، وليس هناك أصدق من قول المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه لأستدل به؛ فهو لا ينطق عن الهوى، حيث رُويَ أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان جالساً مع أصحابه في المسجد فقال لهم: يطلعُ عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة وكررها ثلاث وفي كل مرة يدخل الرجل ذاته وهو صحابي من الأنصارِ تقطرُ لحيته ماءً من أثر الوضوء، وبعدما انفضَّ المجلس، قامَ عبدُ الله بن عمرو بن العاص إلى الأنصاريِّ الذي بشَّره سيدنا محمد ﷺ بالجنة وقال له: لقد تخاصمتُ مع أبي، وأقسمتُ أن لا أدخلَ عليه ثلاثة أيام، فإن رأيتَ أن تستضيفني عندكَ حتى تمضي هذه الأيام، فقال له: أهلاً ومرحباً، فمكثَ عنده عبد الله ثلاثة أيام فلم يَرَهُ يقوم من الليل شيئاً، وليس له في النهار زيادة عبادات عما كان يفعله الصحابة، ولمَّا انقضتْ الأيام الثلاثة، وكادَ عبد الله يستصغرَ عمل الأنصاري، قال له: لم يكُنْ بيني وبين أبي هجرٌ ولا خُصومة، غير أن النبيَّ ﷺ قال ثلاث مرات يدخل عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة، فكنتَ أنتَ في الثلاث، فأردتُ أن أعرفَ ما تفعل حتى نلتها، فقال الأنصاريُّ: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني أنام كل ليلة وقلبي صافٍ لا يكره أحدًا، ولا أجدُ في نفسي لأي امرئٍ من المُسلمين حقدًا ولا غِشِّاً، ولا أحسِدُ إنسانًا على خير أعطاه الله إياه، فقال له عبد الله: هذه التي بلغتْ بكَ وهي التي لا نُطِيقُ؛ أي وصلت لتلك المرتبة السامية بسلامتك النفسية التي هي محور حديثنا، أمَّا الكراهية والحقد والحسد بجانب أن ذلك سخط على قضاء الله وحكمه ومن أسباب دخول جهنم في الآخرة، فإنّ أيضًا تلك الصفات الذميمة تجعل الإنسان يعيش تعيسًا حسيرًا في الحياة، وتدفعه إلى ارتكاب المعاصي والجرائم؛ فأول جريمة قتل في هذه الدنيا كانت بسبب الحقد؛ حيث حقد قابيل على أخيه هابيل فقتله، وهبط أبليس من أعلى المراتب في السماء إلى الأرض ولعنه الله وغضب عليه بسبب الكبر والحقد، فالسلامة النفسية يا عزيزي هي جنة الدنيا حقًا؛ فصاحبها يعيش مرتاح البال هانئًا العيش مطمئن القلب قرير العين بينما الحقود الحسود يؤذي نفسه أولاً قبل أن يؤذي الآخرين لأنه؛ يعيش مهمومًا مغمومًا ساخطًا ولو ملك الدنيا وما فيها، ولا يشعر بنعم الله عليه ولا يفرح بما أتاه الله، وكل ما يشغل عقله ليس كيف يحقق هدفه وكيف ينجح في الحياة؟ بل طوال يومه يفكِّر في كيفية زوال نعم الآخرين التي أعطاهم الله إياها؛ فاللهم السلامة النفسية لي ولكم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى